للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(في) صيغة (البر) نحو: والله لا أفعل كذا، أو لا أفعله في هذا الشهر مثلاً، فأكره على الفعل فلا كفارة عليه، لأنه مغلوب عليه ما لم يفعله طائعاً بعد الإكراه، بخلاف الحنث نحو: والله لأفعلن كذا، فمنع من فعله كرهاً فإنه يحنث وعليه الكفارة لأن يمينه وقعت على حنث فأولى إن ترك طائعاً.

(وتكررت) الكفارة على الحالف (إن قصد) في صيغة البر (تكرار الحنث) كلما فعل، نحو: والله لا أكلم زيداً، وقصد أنه كلما كلمه فعليه يمين. (أو كرر اليمين) نحو: والله لا أكلم زيداً والله لا أكلمه، أو قال: والله لا آكل والله لا أدخل (ونوى كفارات): أي نوى لكل يمين كفارة فتتكرر لا إن لم ينو. (أو اقتضاه) أي التكرار (العرف) بأن كان تكرار الحنث يستفاد من حال العادة والعرف لا من مجرد اللفظ (كـ: لا أشرب لك ماء)، فإن العرف يقتضي أنه كلما شرب له ماء حنث. ومثله: لا آكل لك خبزاً، ولا أقرئك سلاماً، ولا أجلس معك في مجلس وهو ظاهر، (و) نحو: والله (لا أترك الوتر) فإنه يحنث كلما تركه، لأن العرف يقتضي لوم نفسه والتشديد عليها، فكلما تركه لزمه كفارة (أو) حلف لا يفعل كذا و (حلف أن لا يحنث) ثم حنث، كأن: قال: والله لا أكلم زيداً والله لا أحنث، فكلمه فعليه كفارتان كفارة ليمينه الأصلي وكفارة للحنث فيه (أو اشتمل لفظه على جمع) للكفارة أو اليمين، نحو: إن كلمته فعلي كفارات، أو فعلي أيمان، وكذا إذا قال لله علي أيمان أو كفارات، فإذا كلمه لزمه أقل الجمع وكذا في غير التعليق وأقل الجمع ثلاثة ما لم ينو أكثر، فلو سمى شيئاً لزمه نحو: لله علي أو إن كلمت زيداً فعلي عشر كفارات لزمه العشرة في الأول، أو إن كلمه في الثاني، (و) اشتملت (أداته) أي دلت وضعاً على جمع (نحو: كلما أو مهما) كما لو قال: كلما كلمته فعلي يمين أو كفارة، أو مهما [١] دخلت الدار فعلي يمين أو كفارة، فتتكرر الكفارة بتكرر الفعل.

(لا متى ما) فليست من صيغ التكرار على الصحيح، فإذا قال: متى ما كلمته فعلي يمين أو كفارة فلا يلزمه كفارة إلا في المرة الأولى، وأما متى بدون ما فلا تقتضي التكرار قطعاً كإن وإذا. (ولا) إن قال: (والله ثم والله) لا أفعل كذا ففعله فلا تكرر الكفارة عليه، بل عليه كفارة واحدة إلا إذا قصد تكرارها (أو) قال: (والقرآن والمصحف والكتاب) لا أفعل كذا، (أو) قال: (والفرقان والتوراة والإنجيل) لا أفعل كذا؛ (أو) قال: (والعلم والقدرة والإرادة) لا أفعل كذا ففعله فليس عليه إلا كفارة واحدة (إذا لم ينو كفارات) في الجميع، وإلا لزمه ما نواه وكل هذا في اليمين بالله كما علمت.

ــ

كانت الصيغة صيغة بر أو حنث. قال الخرشي: وهذا في غير يمين الحنث المؤجل، أما هو فلا يكفر حتى يمضي الأجل كما في المدونة، واعترض بأن الحنث المقيد بأجل قبل ضيق الأجل يكون صاحبه على بر، فإذا ضاق تعين للحنث وحينئذ فهو متردد بين البر والحنث، وكلاهما يجوز فيه التكفير قبل الحنث. ولذا حاول أبو الحسن في شرح التهذيب أن قال هذا مشهور مبني على ضعيف من عدم التكفير قبل الحنث، كما في البدر القرافي، والأظهر أن يقال: قول المدونة لا يكفر حتى يمضي الأجل، أي على وجه الأحبية كالمنعقدة على بر؛ لأن الأحب فيها عند مالك أنه لا يكفر إلا بعد الحنث، وإن أجزأ قبله، بخلاف المنعقدة على الحنث، فإنه يخير إن شاء فعل وإن شاء كفر ولم يفعل كذا في حاشية الأصل، إذا علمت ذلك فما قاله محشي الأصل يوافق إطلاق شارحنا.

قوله: [في صيغة البر]: أي المطلق، وأما لو كان البر مقيداً كأن يقول: والله لا كلمت زيداً في هذا اليوم فبره لا يتوقف على الإكراه، بل يحصل حتى بفوات الزمن كذا في الحاشية.

قوله. [فلا كفارة عليه] أي بقيود ستة تؤخذ من الأصل: إذ لا يعلم أنه يكره على الفعل، وأن لا يأمر غيره بإكراهه له، وأن لا يكون الإكراه شرعياً، وأن لا يفعل ثانياً طوعاً بعد زوال الإكراه، وأن لا يكون الحالف على شخص بأنه لا يفعل كذا هو المكره له على فعله، وأن لا تكون يمينه لا أفعله طائعاً ولا مكرهاً. وإلا حنث.

قوله: [إن قصد في صيغة البر تكرار الحنث]: أي بتكرر الفعل.

قوله: [فإن العرف يقتضي] إلخ: أي إذا كان حلفه بسبب من أو فخر من المحلوف على طعامه أو شرابه مثلاً.

قوله: [وكذا إذا قال لله علي أيمان] إلخ: أي في جواب التعليق أيضاً بدليل ما بعده فصور التعليق أربع وتجري تلك الصور أيضاً في قوله وكذا في غير التعليق.

قوله: [فليست من صيغ التكرار]: أي بل من صيغ التعليق إلا أن ينوي التكرار فتعدد على حسب ما نوى.

قوله: [فلا تقتضي التكرار قطعاً]: أي بل هي وما بعدها أدوات تعليق لا غير باتفاق.

قوله: [فلا تتكرر الكفارة عليه] أي ولو قصد بتكرر اليمين التأسيس لتداخل الأسباب عند اتحاد الموجب، بخلاف الطلاق فيتعدد بالتكرار إن لم يقصد التأكيد احتياطاً في الفروج.

قوله: [وكل هذا في اليمين بالله]: أي ومثله النذر المبهم والكفارة، وأما العتق والطلاق فيتكرر إن لم يقصد التأكيد، أما الطلاق فللاحتياط في الفروج كما علمت، وأما العتق فلتشوف الشارع للحرية.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] وقوله: (أو مهما) في ط المعارف: (ومهما).

<<  <  ج: ص:  >  >>