للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ونفذت) إن آجر نفسه، أي صحت ومحل الكراهة إذا لم تكن الأجرة من وقف أو من بيت المال فلا كراهة.

(وأركانه) أي الحج (أربعة) أولها: (الإحرام) وهو نية مع قول أو فعل متعلقين به؛ كالتلبية والتجرد فلا ينعقد بمجرد النية والأرجح أنه ينعقد بمجردها.

(ووقته) المأذون فيه شرعاً (للحج) إظهار في محل الإضمار لزيادة الإيضاح أي ابتداء وقته له (شوال) من أول ليلة عيد الفطر، ويمتد (لفجر يوم النحر) بإخراج الغاية؛ فمن أحرم قبل فجره بلحظة وهو يعرفه [١] فقد أدرك الحج، وبقي عليه الإفاضة والسعي بعدها لأن الركن عندنا الوقوف بعرفة ليلاً، وقد حصل.

(وكره) الإحرام له (قبله): أي قبل شوال، وانعقد.

(كمكانه) أي كما يكره الإحرام قبل مكانه الآتي بيانه.

(و) وقت الإحرام (للعمرة أبداً) أي في أي وقت من العام (إلا لمحرم بحج) فلا يصح إحرامه بعمرة، إلا إذا فرغ من جميع أفعاله من طواف وسعي ورمي لجميع الجمرات إن لم يتعجل، وبقدر رميها من اليوم الرابع بعد الزوال إن تعجل فقوله: (فبعد الفراغ من رمي) اليوم (الرابع) بالفعل إن لم يتعجل أو بقدره إذا تعجل معناه إذا كان قدم طوافه وسعيه.

(وكره) الإحرام بها (بعده) أي بعد رميه اليوم الرابع (للغروب) منه، (فإن أحرم) بها بعده وقبل الغروب صح إحرامه (وأخر) وجوباً (طوافها) وسعيها (بعده) أي الغروب، وإلا لم يعتد بفعله على المذهب وأعادهما بعده، وإلا فهو باقٍ على إحرامه أبداً.

ثم شرع في بيان الميقات المكاني للإحرام بقوله:

(ومكانه): أي الإحرام (له): أي للحج غير القران أخذاً مما يأتي، يختلف باختلاف الحاجين.

فهو بالنسبة (لمن بمكة) سواء كان من أهلها أم لا، ولو أقام بها إقامة لا تقطع حكم السفر (مكة) أي: الأولى له أن يحرم من مكة في أي مكان منها، ومثلها من منزله في الحرم خارجها (وندب) إحرامه (بالمسجد) الحرام أي فيه موضع صلاته، ويلبي وهو جالس

ــ

لو جازت الإجارة عليه لأدى لضياع الشريعة مع أن معرفة أحكام الدين فرض عين على كل مكلف، وليس في القرآن فرض عين سوى الفاتحة؛ فلذلك رخص أخذ الأجرة فيه دون العلم.

قوله: [ونفذت إن آجر نفسه] إلخ: أي وإن كان مكروهاً، وإنما نفذت الوصية به في الحج وغيره، مراعاة لمن يقول بجواز النيابة، وهنا كلام طويل في خليل وشراحه تركه المصنف اتكالاً على معرفته من باب الإجارة والوصايا، ولكون إجارة الحج مكروهة في بعض المسائل، وفاسدة في بعضها، لم يعتن بتفصيلها وقد أجاب بذلك هو رضي الله عنه.

قوله: [وأركانه أي الحج] إلخ: اعلم أن الركن هو ما لا بد من فعله، ولا يجزئ عنه دم ولا غيره وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة. وهذه الأركان ثلاثة أقسام: قسم يفوت الحج بتركه ولا يؤمر بشيء: وهو الإحرام. وقسم يفوت بفواته ويؤمر بالتحلل بعمرة وبالقضاء في العام القابل وهو الوقوف، وقسم لا يفوت بفواته ولا يتحلل من الإحرام ولو وصل لأقصى المشرق أو المغرب رجع لمكة ليفعل: وهو طواف الإفاضة والسعي والثلاثة غير السعي متفق على ركنيتها، وأما السعي فقيل بعدم ركنيته وإن كان ضعيفاً، وبه قال أبو حنيفة.

وزاد ابن الماجشون في الأركان: الوقوف بالمشعر الحرام ورمي العقبة، والمشهور أنهما غير ركنين، بل الأول مستحب والثاني واجب يجبر بالدم. وحكى ابن عبد البر قولاً بركنية طواف القدوم، والحق أنه واجب يجبر بالدم. واختلف في اثنين خارج المذهب وهما: النزول بالمزدلفة، والحلاق. والمذهب عندنا أنهما واجبان يجبران بالدم فهي تسعة بين مجمع عليه ومختلف فيه في المذهب وخارجه. قال (ح): ينبغي للإنسان إذا أتى بهذه الأشياء أن ينوي الركنية ليخرج من الخلاف، وليكثر الثواب - أشار له الشبيبي اهـ (بن) نقله محشي الأصل.

قوله: [والأرجح أنه ينعقد بمجردها]: أي ويلزمه دم في ترك التلبية والتجرد حين النية على ما سيأتي تفصيله.

قوله: [ووقته المأذون فيه]: أي الذي يجوز فيه من غير كراهة بدليل ما يأتي.

قوله: [فمن أحرم قبل فجره بلحظة]: أي فالمراد أن الزمن الذي ذكره ظرف متسع للإحرام فيه إلى أن يبقى على فجر يوم النحر لحظة يدرك بها الإحرام فيصير مضيقاً.

قوله: [وانعقد]: أي على المشهور لأنه وقت كمال، بخلاف الصلاة فإنها تفسد قبل وقتها، لأنه وقت للصحة والوجوب.

قوله: [كمكانه]: أي ولكن ينعقد اتفاقاً.

قوله: [إلا لمحرم بحج]: أي ومثله محرم بعمرة فلا تنعقد عمرة على حج، ولا على عمرة المحرم، ولا يلزمه شيء في ذلك فلو قال إلا لمحرم بنسك لكان أولى.

قوله: [وإلا لم يعتد بفعله]: أي إن فعل بها قبل الغروب شيئاً من طواف أو سعي - ومنه الدخول للحرم بسببها - فيعيد جميع ما فعله. فإن تحلل منها بالطواف والسعي قبل غروب الرابع، ووطئ أفسد عمرته فيتمها وجوباً ويقضيها ويهدي ويفتدي لكالحلق.

قوله: [غير القران]: شمل كلامه المفرد الذي لم يتحلل من عمرته في أشهر الحج، والمتمتع الذي تحلل من عمرته في أشهر الحج وأحرم بحج مفرداً.

قوله: [ومثله من منزله في الحرم خارجها]:


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (بعرفة)، ولعله الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>