للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتم في محله ويقصر غيرهم. (وإن قدمتا): أي المغرب والعشاء عنها أي عن المزدلفة (أعادهما بها) أي المزدلفة ندباً (إلا المعذور) أي المتأخر عن الناس لعذر به أو بدابته (فبعد الشفق) يصليهما جمعاً (في أي محل) كان هو فيه. وهذا (إن وقف مع الإمام) والناس بعرفة، (وإلا) انفرد بوقوفه عنهم، (فكل) من الفرضين يصليه (لوقته) المغرب بعد الغروب، والعشاء بعد الشفق قصراً.

(ووجب نزوله بها) أي بالمزدلفة بقدر حط الرحال وصلاة العشاءين، وتناول شيء من أكل [١] أو شرب. فإن لم ينزل فدم. (وندب بياته) بها (وارتحاله) منها (بعد صلاة الصبح) فيها (بغلس) قبل أن تتعارف الوجوه. (و) ندب (وقوفه بالمشعر الحرام): محل يلي مزدلفة جهة منى (مستقبلاً) للبيت جهة المغرب لأن هذه الأماكن كلها شرقية مكة بين جبال شواهق يقفون به (للدعاء) بالمغفرة وغيرها، (والثناء) على الله تعالى (للإسفار و) ندب (إسراع) دون الجري يهرول الماشي ويحرك الراكب دابته (ببطن محسر) بضم الميم وفتح الحاء المهملة [٢] وكسر السين المهملة مشددة: واد بين المشعر الحرام ومنى بقدر رمية الحجر بالمقلاع من قوي. (و) ندب (رميه العقبة) أي جمرتها (حين وصوله) لها على أي حالة بسبع حصيات يلتقطها من المزدلفة، (وإن راكباً) ولا يصبر للنزول. (و) ندب (مشيه): أي الرامي (في غيرها): أي غير جمرة العقبة يوم النحر. فيشمل العقبة في غير يوم النحر. (وحل بها) أي بالعقبة أي برمي جمرتها كل شيء يحرم على المحرم (غير نساء وصيد، وكره) له (الطيب) حتى يطوف طواف الإفاضة. وهذا هو التحلل الأصغر.

(و) ندب (تكبيره) بأن يقول: "الله أكبر" (مع) رمي (كل حصاة) من العقبة أو غيرها من باقي الأيام. (و) ندب (تتابعها): أي الحصيات بالرمي؛ فلا يفصل بينها بمشغل من كلام أو غيره. (و) ندب (لقطها) بنفسه أو غيره من أي محل إلا العقبة فمن المزدلفة، ويكره أن يكسر حجراً كبيراً، كرمي بما رمى به. (و) ندب (ذبح) لهدي (وحلق قبل الزوال) إن أمكن، وهذا محط الندب وإلا فكل منهما واجب. (و) ندب (تأخيره) أي الحلق (عن الذبح والتقصير) لشعر الرأس (مجز) للذكر عن الحلق. (وهو): أي التقصير (للمرأة): أي سنتها؛ ولا يجوز لها الحلق إن كانت كبيرة لأنه مثلة في حقها.

(تأخذ) المرأة أي تقص (من جميع شعرها نحو) أي قدر (الأنملة) من الأصبع.

(و) يأخذ (الرجل) إن قصر (من قرب أصله) أي الشعر، (وأجزأه الأخذ من الأطراف) لجميع الشعر نحو الأنملة وأخطأ (لا) يجزئ (حلق البعض) من شعر الرأس للذكر، ولا تقصير البعض للأنثى وهو مجز عند غيرنا كالمسح في الوضوء. فإذا رمى العقبة ونحر وحلق أو قصر نزل من منى لمكة لطواف الإفاضة. ولا تسن له صلاة العيد بمنى ولا بالمسجد الحرام، لأن الحاج لا عيد عليه. وما يقع الآن من صلاة العيد بالمسجد الحرام بعد رميهم جمرة العقبة فعلى غير مذهبنا.

الركن (الرابع) من أركان الحج: (طواف الإفاضة): سبعة أشواط بالبيت

ــ

إليها - قاله النووي.

قوله: [يتم في محله ويقصر غيرهم]: أي وأما الجمع بعرفة ومزدلفة فهو سنة للجميع.

قوله: [بقدر حط الرحال] إلخ: أي فالمدار على مضي قدر ما ذكره. وإن لم يفعل شيئاً من ذلك.

قوله: [وقوفه بالمشعر الحرام]: تبع في الندب خليلاً، والمعتمد أن الوقوف بالمشعر سنة كما قال ابن رشد، وشهره القلشاني. بل قال ابن الماجشون: إن الوقوف به فريضة كما تقدم.

قوله: [محل يلي مزدلفة]: أي وهو المسجد الذي على يسار الذاهب لمنى الذي بين جبل المزدلفة والجبل المسمى بقزح، وإنما سمي مشعراً لما فيه من الشعائر أي الطاعات ومعالم الدين ومعنى الحرام أي الذي يحرم فيه الصيد وغيره كقطع الأشجار لأنه من الحرم.

قوله: [للإسفار]: أي فقط، ويكره الوقوف للطلوع.

قوله: [ببطن محسر]: قيل سمي بذلك لحسر أصحاب الفيل فيه، والحق أن قضية الفيل لم يكن بوادي محسر بل كانت خارج الحرم كما أفاده أشياخنا. فإذا كان كذلك فانظر ما حكمة الإسراع.

قوله: [حين وصوله لها]: هذا هو مصب الندب، وأما رميها في حد ذاته فواجب. ومحل ندب رميها حين الوصول إذا وصل لها بعد طلوع الشمس، فإن وصل قبل الطلوع انتظر طلوع الفجر وجوباً، ويستحب له أن يؤخر حتى تطلع الشمس، لأن وقت رميها يدخل بطلوع الفجر، ويمتد إلى الغروب كما يأتي. قوله: [يلتقطها من المزدلفة]: أي كما هو الندب، فلو التقطها من منى كفاه.

قوله: [غير نساء]: هذا في حق الرجال ويقال في حق النساء غير رجال وصيد.

قوله: [وندب تأخيره] إلخ: اعلم أنهم أجمعوا على مطلوبية الأمور الأربعة التي تفعل في يوم النحر وهي الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الإفاضة على هذا الوجه، إلا أن ابن الجهم من أئمتنا استثنى القارن فقال: لا يحلق حتى يطوف، لاحظ عمل العمرة، والعمرة يتأخر فيها الحلق عن الطواف. ومطلوبية الحلق ولو في حق من لا شعر له أصلاً فيجري الموسى على رأسه لأنه عبادة تتعلق بالشعر فتنتقل للبشرة عند عدمه كالمسح في الوضوء، ومن برأسه وجع لا يقدر على الحلاق أهدى. قال بعضهم: فإن صح وجب عليه الحلق، والحلق يجزئ ولو بالنورة خلافاً لأشهب القائل بعدم الإجزاء.

قوله: [والتقصير لشعر الرأس]: أي إن لم يكن لبد شعره وإلا تعين الحلق. ونص المدونة: ومن ضفر


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (فيها).
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>