للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإن علق قربة) كأن قال: إن دخلت الدار فعلي عتق عبد وصوم عام وصدقة بدينار، أو نوى ذلك، (أو) علق (طلاقاً) كما لو قال: إن دخلت فعلي طلاق فلانة وفلانة أو جميع زوجاتي، أو بالثلاث أو طلقتين أو نوى شيئاً من ذلك (لزم ما سماه أو نواه وفى) قوله [١]: (أيمان المسلمين) تلزمني إن فعلت كذا ففعله يلزمه (بت من يملك) عصمتها (وعتقه) أي عتق من يملك رقبته من الرقيق، (وصدقة بثلث ماله) من عرض أو عين أو عقار حين يمينه إلا أن ينقص فثلث ما بقي، (ومشي بحج) لا عمرة، (وصوم عام وكفارة) ليمين، وهذا (إن اعتيد حلف بما ذكر) من البيت [٢] وما عطف عليه لأن الأيمان تجري على عرف الناس وعادتهم.

(وإلا) تجر عادة بالحلف بجميع ما ذكر، بل ببعضه (فالمعتاد) بين الناس من الأيمان هو الذي يلزم الحالف. والمعتاد بين أهل مصر الآن أن يحلفوا بالله وبالطلاق، وأما العتق والمشي لمكة وصوم العام والصدقة بالمال فلا يكاد يحلف بها أحد منهم، وحينئذ فاللازم في أيمان المسلمين تلزمني كفارة يمين وبت من في عصمته فقط.

(وتحريم الحلال في غير الزوجة لغو) لا يقتضي شيئاً فمن قال: كل حلال علي حرام، أو اللحم أو القمح علي حرام إن فعلت كذا ففعله فلا شيء عليه، إلا في الزوجة إذا قال إن فعلته فزوجتي علي حرام أو فعلي الحرام فيلزمه بت المدخول بها، وطلقة في غيرها ما لم ينو أكثر، ولو قال: كل علي حرام فإن حاشى الزوجة لم يلزمه شيء كما تقدم وإلا لزمه فيها ما [٣] ذكر.

ثم شرع في بيان ما يخصص اليمين أو يقيدها

ــ

قوله: [وإن علق قربة] أي على وجه التشديد والامتناع من الفعل، لأنه الذي يقال له يمين، وأما التعليق على وجه المحبة كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي كذا فلا يقال له يمين، بل نذر وليس كلامنا فيه.

قوله: [لزم ما سماه أو نواه]: أي فالعبرة بالتسمية إن لم يكن له نية تقتضي التعدد، وإن كان له نية تقتضي التعدد عمل بها، وإن كان اللفظ يقتضي الاتحاد.

قوله: [يلزمه بت من يملك]: أي واحدة أو متعددة.

قوله: [أي عتق من يملك رقبته] ظاهره أنه إن لم يكن له رقيق حال اليمين لم يلزمه عتق، وبه قال ابن زرقون - وقبله ابن عرفة - وقال الباجي: إن لم يكن له رقيق حين اليمين لزمه عتق رقبة ورجحه صاحب التوضيح هكذا قال (بن).

قوله: [إلا أن ينقص] أي بأن يصير ما له وقت الحنث ناقصاً عن وقت الحلف، فاللازم له التصدق بثلث ما بقي، وظاهره ولو كان النقص بفعل اختياري من صاحبه وهو كذلك.

قوله: [لا عمرة] أي لأنه يلزمه من كل نوع من الأيمان أتمها، ولذلك جعل عليه الحج ماشياً دون العمرة، وحكي عن بعض الشيوخ أنه يلزمه المشي في حج أو عمرة. وذكر شيخ مشايخنا العدوي: أنه إذا لم يقدر على المشي حين اليمين لا شيء عليه.

قوله: [وهذا إن اعتيد حلف بما ذكر]: قال في المجموع وفي ابن ناجي على الرسالة: أن الطرطوشي قال في الأيمان بثلاث كفارات، وكذا ابن العربي والسهيلي والأبهري وابن عبد البر لا يلزم إلا الاستغفار، وعنه كفارة يمين وألغاه الشافعية، فلو نوى طلاقاً فخلاف عندهم أصل المذهب إلغاؤه ومما ينبغي تجنبه قولهم: يلزمني ما يلزمني وعلي ما علي لأنه صالح، لأن المعنى يلزمني جميع ما صح إلزامه لي وينبغي أن يقبل الآن عدم اليمين من العوام لأنه شاع عندهم علي ما علي من اللباس مثلاً ويلزمني ما يلزمني كالصلاة اهـ. تنبيه: مثل ما قال المصنف في اليمين ما عدا صوم العام قول الحالف: علي أشد ما أخذ أحد على أحد، أو أشق أو أعظم، ومثله أيضاً من حلف ولم يدر بما حلف أكان بعتق أو طلاق أو صدقة أو مشي فيلزمه أن يطلق نساءه ألبتة، وأن يعتق عبيده وأن يتصدق بثلث ماله، وأن يمشي إلى بيت الله الحرام في حج، وأن يكفر كفارة يمين - كذا في الحاشية.

قوله: [وحينئذ فاللازم] إلخ: أي حين إذا كان عرف مصر هكذا فيفتي بلزوم ذلك لأهل مصر، وكل من وافقهم في ذلك العرف، وهذا ما لم يقصد الحالف الأمور التي ترتب على أيمان المسلمين في أصل المذهب، وإلا فيلزمه ما قصد، فإن النية تقدم على العرف كما يأتي، وإنما الحمل على العرف عند عدمها فتدبر.

قوله: [في غير الزوجة] دخل في الغير: الأمة ما لم يقصد بتحريمها عتقها وإلا لم يكن لغواً، هذا مذهبنا خلافاً لأبي حنيفة القائل: إن من حرم الحلال يلزمه كفارة يمين.

قوله: [إذا قال إن فعلته] إلخ: في الكلام حذف والأصل كما إذا قال فتدبر.

قوله: [فيلزمه بت المدخول بها]: هذا هو مشهور المذهب، وقيل يلزمه واحدة بائنة كغير المدخول بها.

قوله: [ولو قال كل علي حرام] بالتنوين مع حذف المضاف إليه معناه لو قال كل حلال علي حرام محاشياً للزوجة فهو استدراك على تحريم الزوجة في تلك الصيغة.

قوله: [ثم شرع في بيان ما يخصص اليمين] إلخ: لما أنهى الكلام على حد اليمين وصيغها والموجب للكفارة منها، وأنواع الكفارة وتكرارها واتحادها، أتبع ذلك بالكلام على مقتضيات الحنث والبر.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] وقوله: (وفى، قوله) في ط المعارف: (وفي قوله).
[٢] في ط المعارف: (البت)، ولعله الصواب.
[٣] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>