بخلاف العكس بأن قلده أو عينه سليماً ثم تعيب قبل ذبحه فيجزئ، لا فرق بين تطوع وواجب.
(وسن تقليد إبل وبقر) أي جعل قلادة أي حبل من نبات الأرض بعنقها للإشارة إلى أنها هدي.
(و) سن (إشعار) أي شق (إبل بسنامها) أي فيه بسكين (من) الشق (الأيسر) ندباً، وقيل من الأيمن، وقيل هما سواء من جهة الرقبة للمؤخر قدر أنملتين حتى يسيل الدم، ليعلم أنها هدي.
و(ندب تسمية) عند إشعارها بأن يقول بسم الله.
(و) ندب (نعلان): أي تعليقهما (بنبات الأرض) أي بحبل من نبات الأرض كحلفاء، لا من صوف أو وبر خشية تعلقه بشيء من شجر أو غيره فيؤذيه.
(و) ندب (تجليلها) أي الإبل أي وضع جلال عليها بكسر الجيم جمع جل بضمها.
(و) ندب (شقها) أي الجلال ليدخل السنام فيها فيظهر الإشعار، وتمسك بالسنام فلا تسقط بالأرض.
(فإن لم يجد) من لزمه الهدي لتمتع أو غيره هدياً (فصيام ثلاثة أيام) في الحج، وذلك (من حين إحرامه) به إلى يوم النحر (و) لو فاته صومها قبل أيام منى (صام أيام منى) الثلاثة بعد يوم النحر، إذ لا يصح صومه، فإن صام بعضها قبل يوم النحر كملها بعده أيام منى.
(و) هذا (إن تقدم الموجب) للهدي (على الوقوف) بعرفة كتمتع وقران وتعدي ميقات وترك تلبية ومذي وقبلة بفم، (وإلا) يتقدم الموجب، بأن تأخر عن الوقوف كترك نزول بمزدلفة أو رمي أو حلق أو جماع بعد رمي العقبة وقبل الإفاضة يوم النحر أو قبلهما بعده (صامها متى شاء كهدي العمرة)، إذا لم يجده صام الثلاثة مع السبعة متى شاء لعدم وقوف فيها.
(و) صيام (سبعة إذا رجع من منى) فقوله تعالى: {وسبعة إذا رجعتم} [البقرة: ١٩٦] أي من منى بعد أيامها، سواء مكة وغيرها، وقيل معناه: إذا رجعتم إلى أهلكم، فأهل مكة يصومونها فيها وغيرهم ببلادهم، ويندب تأخيرها للآفاقي حتى يرجع لأهله للخروج من الخلاف.
ــ
قال في الأصل: ثم يجب إنفاذ ما قلد معيباً لوجوبه بالتقليد وإن لم يجزئه.
قوله: [بخلاف العكس]: أي فمحل إجزائه إذا كان تعيبه من غير تعديه ولا تفريطه، فإن كان بتعديه أو تفريطه ضمن كما في (ح) عن الطراز. ومحله أيضاً إذا لم يمنع التعييب بلوغ المحل، فلو منعه كعطب أو سرقة لم يجزئه الهدي الواجب، والنذر المضمون كما يأتي كذا في (بن) نقله محشي الأصل.
تنبيه: أرش الهدي المرجوع به على بائعه بعيب قديم يمنع الإجزاء أم لا؟ المطلع عليه بعد التقليد والإشعار المفيتين لرده وثمنه المرجوع به لاستحقاقه يجعل كل منهما في هدي إن بلغ ذلك ثمن هدي، وإلا تصدق به وجوباً إن كان هدي تطوع أو منذوراً بعينه؛ إذ لا يلزمه بدلهما لعدم شغل ذمته به، وأما الهدي الواجب الأصلي أو المنذور غير المعين فلا يتصدق بالأرش والثمن إن لم يبلغ ثمن هدي، بل يستعين به في هدي آخر إن كان العيب يمنع الإجزاء لوجوب البدل عليه لاشتغال ذمته به، فإن لم يمنع من الإجزاء تصدق به إن لم يبلغ هدياً كالتطوع والنذر المعين كذا في الأصل.
قوله: [أي شق إبل بسنامها] هذا ظاهر إن كان لها سنام، فإن كانت لا سنام لها فظاهره أنها لا تشعر وهو رواية محمد، والذي في المدونة: أن الإبل يسن إشعارها مطلقاً ولو لم يكن لها سنام، فإن كان لها سنامان سن إشعارها في واحد فقط. وأما البقر فتقلد ولا تشعر، إلا أن تكون لها أسنمة فتشعر كما هو قول المدونة، وعزا ابن عرفة لها أن البقر لا تشعر مطلقاً، وتعقبه الرماصي. وعلى القول بإشعارها حيث كان لها سنام؛ هل تجلل أم لا؟ قولان.
قوله: [وقيل من الأيمن] في ابن عرفة وفي أولويته أي الإشعار في الشق الأيمن أو الأيسر، ثالثها أن السنة في الأيسر، رابعها هما سواء انتهى.
تنبيه: يندب تقديم التقليد على الإشعار خوفاً من نفارها لو أشعرت أو لا، وفعلهما بمكان واحد أولى. وفائدة التقليد والإشعار إعلام المساكين أن هذا هدي فيجتمعون له، وقيل لئلا يضيع فيعلم أنه هدي فيرد.
قوله: [أي الإبل]: أي وأما البقر والغنم فلا يوضع عليها الجلال اتفاقاً في الغنم، وفي البقر إن لم يكن لها سنام.
قوله: [فصيام ثلاثة أيام]: ويندب فيه التتابع كما يندب في السبعة الباقية أيضاً.
قوله: [وذلك من حين إحرامه به]: أي وأول وقتها من حين إحرامه بالحج فلا يجزئ قبل إحرامه.
قوله: [ولو فاته صومها] أي ويكره له تأخيرها لأيام منى فتقديمها عليها مستحب لا واجب كما هو ظاهر المدونة، وبه صرح ابن عرفة، فما وقع لـ (عب) تبعا للأجهوري والشيخ أحمد من أن صيامها قبل يوم النحر واجب ويحرم تأخيرها بلا عذر ضعيف كذا في (بن) نقله محشي الأصل.
قوله: [وهذا إن تقدم الموجب] أي فتقدم الموجب شرط في أمرين: أحدهما كون صوم الثلاثة من إحرامه إلى يوم النحر، والثاني كونه إذا فات صام أيام منى.
قوله: [صامها متى شاء] أي بعد أيام منى الثلاثة، فلو صامها أيام منى لم يجزئه كذا في الحاشية.
قوله: [وصيام سبعة] أشار الشارح إلى أن سبعة بالجر عطف على ثلاثة وهذا هو الصواب، أي على العاجز عن الهدي صيام ثلاثة أيام في الحج على الوجه المتقدم، وسبعة إذا رجع من منى وإن لم يصلها بالرجوع.
قوله: [للخروج من الخلاف]: أي الواقع