للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن أصله من البيت وهو الآن محوط ببناء من حجر أصفر يميل إلى البياض على شكل القوس، تحت ميزاب الرحمة من الركن العراقي الذي يلي باب الكعبة إلى الركن الشامي طوله نحو ذراعين، ليس ملتصقاً بالكعبة، بل له باب من عند العراقي، وباب من عند الشامي يدخل الداخل من هذا ويخرج من الآخر، والمطاف خارج الحجر مبلط برخام نفيس من كل جهة وإذا كان خروج كل البدن شرط صحة (فينصب المقبل) للحجر الأسود (قامته) بأن يعتدل بعد التقبيل قائماً، ثم يطوف؛ لأنه لو طاف مطأطئاً كان بعض بدنه في البيت فلا يصح طوافه.

(و) شرط صحة الطواف (كونه سبعة أشواط) من الحجر للحجر فلا يجزئ أقل.

وكونه (داخل المسجد) فلا يجزئ خارجه.

وكونه متوالياً (بلا كثير فصل، وإلا) بأن فصل كثيراً لحاجة أو لغيرها (ابتدأه) من أوله، وبطل ما فعله.

(وقطع) طوافه وجوباً ولو ركناً (لإقامة) صلاة (فريضة) لراتب، إذا لم يكن صلاها، أو صلاها منفرداً وهي مما تعاد، والمراد بالراتب: إمام مقام إبراهيم وهو المعروف الآن بمقام الشافعي، وأما غيره فلا يقطع له لأنه بمنزلة غير الراتب، كذا قيل (و) إذا أقيمت عليه أثناء شوط (ندب) له (كمال الشوط) الذي هو فيه، بأن ينتهي للحجر ليبني على طوافه المتقدم من أول الشوط، فإن لم يكمله ابتدأ في موضع خروجه قال ابن حبيب: ويندب له أن يبتدئ ذلك الشوط (وبنى) على ما فعله من طوافه بعد سلامه، وقبل تنفله فعلم أن الفصل بصلاة الفريضة لا يبطله، بخلاف النافلة والجنازة.

وكذا لا يبطله الفصل لعذر كرعاف؛ ولذا شبه في البناء قوله: (كأن رعف) فإنه يبني بعد غسل الدم بالشروط التي تقدمت في الصلاة من كونه لا يتعدى موضعاً قريباً لأبعد منه، وأن لا يبعد المكان في نفسه وأن لا يطأ نجاسة.

(و) بنى (على الأقل إن شك) هل طاف ثلاثة أشواط أو أربعة مثلاً إذا لم يكن مستنكحاً، وإلا [١] بنى على الأكثر (ووجب) للطواف (ابتداؤه من الحجر) الأسود (و) وجب له (مشي لقادر) عليه (كالسعي) أي كما يجب المشي للسعي على القادر (وإلا) يمش -بأن ركب أو حمل- (فدم) يلزمه (إن لم يعده) وقد خرج من مكة، فإن أعاده ماشياً بعد رجوعه له من بلده فلا دم عليه فإن لم يخرج من مكة فهو مطلوب بإعادته ماشياً ولو طال الزمن، ولا يجزيه الدم والسعي كالطواف فيما ذكر، ومفهوم: "لقادر" أن العاجز لا دم عليه ولا إعادة وما مشى عليه الشيخ من أن المشي سنة فيه مسامحة.

ــ

تخصيصه بستة أذرع منه؛ فإنه خلاف نص المدونة كما علمت.

قوله: [لأن أصله من البيت]: أي ولذلك «قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: صلي في الحجر إن أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروه حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت».

قوله: [فلا يجزئ أقل]: أي وأما لو زاد فقال الباجي: ومن سها في طوافه فبلغ ثمانية أو أكثر فإنه يقطع ويركع ركعتين للأسبوع الكامل، ويلغي ما زاد عليه ولا يعتد به. وهكذا حكم العامد، في ذلك انظر الحطاب. وبهذا تعلم ما في (عب) والخرشي من بطلان الطواف بزيادة مثله سهواً، وبمطلق الزيادة عمداً كالصلاة من أنه مخالف للنص، وقياسهما له على الصلاة مردود بوجود الفارق، لأن الصلاة لا يخرج منها إلا بسلام، بخلاف الطواف فالزيادة بعد تمامه لغو - كذا في حاشية الأصل، ولذلك اقتصر شارحنا على عدم الإجزاء في الأقل وسكت عن الزيادة.

قوله: [فلا يجزئ خارجه]: أي ولا فوق سطحه، وأما بالسقائف القديمة وهي محل القباب المعقودة الآن ووراء زمزم وقبة الشراب فيجوز للزحمة لا لكحر وبرد فيعيد ما دام بمكة، وإلا فدم كذا في المجموع، فلو طاف في السقائف لزحمة ثم زالت الزحمة في الأثناء وجب كماله في المحل المعتاد كان الباقي قليلاً أو كثيراً. فلو كمله في محل السقائف فهل يطالب بإعادة ما فعله بعد زوال الزحمة، أو يؤمر بإعادة الطواف كله؟ قال في الحاشية والظاهر الأول.

واعلم أنه كان في الصدر الأول سقائف في المسجد الحرام بدلها بعض السلاطين من بني عثمان بقباب معقودة، وأما السقائف الموجودة الآن خلف القباب فالطواف بها باطل لخروجها عن المسجد.

قوله: [بأن فصل كثيراً]: أي ولو كان الفصل لصلاة جنازة، بل صلاة الجنازة مبطل للطواف ولو قل الفصل، لأنها فعل آخر غير ما هو فيه، ولا يجوز القطع لها اتفاقاً. قال في الأصل: ما لم تتعين، فإن تعينت وجب القطع إن خشي تغيرها وإلا فلا يقطع، وإذا قلنا بالقطع فالظاهر أنه يبني كالفريضة كذا قالوا رضي الله عنهم اهـ. وأما لو قطع لنفقة نسيها، فإن لم يخرج من المسجد بنى، وإلا ابتدأه.

قوله: [كذا قيل]: تقدم في الجماعة الخلاف فيه فانظره.

قوله: [بخلاف النافلة] إلخ: أي فإنه يبطل الفصل بها ولو يسيراً لأنها عبادة أخرى. وتقدم التفصيل في الجنازة. قوله: [كأن رعف فإنه يبني]: أي بخلاف ما لو علم بنجس أو سقطت عليه نجاسة. فإنه لا يبني بل يبطل ويبتديه، خلافاً لما مشى عليه خليل. وأما إن لم يعلم بالنجس إلا بعد الفراغ فلا إعادة عليه، وإنما يعيد ركعتيه إن كان الأمر قريباً ولما ينتقض وضوؤه، فإن طال أو انتقض وضوؤه فلا شيء عليه لخروج وقت الفراغ منهما.

قوله: [وبنى على الأقل] إلخ: أي ويعمل بإخبار غيره ولو واحداً.

قوله: [ووجب للطواف ابتداؤه] إلخ: فإن ابتدأه من غيره ولم يعده لزمه دم.

قوله: [فيه مسامحة]: أي لحكمه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (إلا).

<<  <  ج: ص:  >  >>