للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) عند (ملاقاة رفاق) أو رفقة.

(و) ندب (توسط في علو صوته) فلا يسرها، ولا يرفع صوته جداً حتى يعقره (و) ندب توسط (فيها) أي في ذكرها فلا يترك حتى تفوته الشعيرة ولا يوالي حتى يلحقه الضجر.

(فإن تركت) التلبية (أوله): أي الإحرام (وطال) الزمن طولاً كثيراً؛ كأن يحرم أول النهار ويلبي وسطه (فدم)، لما تقدم أن وصلها بالعرف واجب وقوله: (للطواف) غاية لقوله: "وتجديد" إلى آخره أي يندب تجديدها وإعادتها إلى أن يدخل المسجد الحرام ويشرع في طواف القدوم، فيتركها (حتى) أي إلى أن (يطوف) للقدوم، (ويسعى) بعده، وقيل: يتركها بدخوله مكة حتى يطوف ويسعى، (فيعاودها) بعد فراغه من السعي ما دام بمكة.

(وإن بالمسجد) الحرام أي فيه ويستمر على ذلك (لرواح) أي وصول (مصلى) أي مسجد (عرفة بعد الزوال من يومه) أي يوم عرفة.

فغاية التلبية مقيدة بقيدين الوصول لمسجد عرفة وكونه بعد الزوال من يوم عرفة فإن وصل قبل الزوال لبى إلى الزوال، وإن زالت الشمس قبل الوصول لبى إلى الوصول، فعلم أنه إن وصل عرفة قبل يومها -كما يفعل غالب الناس الآن- فإنه يستمر على التلبية حتى يصلي الظهر والعصر جمع تقديم يومها، فإذا صلاهما قطعها وتوجه للوقوف مع الناس متضرعاً مبتهلاً بالدعاء، وجلاً خائفاً من الله، راجياً منه القبول، ولا يلبي كما يفعله غالب الناس الآن هذا فيمن أحرم بالحج من غير أهل مكة ولم يفته الحج وأما المعتمر ومن أحرم من مكة، أو فاته الحج.

فأشار لهم بقوله: (ومحرم مكة) أي والمحرم منها لكونه من أهلها أو مقيماً بها ولا يكون إلا بحج مفرداً لما تقدم من أنه إن كان قارناً أو معتمراً أحرم من الحل (يلبي بالمسجد مكانه) أي في المكان الذي أحرم منه. وظاهر أنه يؤخر سعيه بعد الإفاضة إذ لا قدوم عليه ويستمر يلبي إلى رواح مصلى عرفة بعد الزوال كما تقدم.

(ومعتمر الميقات) من أهل الآفاق (وفائت الحج): أي المعتمر الذي فاته الحج - بأن أحرم أولاً بحج ففاته بحصر أو مرض، فتحلل منه بعمرة كل منهما يلبي (للحرم)،

ــ

وزاد ابنه: " لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك لبيك والرغباء إليك"، وهذه التلبية تكره في غير الإحرام لقول التهذيب: كره مالك أن يلبي بها من لا يريد الحج، ورآه سخافة عقل.

وأما إجابة الصحابة للنبي بالتلبية فهي من خصائصه - كذا في التوضيح، قال (بن): وهو غير مسلم، والظاهر - كما قال ابن هارون: إن الذي كرهه الإمام إنما هو استعمال تلبية الحج في غيره، كاتخاذها ورداً كبقية الأذكار لما فيه من استعمال العبادة في غير ما وضعت له، وأما مجرد قول الرجل لمن ناداه: لبيك، فلا بأس به، بل هو أحسن أدباً وفي الشفاء عن عائشة: «ما ناداه - صلى الله عليه وسلم - أحد من أصحابه ولا أهل ملته إلا قال: لبيك»، وبه يرد قول ابن أبي جمرة أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك معهم. اهـ من حاشية الأصل.

قوله: [وعند ملاقاة رفاق]: أي فتكون شعارهم تغني عن التحية، ولذلك قالوا: يكره السلام على الملبي.

قوله: [وندب توسط فيها] إلخ: ويقال مثل ذلك في تكبير العيد وكل مندوب مرغب فيه من الأذكار، لأن خير الأمور أوساطها.

قوله: [فإن تركت التلبية أوله]: ومثل الترك والطول في الدم ما لو تركها رأساً كما تقدم، ومفهوم الظرف أنه إذا تركها في أثنائه لا شيء عليه كما في التوضيح، وصرح به عبد الحق والتونسي وصاحب التلقين وابن عطاء الله، قالوا أقلها مرة وإن قالها ثم ترك فلا دم عليه، قال (ح): وشهر ابن عرفة وجوب الدم. ونصه: فإن لبى حين أحرم وترك ففي لزوم الدم ثالثها إن لم يعوضها بتكبير وتهليل. وقال ابن العربي: وإن ابتدأ بها ولم يعدها فعليه دم في أقوى القولين؛ فتحصل أن في المسألة أقوالاً ثلاثة.

قوله: [فيعاودها بعد فراغه من السعي]: أي استحباباً كما قيل، وفي المجموع: وعاودها وجوباً بعد سعي، فإن لم يعاودها أصلاً فدم على المعول عليه. اهـ. وتقدم أن هذا قول ابن العربي.

قوله: [أي مسجد عرفة]: بالفاء لأنه كائن فيها، ويقال أيضاً عرنة بالنون مكان غير عرفة، وأضيف المسجد له لمجاورته لها لأن حائطه القبلي بلصقها.

قوله: [فغاية التلبية مقيدة] إلخ: أي فمتى وجد القيدان تمت التلبية ولا يعاودها أصلاً، هذا هو الذي رجع إليه مالك والمرجوع عنه: أنه يستمر يلبي إلى أن يصل لمحل الوقوف، ولا يقطع إذا وصل لمصلى عرفة، قال في الحاشية: لو أحرم من مصلى عرفة فإنه يلبي إلى أن يرمي جمرة العقبة إذا كان إحرامه بعد الزوال. فإن أحرم منها قبله فإنه يلبي للزوال بمنزلة من أحرم من غيرها. اهـ. فإذا علمت ذلك فتكون القيود ثلاثة.

قوله: [إن وصل عرفة قبل يومها]: أي وخالف المشروع من كونه يخرج يوم الثامن إلى منى قدر ما يدرك بها الظهر، فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيت بها حتى يصلي الصبح، ثم يرتحل يومها لعرفة فإن هذا متروك الآن.

قوله: [ولا يلبي] إلخ: أي فينهى عن التلبية حيث كان مالكياً، وأما من كان مذهبه يرى ذلك فلا نتعرض له.

قوله: [هذا فيمن أحرم بالحج]:

<<  <  ج: ص:  >  >>