للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا تجزئ) السبعة (إن قدمها عليه) أي على الوقوف بعرفة (كصوم) أي كما لا يجزئ صوم عن الهدي إذا (أيسر قبله) أي قبل الشروع فيه، (ولو) كان إيساره (بسلف) وجد من يسلفه إياه (لمال) له (ببلده)، فإن لم يجد مسلفاً أو وجد ولا مال له ببلده صام (وندب الرجوع للهدي) إن أيسر (قبل كمال) صوم اليوم (الثالث)، وإن وجب إتمامه إن شرع فيه، وكلامه صادق بما إذا أيسر قبل الشروع في الثالث أو الثاني أو بعده، وكذا لو أيسر قبل إكمال الأول كما هو صريح المدونة.

ثم شرع في بيان ما يمنع الأكل منه وما يجوز من دماء الحج أو العمرة الثلاثة: الهدي، والفدية، وجزاء الصيد.

فقال: (ولا يؤكل): أي يحرم على رب الهدي أن يأكل (من نذر مساكين عين) لهم، فلا تجوز له مشاركتهم فيه، (ولو لم يبلغ المحل) منى بشروطه أو مكة بأن عطب قبل المحل فنحره (كهدي تطوع نواه لهم) أي للمساكين لم يجز له أكله منه بلغ محله أم لا، (وفدية) لترفه أو إزالة أذى لم ينو بها الهدي لم يأكل منها مطلقاً أي ذبحت بمكة، أو غيرها (كنذر لم يعين): بأن كان مضموناً وسماه للمساكين، كـ "لله علي نذر بدنة للمساكين"، أو نواه لهم.

(وجزاء صيد وفدية نوى بها الهدي): فإذا اختار النسك ونوى به الهدي تعين عليه أن يذبحه بمنى بشروطه، أو مكة، وقولنا فيما تقدم: لا "تتقيد بمكان أو زمان" أي إذا لم ينو بها الهدي. فهذه الثلاثة التي بعد الكاف الثانية لا يأكل منها (بعد) بلوغ (المحل) منى أو مكة، ويأكل منها قبله لأن عليه بدلها لكونها لم تجزه قبل محلها.

(وهدي تطوع) لم يجعله للمساكين لم يأكل منه إذا (عطب قبله) فقط، أي قبل المحل بأن عطب فنحره لأنه يتهم على أنه تسبب في عطبه ليأكل منه، وليس عليه بدله ومثله نذر معين لم يجعله للمساكين بلفظ ولا نية. فهذه ثلاثة أقسام:

الأول: لا يأكل منه مطلقاً.

الثاني: لا يأكل منه بعد المحل.

ــ

في تفسير قوله تعالى: {وسبعة إذا رجعتم} [البقرة: ١٩٦] فإذا أخرها لبلده أتى بمجمع عليه.

قوله: [ولا تجزئ السبعة إن قدمها عليه] أي ولا يجزئ أيضاً تقديمها على رجوعه من منى. واختلف هل يجتزئ منها بثلاثة أيام أو لا؟ وهو المعتمد، قال مالك: لو نسي الثلاثة حتى صام السبعة، فإن وجد هدياً فأحب إلي أن يهدي وإلا صام. اهـ. فهم التونسي من كلام مالك أنه لا يجزئ منها شيء، وهو المعتمد كما علمت. وقال ابن يونس: يكتفى منها بثلاثة، وأما لو صام العشرة قبل رجوعه فإنه يجتزئ منها بثلاثة كما يفهم من كلام التوضيح. والفرق بينها وبين السبعة أن الثلاثة جزء العشرة فتندرج فيها، وقسيمة السبعة فلا تندرج فيها كذا في الحاشية.

قوله: [لمال له ببلده]: اللام بمعنى مع متعلق بوجد، أي وإن وجد مسلفاً مع مال، وقوله ببلده إما صفة لمال أي مال كائن ببلده، أو متعلق بمحذوف أي ويصبر ليأخذه ببلده.

قوله: [قبل كمال صوم اليوم الثالث] أي وأما بعد كمال الثالث فلا يطالب بالرجوع، لأنها قسيمة السبعة في العشرة فكانت كالنصف، وقولنا: "لا يطالب بالرجوع" لا ينافي أنه لو رجع لصح. ولذا قال ابن رشد: لو وجد الهدي بعد صوم الثلاثة لم يجب عليه إلا أن يشاء. اهـ. واعلم أن اتصال الثلاثة بعضها ببعض، واتصال السبعة بعضها ببعض، واتصال السبعة بالثلاثة مستحب كذا في الحاشية.

قوله: [الهدي]: أي الصادق بما سيق بعد الإحرام تطوعاً أو نذراً.

قوله: [من نذر مساكين] أي من هدي منذور للمساكين بعينه، سواء عين المساكين أيضاً أم لا، وسواء كان التعيين باللفظ والنية أو النية فقط.

قوله: [بشروطه]: أي الثلاثة التي تقدمت في قوله: إن سيق بحج ووقف به هو أو نائبه بعرفة، كهو بأيام النحر.

وقوله: [أو مكة]: أي عند فقد بعض الشروط.

قوله: [بأن عطب قبل المحل فنحره] أما عدم الأكل منه إذا لم يبلغ المحل فلكونه غير مضمون فيتهم على إتلافه، وأما بعد المحل فلأنه قد عينه للمساكين فلا يجوز مشاركتهم فيه، ومن أجل كونه غير مضمون إذا ضل أو سرق قبل المحل لا يلزم ربه بدله [١].

قوله: [كهدي أو تطوع نواه لهم] أي سواء لفظ مع النية أو لا عينت المساكين أو لا.

قوله: [وفدية الترفه [٢]] إلخ: أي فهذه الثلاث يحرم الأكل منها مطلقاً كما علمت. أما حرمة الأكل من نذر المساكين فقد علمت وجهه، وأما حرمة الأكل من هدي التطوع الذي جعل للمساكين باللفظ أو النية فلإلحاقه بنذر المساكين وأما الفدية التي لم تجعل هدياً فحرمة الأكل منها مطلقاً؛ لأنها عوض عن الترفه، فالجمع بين الأكل منها والترفه جمع بين العوض والمعوض. واحترز بقوله: " إذا لم ينو بها الهدي " عما إذا نوى بها الهدي فلا يأكل منها بعد المحل، ويأكل منها إذا عطبت قبله كما سيأتي ذلك للمصنف.

قوله: [ذبحت بمكة أو غيرها]: أي لأنها لا تختص بمكان ولا زمان كما تقدم.

قوله: [لأن عليه بدلها]: أي يبعثه إلى المحل فلا تهمة في أكله منها ولا مظلمة للمساكين.

قوله: [الأول لا يأكل منه مطلقاً]: وتحته ثلاثة أقسام: النذر المعين للمساكين، وهدي التطوع للمساكين، وفدية لم تجعل هدياً.

قوله: [الثاني لا يأكل منه بعد المحل]: وتحته ثلاثة أقسام


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] من قوله: (فلا يجوز مشاركتهم فيه) إلى قوله: (سرق قبل المحل لا يلزم ربه بدله) مكرر في ط المعارف.
[٢] في ط المعارف: (لترفه).

<<  <  ج: ص:  >  >>