للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(واليمين [١]): أي وكاليمين، أي: في التزامه ونذره كفارة، (والكفارة): أي في التزامها ونذرها كفارة؛ ومثل لكل منهما بقوله: (كإن فعلت كذا فعلي) أو: فلله علي (يمين) ثم فعله فيلزمه كفارة يمين، (أو) إن فعلت كذا فعلي أو فلله علي (كفارة)، ثم فعله فعليه كفارة يمين وهذا تعليق فيهما. ومثل لما لا تعليق فيه بقوله: (أو) يقول: (لله علي) يمين فيلزمه كفارة أو لله علي كفارة فيلزمه كفارة أو قال: علي يمين أو: علي كفارة بقصد الإنشاء لا الإخبار، وحذف لفظ لله فيلزمه كفارة يمين. فأمثلة كل منهما أربعة كالنذر المبهم.

(وهي) أي الكفارة أربعة أنواع: الثلاثة الأول على التخيير والرابع على الترتيب، أي لا يجزي إلا عند عدم الأول.

النوع الأول: (إطعام) أي تمليك (عشرة مساكين)، والمراد به ما يشمل الفقير (أحرار) فلا تصح لرقيق (مسلمين)، فلا تصح لكافر ويشترط أن لا يكون الفقير في نفقته، ولا يشترط أن يكون غير هاشمي، بل تصح للهاشمي.

(من أوسط طعام الأهل) أي غالبه لا من الأدنى ولا الأعلى وإن انفرد هو بواحد منهما، فإن أخرج الأدنى لم يجزه وإن أخرج الأعلى أجزأ. (لكل) أي لكل واحد من العشرة (مد) بمد النبي صلى الله عليه وسلم لا أقل كما يأتي (وندب بغير المدينة) المنورة (زيادة) على المد لكل مسكين (بالاجتهاد) أي فلا يحد ندب الزيادة بحد، وقيل: يحد بثلث مد، وقيل: بنصفه، والأول هو المذهب، ويمكن حمل كلام الشيخ عليه بحمل "أو" على التخيير، والكلام كناية عن عدم التحديد، كأنه قال: زيادة ثلثه أو نصفه لا تحديد عليك، فيصدق بالأقل والأكثر. (أو) لكل (رطلان خبزاً) من الأوسط بالبغدادي؛ وهو أصغر من رطل مصر بيسير. (وندب) أن يكونا (بإدام) من تمر أو زبيب أو لحم أو غير ذلك. (وأجزأ) عن إخراج العشرة الأمداد (شبعهم) أي العشر مساكين (مرتين كغداء وعشاء) في يوم أو أكثر كغداءين أو عشاءين مجتمعين أو متفرقين متساوين [٢] في الأكل أو متفاوتين، والمراد الشبع الوسط في كل مرة، (ولو) كانوا (أطفالاً استغنوا) بالطعام (عن اللبن) فلا يكفي إشباعهم مرتين، بل لا بد من المد كاملاً أو من الرطلين وهذه المبالغة راجعة لما قيل، وأجزأ فكان الأولى تقديمها عليه.

وأشار للنوع الثاني بقوله: (أو كسوتهم) أي العشرة مساكين (للرجل ثوب) يستر جميع بدنه إلى كعبه أو قريب منه لا إزار وعمامة (وللمرأة درع سابغ وخمار

ــ

والكفارة، كما يؤخذ من الشارح.

قوله: [واليمين] إلخ: محل لزوم الكفارة في إلزام اليمين ما لم يكن العرف في اليمين الطلاق وإلا لزمه طلقة رجعية كما في (بن) عن الوانشريسي وغيره قال في حاشية الأصل: والحق أنه يرجع لعرف البلدان الذين تعارفوه في الطلاق، فإن كان عرفهم البتات لزمه الثلاث، وإن كان عرفهم استعماله في الطلاق فقط حمل على الرجعي. وعرف مصر إذا قال يمين سفه كان طلاقاً فلو جمع الأيمان كـ: لله علي أيمان تعددت الكفارة، وفي المواق نقلاً عن ابن المواز، وقول باتحادها كتكرر صيغة اليمين بالله، وعلى الأول فإن أراد بقوله: علي أيمان يميناً واحدة لم يقبل لأن الجمع نص، وإن أراد اثنتين فتردد باعتبار أقل الجمع ا. هـ.

قوله: [لا الإخبار] أي فلا شيء عليه في غير مسائل التعليق، وأما مسائل التعليق فلا يقبل فيها دعوى الإخبار.

قوله: [الثلاثة الأول على التخيير] إلخ: أي كما أفاده الأجهوري في نظمه بقوله:

وفي حلف بالله خير ورتبن ...... إلخ

أي خير ابتداء في الثلاثة الأول ورتب انتهاء أي في الرابع الذي هو الصيام فلا يكفي إلا بعد العجز عن الثلاثة الأول.

قوله: [أي تمليك عشرة مساكين] أي ولا يشترط كونهم من محل الحنث، وقد نظر في ذلك الأجهوري.

قوله: [أن لا يكون الفقير في نفقته]: أي ممن تلزم المخرج نفقته فلا يجوز أن يدفع الرجل منها لزوجته أو ولده أو أبويه الفقراء، ويجوز أن تدفع الزوجة منها لزوجها وأولادها الفقراء.

قوله: [بل تصح للهاشمي] أي: لأنها لا تعد أوساخاً، بخلاف الزكاة فإنها أوساخ الأموال والأبدان هكذا قيل.

قوله: [من أوسط طعام الأهل] إلخ: فما يجزئ في زكاة الفطر يجزئ هنا.

قوله: [فإن أخرج الأدنى لم يجزه] ظاهره ولو كان اقتياته لفقر مع أنه يجزئ في زكاة الفطر إذا اقتاته لفقر وانظر الفرق بينهما.

قوله: [من العشرة مد] ظاهره اعتبار المد في أي نوع من أنواع المخرجات وهي طريقة لبعضهم، والطريقة الثانية: أن المد إنما يعتبر إذا أخرج من البر، وأما من غيره فيخرج وسط الشبع منه، ونقل ابن عرفة عن اللخمي: أن هذه الطريقة هي المذهب. بقي لو انتهب العشرة مساكين العشرة الأمداد فيقال: إن علم ما أخذ كل فظاهر وإلا فلا تبرأ الذمة.

قوله: [بغير المدينة]: أي وأما أهل المدينة فلا تندب لهم الزيادة قيل لقلة الأقوات فيها، وقيل لقناعة أهلها وغير المدينة شامل لمكة على ما استظهره شيخ مشايخنا العدوي؛ لأنهم لا يبلغون المدينة في القنع والقلة.

قوله: [والأول هو المذهب] أي لأنه قول مالك والقائل بالثلث أشهب وبالنصف ابن وهب.

قوله: [ويمكن حمل كلام الشيخ عليه]: أي على القول الأول وهو الاجتهاد في الزيادة، وليس المقصود حكاية قول أشهب ولا ابن وهب.

قوله: [متساوين في الأكل] إلخ: واشتراط التونسي تقاربهم في الأكل لا تساويهم فيه، خلافاً لما في (عب).

قوله: [فلا يكفي إشباعهم مرتين] أي لقول ابن حبيب ولا يجزئ أن يغدي الصغار ويعشيهم، وفي


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (أو اليمين).
[٢] في ط المعارف: (متساويين).

<<  <  ج: ص:  >  >>