للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا تكفر إن تعلقت بالحال نحو: والله إن زيداً لمنطلق أو مريض أو معذور، أي في هذا الوقت وهو متردد في ذلك أو جازم بعدم ذلك.

(و) الثاني (اللغو) وفسره بقوله: (بأن حلف على ما) أي على شيء (يعتقده): أي يعتقد حصوله أو عدم حصوله (فظهر خلافه) فلا كفارة فيها لعذره، قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [المائدة: ٨٩] ومحل عدم الكفارة فيها: (إن تعلقت بغير مستقبل) بأن تعلقت بماض نحو: والله ما زيد فعل كذا، أو لقد فعل كذا، معتقداً حصول ما حلف عليه، فتبين خلافه أو بحال نحو: إنه لمنطلق. فإن تعلقت بمستقبل نحو: والله لأفعلن كذا في غد -مع الجزم بفعله فلم يفعل- كفرت.

(فلا) أي فعلم مما ذكرنا أنه لا (كفارة في ماضيه [١]): أي في يمين متعلقة بماض (مطلقاً) غموساً أو لغواً أو غيرهما لأنها إما صادقة وظاهر أنها لا كفارة فيها وإما غموس ولا كفارة لها إلا الغمس في جهنم أو التوبة أو عفو الله وإما لغو ولا كفارة فيها لما مر.

(عكس) اليمين (المستقبلة) أي المتعلقة بمستقبل فإنها تكفر مطلقاً إذا حنث غموساً أو لغواً، وبقي التفصيل في المتعلقة بحال، فإن كانت غموساً كفرت وإلا فلا. وقد نظم ذلك العلامة الأجهوري في بيت مفرد بقوله:

كفر غموساً بلا ماض تكون كذا ... لغواً بمستقبل لا غير فامتثلا

(ولا يفيد): أي اللغو (في غير اليمين بالله) وهو التعليق المتقدم ذكره، فمن حلف بطلاق أو عتق أو مشي لمكة لقد فعل زيد كذا، أو: إن هذا الشيء لفلان معتقداً ذلك، فتبين خلافه لم يفده اعتقاده ولزمه ما حلف به.

(كالاستثناء بإن شاء الله): فإنه لا يفيد ولا ينفع في غير اليمين بالله، فمن قال: إن كلمت زيداً فعبدي حر، أو فامرأتي طالق، أو فعليّ المشي لمكة، أو صدقة بدينار إن شاء [٢] فكلمه لزمه ما ذكر ولا يفيده الاستثناء بإن شاء الله (أو) بقوله (إلا أن يشاء) الله (أو) إلا أن (يريد) الله (أو) إلا أن (يقضي) الله.

ويفيد ذلك في اليمين بالله إذا تعلقت بمستقبل نحو: والله لا أفعل كذا أو لأفعلنه، ومعنى الإفادة أنه لا كفارة عليه بشروط أربعة: ذكرها بقوله: (إن قصده): أي الاستثناء أي حل اليمين بلفظ مما ذكر لا إن جرى على لسانه بلا قصد، ولا إن قصد به التبرك فلا يفيده.

(واتصل) الاستثناء بالمستثنى منه، فإن انفصل لم يفده ولزمه الكفارة (إلا لعارض) لا يمكن رفعه كسعال أو عطاس أو تثاؤب أو انقطاع نفس لا لتذكر ورد سلام ونحوهما فلا يفيد. (ونطق به وإن) سراً (بحركة لسان) لا إن أجراه على قلبه بلا نطق فلا يفيده. وأشار للشرط الرابع بقوله: (وحلف): أي وكان حلفه الذي ذكر فيه الاستثناء (في غير توثق بحق)، فإن كان في توثق بحق كما لو شرط عليه في عقد نكاح أو بيع أو دين شروط كأن لا يضربها في عشرة أو لا يخرجها من بلدها أو على أن يأتي بالثمن أو الدين في وقت كذا وطلب منه يمين على ذلك فحلف واستثنى لم يفده، لأن اليمين على نية المحلف لا الحالف (بخلافه) أي الاستثناء (بإلا ونحوها) أي إحدى أخواتها وهي غير وسوى وسواء وليس ولا يكون وما عدا وحاشا (فيفيد في الجميع)

ــ

قوله: [إن تعلقت بالحال]: أي إن لم يتبين مطابقة حلفه للواقع وإلا فلا كفارة، ولكن إثم الجراءة لا يزيله إلا التوبة أو عفو الله.

قوله: [لما مر]: أي من أنه لا كفارة فيها إن تعلقت بغير مستقبل، وعدم الإثم للآية الكريمة.

قوله: [بلا ماض]: متعلق بتكون وهو بمعنى توجد، فهي تامة، وقوله: (كذا) خبر مقدم، و (لغو) مبتدأ مؤخر، ونسخة المؤلف بنصب لغو على أنه مفعول لكفر محذوفاً، وفيه كلفة والأسهل الأول، وبمستقبل متعلق بمحذوف نعت للغو، وقوله: لا غير لا نافية للجنس، وغير اسمها مبني على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه، ويصح نصب غير على تقدير نية اللفظ على حد ما قيل في قبل وبعد، والخبر محذوف على كل حال، وقوله فامتثلا الألف بدل من نون التوكيد الخفية.

قوله: [في غير اليمين بالله]: أي ومثلها النذر المبهم وكل ما فيه كفارة يمين ومحل عدم إفادته في غير ذلك ما لم يقيد في يمينه، بأن يقول: في ظني أو اعتقادي وإلا نفعه حتى في الطلاق.

قوله: [ولزمه ما حلف به]: أي ما لم يقيد كما تقدم.

قوله: [ولا ينفع في غير اليمين بالله]: أي غير النذر المبهم وما فيه كفارة يمين وإفادة المشيئة في اليمين بالله وما ألحق به.

حاصله: ولو كان اليمين غموساً، وفائدته رفع الإثم كذا في حاشية الأصل، وتسمية المشيئة استثناء حقيقة عرفية وإن كان مجازاً في الأصل، لأن المشيئة شرط لا استثناء.

قوله: [أي حل اليمين]: واختلف هل معنى حلها لليمين جعلها كالعدم أو رفع الكفارة؟ وعليه ابن القاسم. وثمرة الخلاف لو حلف أنه لم يحلف وكان حلف واستثنى فيحنث على الثاني ما لم يقصد لم أحلف يميناً أحنث فيها فلا شيء عليه اتفاقاً أو يقصد لم أتلفظ بصيغة يمين أصلاً فيحنث باتفاق، بل يكون غموساً.

قوله: [وإن سراً]: أي فلا يشترط سماع نفسه.

قوله: [لأن اليمين على نية المحلف]: أي ولو لم يستحلفه وهذا أقرب الأقوال خلافاً لما مشى عليه خليل من اشتراط الاستحلاف. وهذا الاستثناء ينفع بشروطه، ولو بتذكير غيره كما يقع كثيراً، يقول شخص للحالف: قل إلا أن يشاء الله فيوصل النطق بها عقب فراغه من المحلوف عليه من غير فصل فينفعه ذلك.

قوله: [وما عدا وحاشا]: أي وما في معنى تلك الأدوات من شرط أو صفة أو غاية


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ماضية).
[٢] زاد بعدها في ط المعارف: (الله).

<<  <  ج: ص:  >  >>