للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي جميع الأيمان كانت بالله أو بغيره من طلاق أو غيره، نحو: والله لا آكل سمناً إلا في الشتاء وإن أكلته فهن طوالق أو أحرار إلا فلانة وإن كلمت زيداً فعلي المشي إلى مكة إلا أن يكلمني ابتداء، أو فعبيدي أحرار ما عدا زيداً، أو لأتصدقن بكذا على فقراء بني فلان غير زيد بالشروط المتقدمة من القصد، وما بعده. وشبه في مطلق الإفادة قوله: (كعزل) أي إخراج (الزوجة) في نيته (أولاً) قبل تمام النطق باليمين حتى لا يحتاج إلى استثناء (في) يمينه بقوله: (الحلال أو كل حلال علي حرام) إن فعلت كذا وفعله (فلا شيء) عليه (فيها): أي في الزوجة؛ لأنه أخرجها عن يمينه في قصده ابتداء، وما قصد إلا غيرها. (كغيرها): أي الزوجة؛ لا شيء عليه فيه وهو حلال له، لأن من حرم ما أحله الله في غير الزوجة لم يحرم عليه كما يأتي، واحترز بقوله: "أولاً" عما طرأت نية عزلها بعد النطق فلا يفيد إلا الاستثناء بالنطق بشروطه المتقدمة، (وهي) - أي مسألة عزل الزوجة ابتداء - (المحاشاة): أي المسماة بمسألة المحاشاة عند الفقهاء لمحاشاة الزوجة فيها أولاً وإيقاع اليمين على ما سواها، ويصدق في دعواه حتى في القضاء.

(والمنعقدة) مبتدأ خبره قوله: "فيها الكفارة": أي أن اليمين المنعقدة مطلقاً، سواء انعقدت (على بر): وهي ما دخل فيها حرف النفي (كـ: لا فعلت) بمعنى: لا أفعل - لأن الكفارة لا تتعلق بماض - (أو) والله (لا أفعل) كذا، (أو) والله (إن فعلت) كذا أي ما أفعله؛ فـ "إن" نافية بمعنى ما، وسميت يمين بر: لأن الحالف بها على البراءة الأصلية حتى يحنث. (أو) انعقدت على (حنث) ولها صيغتان مثلهما بقوله: (كـ: لأفعلن) كذا (أو) والله (إن لم أفعل) كذا ما فعلت كذا؛ نحو: إن لم أدخل دارك ما أكلت لك خبزاً، وسميت يمين حنث: لأن الحالف بها على حنث حتى يفعل المحلوف عليه (فيها الكفارة) بالحنث.

وشبه في المنعقدة أموراً ثلاثة يجب فيها الكفارة بقوله: (كالنذر المبهم) أي الذي لم يسم له مخرجاً (كعلي نذر) أو لله علي نذر (أو إن فعلت كذا)، أو: إن شفى الله مريضي فعلي نذر، أو فلله عليّ نذر؛ فأمثلته أربعة فيه كفارة يمين، وسيأتي أن ما سمى له مخرجاً نحو: علي نذر دينار، لزمه ما سماه.

ــ

قوله: [أي جميع الأيمان] أي وجميع متعلقات اليمين بالله مستقبلة أو ماضية كانت اليمين منعقدة أو غموساً، كمن حلف أن يشرب البحر ثم استثنى بقوله: إلا أكثره فلا إثم عليه.

قوله: [غير زيد] ومثله سوى وسواء وليس ولا يكون وما عدا وحاشا، ومثال الشرط أن يقول الشخص في حلفه: لا أكلم زيداً إن لم يأتني مثلاً، ومثال الصفة: لا أكلمه وهو راكب لأن المراد بالصفة ما يشمل الحال، ومثال الغاية: لا أكلمه حتى يأتي الوقت الفلاني مثلاً.

قوله: [حتى لا يحتاج إلى استثناء]: أي إلى النطق به بل تكفيه النية ولو عند القاضي كما يأتي.

قوله: [فلا شيء عليه فيها]: أي لأن اللفظ العام أريد به الخصوص، بخلاف الاستثناء فإنه إخراج لما دخل في اليمين أولا، فهو عام مخصوص.

والفرق بين العام الذي أريد به الخصوص، والعام المخصوص - كما قال ابن السبكي - أن الأول عمومه لم يكن مراداً تناولاً ولا حكماً، بل هو كلي استعمل في بعض أفراده، ولهذا كان مجازاً قطعاً فصورة المحاشاة من ذلك، والثاني عمومه مراد تناولاً لا حكماً لقرينة التخصيص بأدوات الاستثناء، فالقوم من قولك: قام القوم إلا زيداً متناول لكل فرد من أفراده حتى زيد، والحكم بالقيام متعلق بما عدا زيداً فتأمل.

قوله: [كغيرها]: أي ولو أمة ما لم يقصد بالتحريم عتقها.

قوله: [المحاشاة]: ظاهر كلام المصنف أن المحاشاة خاصة بمسألة الحلال علي حرام، وبه قال (ر) واستدل لذلك بإطلاقهم في أن النية المخصصة لا تقبل مع المرافعة، وقالوا في الحلال علي الحرام تقبل المحاشاة ولو في المرافعة.

قوله: [ويصدق في دعواه] إلخ: وهل يحلف على ما ادعاه من العزل أو لا يحلف ويصدق بمجرد دعواه العزل قولان قوله: [وهي ما دخل فيه حرف النفي]: أي ولم ينتقض وإلا كانت حنثاً.

قوله: [حتى يحنث]: وحنثه فيها بالفعل بخلاف صيغة الحنث فحنثه فيها بالترك.

قوله: [أو والله إن لم أفعل كذا] إلخ: ظاهره أن إن شرطية بدليل ذكر الجواب لها وليس بمتعين، بل يجوز أن تكون إن نافية ولا يذكر لها جواب وهو الأولى لبعده عن التكلف نحو: والله إن لم أكلم زيداً، ومعناها حينئذ: لا كلمته، لأن إن نافية ولم نافية ونفي النفي إثبات، فساوت الصيغة التي قبلها والفعل في الصيغتين مستقبل لأن الكفارة إنما تتعلق بالمستقبلات والإنشاء يصرف الماضي للاستقبال.

قوله: [نحو إن لم أدخل دارك ما أكلت لك خبزاً]: هذا المثال فاسد لأنه فيه على بر.

قوله: [فيها الكفارة بالحنث]: هو بالفعل في صيغة البر والعزم على الضد في صيغة الحنث إن لم يضرب ليمينه أجلاً، فإن أجل نحو: لأفعلن كذا في هذا الشهر، أو إن لم أفعله في هذا الشهر فهو على بر حتى يمضي الأجل، ولا مانع من الفعل، أو هناك مانع شرعي أو عادي لا عقلي كما سيأتي.

قوله: [فأمثلته أربعة]: أي وهي إما معلق أو لا، وفي كل: إما أن يقول: لله أو لا، وإذا نظرت لكون المعلق عليه فعله أو فعل غيره تكون ستة، وهذه الصور بعينها تجري في اليمين

<<  <  ج: ص:  >  >>