للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يفتقر إلى ضميمة قول أو فعل كتلبية وتجرد على الأرجح.

(أو أبهم) عطف على مقدر: أي عين نيته في أحدهما أو فيهما أو أبهم في إحرامه أي نيته، بأن لم يعين شيئاً بأن نوى النسك لله تعالى من غير ملاحظة حج أو عمرة أو هما، فينعقد ولكن لا بد من البيان بعد (وندب) إن أبهم (صرفه): أي تعيينه [١] (لحج) فيكون مفرداً (والقياس) صرفه (لقران): لأنه أحوط لاشتماله على النسكين كالناسي (وإن نسي) ما عينه؛ أهو حج أو عمرة أوهما (فقران) فيهدي له، (ونوى الحج): أي جدد نيته وجوباً لأنه إن كان نواه أولاً فهذا تأكيد له، وإن كان نوى العمرة فقد أردف الحج عليها، فيكون قارناً وإن كان نوى القران لم يضره تجديد نية الحج؛ فعلى كل حال هو قارن أي يعمل عمله ويهدي له.

(وبرئ منه فقط) لا من العمرة لاحتمال أن يكون نوى أولاً الحج، والثانية تأكيد (ولا يضره): أي الناوي لشيء معين (مخالفة لفظه) لنيته كأن نوى الحج فتلفظ بالعمرة إذ العبرة بالقصد لا اللفظ، (والأولى تركه) أي اللفظ بأن يقتصر على ما في القلب؛ (كالصلاة) لا يضرها مخالفة اللفظ لما نواه، والأولى تركه (ولا) يضر (رفضه): أي رفض أحد النسكين بل هو باق على إحرامه، وإن رفضه -أي ألغاه- بخلاف رفض الصلاة أو الصوم فمبطل كما تقدم فيهما.

ثم شرع في بيان واجبات الإحرام وسننه ومندوباته فقال:

(ووجب) بالإحرام (تجرد ذكر من محيط) بضم الميم، وسواء كان الذكر مكلفاً أم لا والخطاب يتعلق بولي الصغير والمجنون، وسواء كان المحيط بخياطة كالقميص والسراويل أم لا كنسج أو صباغة، أو بنفسه كجلد سلخ بلا شق ومفهوم "ذكر" أن الأنثى لا يجب عليها التجرد وهو كذلك، إلا في نحو أساور وستأتي المسألة مفصلة إن شاء الله تعالى في فصل محرمات الإحرام.

ــ

والعمرة.

قوله: [ولا يفتقر إلى ضميمة قول] إلخ: أي افتقاراً تتوقف الصحة عليه فلا ينافي أنهما واجبان غير شرط على المعتمد.

قوله: [من غير ملاحظة حج] إلخ: أي بأن يقول: "أحرمت لله، فقط.

قوله: [ولكن لا بد من البيان بعد]: وحينئذ فلا يفعل شيئاً إلا بعد التعيين.

قوله: [أي تعيينه لحج]: أي إن وقع الصرف قبل طواف القدوم، وقد أحرم في أشهر الحج. وإن كان قبلها صرفه ندباً لعمرة، وكره لحج. فإن طاف صرفه للإفراد، سواء كان في أشهر الحج أم لا. قال في الذخيرة ولو أحرم مطلقاً ولم يعين حتى طاف، فالصواب أن يجعله حجاً ويكون هذا طواف القدوم لأن طواف القدوم ليس ركناً في الحج، والطواف ركن في العمرة، وقد وقع قبل تعيينهما اهـ (بن) نقله محشي الأصل.

قوله: [والقياس صرفه لقران] إلخ: أي إلا أنه غير معول عليه لمخالفته للنص.

قوله: [ونوى الحج] إلخ: قال في حاشية الأصل: الذي يدل عليه كلامهم أن من نسي ما أحرم به لزمه عمل القران؛ سواء نوى الحج - أي أحدث نيته - أم لا. وبراءته من الحج إنما تكون إذا أحدث نيته؛ فإن لم ينوه لم تبرأ ذمته من عهدة الحج، ولا من العمرة إذ ليس محققاً عنده حج ولا عمرة. ومحل نية الحج إذا حصل شكه في وقت يصح فيه الإرداف؛ كما لو وقع قبل الطواف أو في أثنائه أو بعده وقبل الركوع. وأما لو حصل بعد الركوع أو في أثناء السعي فلا ينوي الحج، إذا لا يصح إردافه على العمرة حينئذ، بل يلزمه عمرة ويستمر على ما هو عليه. فإذا فرغ من السعي أحرم بالحج، وكان متمتعاً إن كانت العمرة في أشهر الحج اهـ. ولا يحلق رأسه حتى يتم أفعال الحج لاحتمال أن المنسي حج ويلزمه دم لتأخير الحلاق، لاحتمال أن المنوي ابتداء عمرة - تأمل.

قوله: [مخالفة لفظه]: أي ولو عمداً فليس كالصلاة، ولا دم لهذه المخالفة على قول مالك المرجوع عنه. والمرجوع إليه: أن عليه الدم ووافقه ابن القاسم، لكن قال خليل في منسكه: الأول أقيس.

قوله: [كالصلاة]: تشبيه في الأولوية، وليس بتام لأن تعمد المخالفة في الصلاة مبطل لها بخلاف الحج كما تقدم.

قوله: [ولا يضر رفضه]: أي ولو حصل في أثناء أفعال الحج أو العمرة، فإذا رفض إحرامه في أثنائه قبل أن يأتي بباقي أفعاله المطلوبة كالسعي والطواف ثم أتى بها، فصحيحة. بخلاف رفض الطواف والسعي إذا وقع في أثنائهما، فيرتفض كل، ويكون كالتارك له فيطلب بغيره وأصل الإحرام لم يرتفض، ونص عبد الحق: فإذا رفض إحرامه ثم عاد للمواضع التي يخاطب بها ففعلها لم يحصل لرفضه حكم، وأما إن كان في حين الأفعال التي تجب عليه نوى الرفض وفعلها بغير نية - كالطواف ونحوه - فإنه يعد كالتارك لذلك - كذا في (بن). اهـ. من حاشية الأصل.

تنبيه: في جواز إحرام الشخص كإحرام زيد وعدمه قولان: فعلى الأول: لو تبين أن زيداً لم يحرم لزمه هو الإحرام ويكون مطلقاً يخير في صرفه لما شاء، وكذا لو مات زيد أو لم يعلم ما أحرم به أو وجده محرماً بالإطلاق على ما استظهره كذا في الأصل.

قوله: [ووجب بالإحرام تجرد ذكر]: ذكر هذه المسألة هنا رداً على القائل بأن التجرد مما تتوقف صحة الإحرام عليه، فبين أنه واجب غير شرط كالتلبية على المعتمد.

قوله: [مكلفاً أم لا]: لكن محل تعلق الخطاب بتجرد الصغير إن كان مطيقاً لذلك، وإلا فلا يؤمر وليه بتجريده، وتقدم الكلام على ذلك في قوله فيحرم الولي عن كرضيع ومطيق وجردا قرب الحرم.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (تعينه).

<<  <  ج: ص:  >  >>