للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يتمادى للبيوت، فعلم أن الحرم من الميقات بالحج ولو قارناً يلبي للبيوت أو للطواف على ما تقدم، والمعتمر منه للحرم.

(و) المعتمر (من) دون الميقات (كالجعرانة) والتنعيم يلبي (للبيوت) لقرب المسافة، فالتلبية في العمرة أقل منها في الحج.

(والإفراد) بالحج (أفضل) من القران والتمتع، لأنه لا يجب فيه هدي، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حج مفرداً على الأصح.

(فالقران) يلي الإفراد في الفضل، وفسره بصورتين أشار للأولى بقوله: (بأن يحرم بهما): أي العمرة والحج معاً بأن ينوي القران أو العمرة والحج بنية واحدة (وقدمها): أي العمرة في النية والملاحظة وجوباً إن رتب، وندباً في اللفظ إن تلفظ.

الثانية: أن ينوي العمرة، ثم يبدو له فيردف الحج عليها، ولا يصح إرداف عمرة على حج لقوته فلا يقبل غيره، وإليها أشار بقوله: (أو يردفه) أي الحج (عليها) أي العمرة، بأن ينويه بعد الإحرام بها قبل الشروع في طوافها أو (بطوافها) قبل تمامه ومحل صحة إردافه (إن صحت) العمرة لوقت الإرداف، فإن فسدت بجماع أو إنزال قبل الإرداف، لم يصح.

ووجب إتمامها فاسدة، ثم يقضيها وعليه دم (وكمله) أي الطواف الذي أردف الحج على العمرة فيه، وصلى ركعتيه وجوباً، (و) لكن (لا يسعى) هذه [١] العمرة (حينئذ) أي حين أردفه عليها بطوافها؛ لأنه صار غير واجب لاندراج العمرة في الحج فالطواف الفرض لهما هو الإفاضة ولا قدوم عليه لأنه بمنزلة المقيم بمكة، حيث جدد نية الحج فيها والسعي يجب أن يكون بعد طواف واجب، وحينئذ فيؤخره بعد الإفاضة، واندرجت العمرة في الحج في الصورتين، فيكون العمل لهما واحداً.

(وكره) الإرداف (بعده) أي الطواف، وصح قبل الركوع، بل (ولو بالركوع) أي فيه (لا بعده) فلا يصح لتمام غالب أركانها إذ لم يبق عليه منها إلا السعي.

ــ

أي مفرداً أو قارناً.

قوله: [ولا يتمادى للبيوت]: أي خلافاً لابن الحاجب، والمراد بالحرم: الحرم العام لا خصوص المسجد، خلافاً لمن زعم ذلك - كما هو تقرير مؤلفه وسياقه هنا.

قوله: [أقل منها في الحج]: أي لأنه يتركها في العمرة عند الحرم تارة، وعند رؤية البيوت تارة، ولا يعاودها بخلافها في الحج الذي لم يفته، فإنه يستمر للطواف ويعاودها عقب السعي.

قوله: [والإفراد بالحج أفضل] إلخ: قال في المجموع: وعده ابن تركي في الأمور التي في تركها دم وهو ظاهر اهـ. وظاهر كلام الشارح أفضليته ولو كان معه سعة من الوقت، خلافاً لما رواه أشهب عن مالك في المجموعة: أن من قدم مكة مراهقاً فالإفراد أفضل في حقه، وأما من قدم بينه وبين الحج طول زمان فالتمتع أولى له وخلافاً لما قاله اللخمي من أن التمتع أفضل من الإفراد والقران، ولما قاله أشهب وأبو حنيفة من أن القران أفضل من الإفراد، لأن عبادتين أفضل من عبادة.

قوله: [فالقران يلي الإفراد]: أي وإن كان القران يسقط به طلب النسكين؛ لأنه قد يكون في المفضول ما لا يكون في الفاضل.

قوله: [فلا يقبل غيره]: أي من حج أو عمرة فلا يرتدف عليه حج آخر ولا عمرة كما قال خليل: "ولغا عمرة عليه كالثاني في حجتين أو عمرتين".

قوله: [أو بطوافها قبل تمامه]: أي عند ابن القاسم، خلافاً لأشهب القائل إذا شرع في الطواف فات الإرداف.

قوله: [لم يصح]: أي عند ابن القاسم، ولا ينعقد إحرامه بالحج ولا قضاء عليه فيه قاله سند. وهو باق على عمرته، ولا يحتج حتى يقضيها، فإن أحرم بالحج بعد تمامها وقبل قضائها صح حجه ولو فسدت في أشهر الحج ثم حج من عامه فمتمتع، وحجه تام وعليه قضاء عمرته، كذا في الأجهوري اهـ من حاشية الأصل.

قوله: [والسعي يجب أن يكون بعد طواف واجب]: أي وجوباً غير شرط كما يأتي من أن شرط صحته تقدم طواف، وكون الطواف واجباً غير شرط.

قوله: [فيؤخره بعد الإضافة]: أي وجوباً، فإن قدمه أجزأ ويؤمر بإعادته بعد طواف ينوي فرضيته ما دام بمكة، فإن تباعد عنها لزمه دم وسيأتي ذلك.

قوله: [فيكون العمل لهما واحداً]: خلافاً لأبي حنيفة في إيجابه على القارن طوافين وسعيين، بل لا يلزم المحرم القارن أن يستحضر عند إتيانه بالأفعال المشتركة في الحج والعمرة أنها لهما، بل لو لم يستشعر العمرة أجزأ.

قوله: [لا بعده فلا يصح]: أي ويكون لاغياً وأما بعد السعي وقبل الحلاق فحج مؤتنف بعد عمرة تمت، وإن كان لا يجوز القدوم على ذلك لاستلزام تأخير حق العمرة للتحلل من الحج، ويلزمه هدي للتأخير، فلو حلق بعد إحرامه بالحج وقبل فراغه من أفعاله لزمه فدية وهدي. والحاصل: أن الواجب أصالة ترك الإحرام بالحج حتى يحلق للعمرة، فإن خالف ذلك الواجب وأحرم به قبل حلاقها وبعد سعيها صح ولزمه تأخير الحلق للفراغ من الحج وأهدى لترك ذلك الواجب، فإن قدم الحلق قبل الفراغ لزمه فدية لإزالة الأذى وهو محرم وهدي، لعدم تعجيل الحلق قبل الإحرام.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لهذه).

<<  <  ج: ص:  >  >>