للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) ندب (خروجه) بعد انقضاء نسكه (من كدى) بضم الكاف مقصوراً اسم لطريق يمرون منها على الشيخ محمود وإذا دخل المسجد (فيبدأ بالقدوم) أي بطوافه (ونوى وجوبه) ليقع واجباً.

(فإن نوى) بطوافه (نفلاً أعاده) بنية الوجوب وفي التعبير بالإعادة تسامح؛ لأنه لم يأت بالواجب من أصله كمن عليه صلاة واجبة وصلى نفلاً، فالواجب باق في ذمته، (وأعاد السعي) الذي سعاه بعد النفل ليقع بعد واجب (ما لم يخف فوتاً) لحجه إن اشتغل بالإعادة، (وإلا) بأن خاف الفوات ترك الإعادة لطوافه وسعيه، و (أعاده) أي السعي (بعد الإفاضة وعليه دم) لفوات القدوم، فإن لم يأت به بعدها أعاد له الإفاضة، وأعاده بعدها ما دام بمكة، فإن تباعد فدم كما تقدم فيمن ليس عليه قدوم إذا قدَّم سعيه.

(ووجب للطواف مطلقاً) -واجباً أو نفلاً- (ركعتان) بعد الفراغ منه (يقرأ فيهما) ندباً (بالكافرون) بعد الفاتحة في الركعة الأولى، (فالإخلاص) في الثانية (وندباً) أي إيقاعهما (بالمقام) أي مقام إبراهيم (و) ندب (دعاء) بعد تمام طوافه وقبل ركعتيه (بالملتزم) حائط البيت بين الحجر الأسود وباب البيت يضع صدره عليه، ويفرش ذراعيه عليه ويدعو بما شاء ويسمى الحطيم أيضاً (و) ندب (كثرة شرب ماء زمزم) لأنه بركة (بنية حسنة) فقد ورد: «ماء زمزم لما شرب له» أي من علم أو عمل أو عافية أو سعة رزق ونحو ذلك (و) ندب (نقله) إلى بلده وأهله للتبرك به.

(وشرط صحة الطواف) فرضاً أو نفلاً: (الطهارتان) طهارة الحدث، وطهارة الخبث كالصلاة (وستر العورة) كالصلاة في حق الذكر والأنثى (وجعل البيت عن يساره) حال طوافه لا عن يمينه ولا تجاه وجهه أو ظهره.

(وخروج كل البدن) أي بدن الطائف (عن الشاذروان) بفتح الذال المعجمة وإسكان الراء المهملة: بناء لطيف من حجر أصفر يميل إلى البياض ملصق بحائط الكعبة محدودب طوله أقل من ذراع فوقه حلق من نحاس أصفر دائر بالبيت، يربط بها أستار الكعبة يلعب بها بعض جهلة العوام كأنهم يعدونها فيفسد طوافهم.

(و) خروج كل البدن أيضاً عن (الحجر) بكسر الحاء وسكون الجيم أي حجر إسماعيل

ــ

أي باب وتوصل للكعبة من تلك القوصرة فقد أتى بالمندوب.

قوله: [من كدى بضم الكاف] إلخ: أبدى بعضهم الحكمة في الدخول من المفتوح والخروج من المضموم وهي الإشارة إلى أنه يدخل طالباً الفتح وملتمساً العطايا، فإذا خرج يضم ما حازه ويكتم أمره ولا يشيع سره.

قوله: [فإن نوى بطوافه نفلاً]: أي بأن اعتقد عدم وجوبه كما يقع لبعض الجهلة، وأما إن لم ينو وجوبه وهو يعتقد لزومه فلا إعادة عليه.

والحاصل أنه متى نوى الوجوب أو لم ينو شيئاً ولكن اعتقد وجوبه فلا إعادة، وأما إن لم ينو شيئاً وكان ممن يعتقد عدم لزومه؛ أو اعتقد الوجوب ونوى به النفلية فيلزمه إعادته.

قوله: [ووجب للطواف مطلقاً]: أي على أحد القولين والآخر أنهما تابعان للطواف.

قوله: [يقرأ فيهما ندباً بالكافرون] إلخ: الكافرون مجرور بالحكاية، وإنما خص هاتين السورتين لاشتمالهما على التوحيد في مقام التجريد.

قوله: [المقام]: أي خلفه بحيث يكون المقام بينه وبين الكعبة، ويلزم من ذلك فعلهما في المسجد، لأن المقام وسطه، فلو صلاهما خارج المسجد أجزأ وأعادهما ما دام على وضوء.

قوله: [ويسمى الحطيم أيضاً]: أي لأنه يحطم الذنوب وما دعي فيه على ظالم إلا وحطم. وقيل الملتزم اسم للمكان الكائن بين الكعبة وزمزم، فعلى هذا يكفي الدعاء في أي بقعة منه.

قوله: [ماء زمزم لما شرب له]: أي فيحصل ما قصده بالنية الحسنة لنفسه أو لغيره.

قوله: [وندب نقله]: أي وخاصيته باقية خلافاً لمن يزعم زوال خاصيته.

قوله: [كالصلاة]: فإن شك في الأثناء ثم بان الطهر لم يعد.

قوله: [في حق الذكر والأنثى]: قال بعض والظاهر من المذهب صحة طواف الحرة إذا كانت بادية الأطراف، وتعيد استحباباً ما دامت بمكة أو حيث يمكنها الإعادة وقيل لا إعادة عليها.

قوله: [وجعل البيت من يساره]: المراد عن يساره وهو ماش مستقيماً جهة أمامه، فلو جعله عن يساره إلا أنه رجع القهقرى من الأسود إلى اليماني لم يجزه، قال الحطاب حكمة جعل البيت عن يساره ليكون قلبه إلى جهة البيت، ووجهه إلى وجه البيت، إذ باب البيت هو وجهه، فلو جعل الطائف البيت عن يمينه لأعرض عن باب البيت الذي هو وجهه، ولا يليق بالأدب الإعراض عن وجوه الأمثال.

قوله: [بفتح الذال المعجمة] إلخ: أي كما ضبطه النووي، وقال ابن فرحون: بكسر الذال المعجمة.

قوله: [فيفسد طوافهم]: أي لدخول بعض البدن في هواء البيت، وما ذكره هو الذي عليه الأكثر من المالكية والشافعية. وذهب بعضهم إلى أنه ليس من البيت، قال الحطاب: وبالجملة فقد كثر الاضطراب في الشاذروان، فيجب على الشخص الاحتراز منه في طوافه ابتداء، فإن طاف وبعض بدنه في هوائه أعاد ما دام بمكة، فإن لم يذكر ذلك حتى بعد عن مكة فينبغي أنه لا يلزمه الرجوع مراعاة لمن يقول إنه ليس من البيت - كذا في حاشية الأصل، ولكن يلزمه هدي كما قرره المؤلف.

قوله: [وخروج كل البدن أيضاً عن الحجر]: أي لقول مالك في المدونة: ولا يعتد بالطواف داخل الحجر، خلافاً لما مشى عليه خليل من

<<  <  ج: ص:  >  >>