(من فاته الوقوف بعرفة) ليلة النحر بعد أن أحرم بحج مفرداً أو قارناً لعذر منعه منه كأن يفوته الوقوف (بمرض) أي بسببه (ونحوه) كعدو منعه أو حبس ولو بحق أو خطأ عدد، (فقد فاته الحج) لأن الحج عرفة.
(وسقط عنه عمل ما بقي) بعده (من المناسك) كالنزول بمزدلفة، والوقوف بالمشعر الحرام والرمي والمبيت بمنى.
(وندب) له (أن يتحلل) من إحرامه بذلك الحج (بعمرة) وفسر التحلل بالعمرة بقوله:
(بأن يطوف ويسعى ويحلق بنيتها): أي العمرة من غير تجديد إحرام غير الأول، بل ينوي التحلل من إحرامه الأول بما ذكر.
(ثم قضاه قابلاً، وأهدى) وجوباً للفوات، ولا يجزيه للفوات هديه السابق الذي ساقه في حجة الفوات (وخرج) المتحلل بعمرة (للحل) ليجمع في إحرامه المتحلل منه بالعمرة بين الحل والحرام، (إن أحرم أولاً) قبل الفوات لحجة (بحرم أو أردف) حجه على إحرامه بالعمرة (فيه) أي في الحرم.
(ولا يكفي) عن طواف العمرة وسعيها المطلوبين للتحلل (قدومه) أي طواف قدومه (وسعيه بعده) الواقعان أولاً قبل الفوات.
(وله): أي لمن فاته الوقوف بعرفة (البقاء على إحرامه) متجرداً مجتنباً للطيب والصيد والنساء، (لقابل حتى يتم حجه) ويهدي ولا قضاء عليه لأنه تم بوقوفه في القابل مع عمل ما بعد الوقوف من المناسك، ومحل جواز البقاء على الإحرام لعام قابل إذا لم يدخل مكة أو يقاربها (وكره) له البقاء (إن قارب مكة أو دخلها)، بل يتأكد في حقه التحلل بفعل عمرة لما في البقاء على الإحرام من مزيد المشقة، والخطر مع إمكان الخلوص منه.
(ولا تحلل) أي لا يجوز له أن يتحلل بعمرة (إن) استمر على إحرامه حتى (دخل وقته)، أي الحج في العام القابل بدخول شوال، بل الواجب عليه حينئذ إتمامه.
(فإن) خالف و (تحلل) بعمرة بعد دخول وقته (فثالثها) أي الأقوال (يمضي) تحلله.
(فإن حج) أي أحرم بحج بعد تحلله بالعمرة (فمتمتع) لأنه حج بعد عمرته في عام واحد، فعليه هدي للتمتع وأولها يمضي تحلله، وليس بمتمتع لأنه في الحقيقة انتقل من حج إلى حج إذ عمرته كلا عمرة، لأنه لم ينوها أولاً وثانيها لا يمضي وهو باق على إحرامه الأول، وما فعله من التحلل لغو لأن إبقاءه لدخول وقته كإنشائه فيه.
ــ
بالتحلل بفعل عمرة، ويكره له البقاء على الإحرام لقابل إن قارب مكة أو دخلها وأما إن لم يقارب مكة كان له البقاء على إحرامه لقابل حتى يتم حجه ولا كراهة. ومحل جواز التحلل ما لم يستمر على إحرامه حتى يدخل وقت الحج في العام القابل، وإلا فالواجب عليه إتمامه، فإن خالف وتحلل بالعمرة فالأقوال الثلاثة الآتية في المصنف.
قوله: [مفرداً]: مراده ما قابل القارن فيشمل المتمتع.
قوله: [لأن الحج عرفة]: إشارة لحديث هذا لفظه، ولا يقتضي أنه أعظم أركان الحج، بل أعظم أركانه الطواف كما تقدم، وإنما أسند الحج له لأنه يفوت بفوات وقته، والمزية لا تقتضي الأفضلية كما هو مقرر.
قوله: [وسقط عنه عمل ما بقي]: أي فلا يؤمر بها ولا دم عليه في تركها.
قوله: [وندب له أن يتحلل] إلخ: محل ندب تحلله بفعل عمرة ما لم يفته الوقوف وهو بمكان بعيد عن مكة جداً، وإلا فله التحلل بالنية كالمحصور عن البيت والوقوف معاً بعد. وسيأتي ذلك في الشارح.
قوله: [الذي ساقه في حجة الفوات] أي ساقه تطوعاً أو لنقص حصل منه فيها، وسواء بعثه إلى مكة أو أبقاه حتى أخذه معه؛ لأنه بالتقليد والإشعار وجب لغير الفوات فلا يجزئ عن الفوات، بل عليه هدي آخر. قوله: [إن أحرم أولاً إلخ] أي وأما لو أحرم بحجة أولاً من الحل فلا يحتاج للخروج ثانياً إلى الحل كما هو معلوم.
قوله: [ولا يكفي عن طواف العمرة إلخ]: قال الخرشي: لعل هذا مبني على القول بأن إحرامه لا ينقلب عمرة من أوله، بل من وقت نية فعل العمرة. وقد ذكر (ح) الخلاف في هذا فقال: قال في العتبية عن ابن القاسم: إن أتى عرفة بعد الفجر فليرجع إلى مكة ويطوف ويسعى ويحلق وينوي بها عمرة، وهل ينقلب عمرة من أصل الإحرام أو من وقت نية فعل العمرة؟ مختلف فيه. اهـ.
قوله: [أو دخلها] مفهوم بالأولى من قوله إن قارب فلا حاجة لذكره، ويجاب بأنه دفع توهم حرمة البقاء عند الدخول.
تنبيه: من فاته الوقوف وتمكن من البيت وقلتم يتحلل بفعل عمرة وكان معه هدي فلا يخلو: إما أن يخاف عليه العطب إذا أبقاه عنده حتى يصل إلى مكة أو لا؛ فإن لم يخف عليه حبسه معه حتى يأتي مكة، وهذا في المريض ومن في حكمه كالحبس بحق. وأما الممنوع ظلماً فمتى قدر على إرساله أرسله كأن يخاف عليه العطب أم لا، فإن لم يجد من يرسله معه ذبحه في أي محل.
قوله: [بل الواجب عليه حينئذ إتمامه] أي حيث تمكن من إتمامه، قارب مكة أم لا.
قوله: [فمتمتع] أي باعتبار العمرة التي وقع بها الإحلال.
قوله: [وأولها يمضي تحلله] أي بناء على أن الدوام ليس كالابتداء؛ لأن العمرة التي آل إليها الأمر في التحلل ليست كإنشاء عمرة ابتدائية مستقلة على الحج، وإلا كانت لاغية لما سبق من قوله: "ولغا عمرة عليه" فلذا قيل: إن تحلله بفعل العمرة يمضي.
قوله: [وثانياً لا يمضي] أي بناء على أن الدوام كالابتداء أي على أن العمرة التي آل إليها الأمر كإنشاء عمرة مستقلة. وقد تقدم