أي أمره سيده (بإفلاته فظن) الغلام (القتل): أي ظن أنه أمر بقتله فقتله والجزاء على السيد ولو لم يتسبب في اصطياده على أرجح التأويلين، وأما العبد فإن كان محرماً أو بالحرم فعليه جزاء أيضاً وإلا فلا، فإن أمره السيد بالقتل فقتله فعليه جزاءان إن كانا محرمين وواحداً إن كان المحرم أحدهما.
(و) الجزاء (بسببه) أي بسبب الإتلاف (كحفر بئر له) أي للصيد، فوقع فيها فهلك، أو نصب شرك له بالأولى مما تقدم أنه نصب شركاً أو حفر بئراً لسبع فوقع فيه صيد، فلو اقتصر على ما تقدم لفهم منه هذا بالأولى، وقد يقال: هذا أعم، لأن المراد السبب بأي وجه بدليل ما بعده (أو طرده فسقط) فمات (أو فزعه) مصدر مجرور بالكاف المقدرة كالذي قبله (منه)، أي من المحرم فسقط الصيد (فمات) قاله ابن القاسم. وقال أشهب: لا جزاء في هذا وإن كان لا يؤكل، واستظهر وهو معنى قول الشيخ "والأظهر والأصح خلافه" (لا) جزاء بسبب (حفر بئر لكماء) أي لإخراج ماء ونحوه، فتردى فيه صيد فمات.
(أو دلالة) من محرم على صيد بحل أو حرم، فلا جزاء على الدال.
(أو رمي) من حلال (له) أي للصيد وهو (على فرع) أي غصن في الحل (أصله) أي أصل ذلك الفرع (بالحرم) فلا جزاء، ويؤكل نظراً لمحله، ولذا لو كان الفرع في الحرم وأصله في الحل لكان عليه الجزاء بلا نزاع.
(أو) رمي من حلال (بحل) أي فيه فأصابه فيه، (فتحامل) الصيد بعد الإصابة ودخل الحرم (ومات فيه) فلا جزاء، ويؤكل نظراً لوقت الإصابة لا لوقت الموت، ولو لم ينفذ مقتله في الحل عند اللخمي.
(وتعدد) الجزاء (بتعدده) أي الصيد ولو في رمية واحدة.
(أو) بسبب (تعدد الشركاء فيه) أي في قتله، فعلى كل واحد منهم جزاء.
(ولو أخرج) الجزاء (لشك) في موت صيد جرحه أو ضربه (فتبين موته بعده) أي بعد الإخراج (لم يجزه)، وعليه جزاء آخر؛ لأنه تبين أنه كان إخراجه قبل وجوبه، بخلاف ما لو تبين موته قبل الإخراج أو لم يتبين شيء.
(وليس الدجاج والإوز بصيد): فيجوز للمحرم ومن في الحرم ذبحها وأكلها (بخلاف الحمام): ولو الذي يتخذ في البيوت للفراخ فإنه صيد لأنه من أصل ما يطير في الخلاء، فلا يجوز للمحرم ذبحه فإن ذبحه أو أمر بذبحه فميتة.
(وما صاده محرم) أو من في الحرم بسهمه أو بكلبه أو بغير ذلك، (أو صيد له)
ــ
يلزمه ما بين القيمتين، أي وهو أرش النقص كما لو كانت قيمته سليماً ثلاثة أمداد، ومعيباً مدين فيلزمه مد وهو ما بين القيمتين على هذا القول.
قوله: [أي أمر سيده]: أي بالقول أو بالإشارة.
قوله: [فظن الغلام القتل]: مفهومه لو شك في أمره له بالقتل ثم قتله كان الجزاء على العبد وحده كما يفيده كلام اللخمي كذا في الحاشية.
قوله: [على أرجح التأويلين]: هو مشكل، ولكن الفقه مسلم.
قوله: [فعليه جزاء أيضاً]: أي ولا ينفعه خطؤه، وحينئذ فإما أن يصوم العبد عن نفسه، وإما أن يطعم عنه سيده إن شاء، وإن شاء أمره به من ماله. وكذا يقال في الهدي؛ فإما أن يهدي عنه السيد أو يأمره بذلك من ماله كما قال سند.
قوله: [بسببه]: عطف على قوله: "بقتله" أي والجزاء بقتله مباشرة أو بتسببه هذا إذا كان السبب مقصوداً، بل ولو كان اتفاقياً.
قوله: [وقد يقال هذا أعم]: أي فلا يعترض عليه لأن أزيد فائدة.
قوله: [واستظهر]: أي لأن ابن يونس رجحه خلافاً لما يوهمه خليل من أنه لابن عبد السلام كما في المواق.
قوله: [حفر بئراً لكماء]: أي سواء كان الحفر في محل يجوز له فيه أم لا، كالطريق فليس ما هنا كالديات، ولعل الفرق أن الصيد ليس شأنه لزوم طريق معين.
قوله: [فلا جزاء على الدال]: أي سواء كان المدلول حلالاً أو محرماً.
وحاصله: أنه إذا دل محرم محرماً أو حلالاً على صيد في الحل أو في الحرم فقتله، فلا جزاء على ذلك المحرم الدال؛ فهذه أربع صور، وكذا إذا دل حل محرماً على صيد في الحل أو في الحرم، أو دل حلالاً على صيد في الحرم فقتله فلا جزاء على ذلك الدال، فهذه ثلاث صور فالجملة سبع الجزاء فيها على المدلول.
قوله: [فلا جزاء ويؤكل نظراً لمحله]: أي على المشهور وهو مذهب المدونة.
قوله: [عند اللخمي]: وهو أحد أقوال ثلاثة: الأول للتونسي يلزم الجزاء ولا يؤكل، والثاني قول أصبغ بعدم الجزاء ولا يؤكل، والثالث قول أشهب الذي اختاره اللخمي.
قوله: [أو بسبب تعدد الشركاء فيه] أي حيث كانوا حلاً في الحرم أو محرمين ولو بغيره، وأما لو اشترك حل ليس بالحرم مع محرم في قتل الصيد كان الجزاء على المحرم فقط، قال الأجهوري: ومفهوم الشركاء أنه لو تمالأ جماعة على قتله فقتله واحد منهم فجزاؤه على قاتله فقط كما هو ظاهر كلامهم.
قوله: [ولو أخرج الجزاء لشك] إلخ: حاصله أنه إذا رمى صيداً فشك في موته فأخرج جزاءه فإن استمر على شكه أو غلب على ظنه أن موته قبل الإخراج لم يلزمه الإخراج ثانياً، وإن غلب على ظنه أن موته بعد الإخراج وأولى التحقق لزمه إخراج الجزاء ثانياً.
قوله: [وليس الدجاج والإوز بصيد]: أي إذا كان بلدياً وأما الإوز المسمى بالعراقي فهو صيد.
قوله: [ولو الذي يتخذ في البيوت للفراخ]: أي للطيران وهو المسمى بالحمام البيتي.
تنبيه: لو أمسك المحرم صيداً وهو عازم على إرساله فقتله محرم آخر أو حلال في الحرم فلا جزاء على الممسك، بل على القاتل. وأما لو قتله حلال بالحل فجزاؤه على المحرم الذي أمسكه وغرم الحل