للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما لو حلف بما ذكر أو بالله لا آكل لحماً فأكل لحم طير، وقال: أردت لحم [١] غير الطير فيصدق مطلقاً لمساواة إرادة نيته لظاهر لفظه.

(وإن لم تساو) ظاهر اللفظ بأن كان ظاهر لفظه العام أو المطلق أرجح (فإن قربت) في نفسها للمساواة وإن كانت ضعيفة بالنسبة لظاهر لفظه (قبل) الحالف: أي قبلت دعواه النية مطلقاً في اليمين بالله وغيره (إلا في) أمرين: (الطلاق، والعتق المعين) كعبدي زيد (في القضاء): أي فيما إذا رفع للقاضي وأقيمت عليه البينة أو أقر، فلا يقبل ويتعين الحكم عليه بوقوع الطلاق والعتق لذلك العبد (كلحم بقر) أي كنيته أي دعوى نيته بيمينه لحم بقر، (وسمن ضأن في) حلفه: (لا آكل لحماً أو: ) لا آكل (سمناً) فأكل لحم الضأن وسمن البقر، فإذا رفع للقاضي فقال: نويت لا آكل لحم بقر وأنا قد أكلت لحم ضأن، أو نويت لا آكل سمن ضأن وأنا قد أكلت سمن بقر، فلا يقبل. ويقبل في الفتوى مطلقاً في الطلاق والعتق وفي غيرهما، لأنها قريبة من المساواة، (وكشهر): أي وكنية (شهر أو) نية: (في المسجد في) يمينه بـ (نحو) نية: (لا أكلمه) أو لا أدخل داره ثم فعل المحلوف عليه وقال: نويت لا أكلمه في شهر أو في المسجد، (وكتوكيله) في حلفه: (لا يبيعه أو): لا (يضربه)، فباعه له الوكيل أو ضربه، وقال: نويت أن لا أبيعه بنفسي أو لا أضربه بنفسي فيقبل في الفتوى لقرب هذه النية وإن لم تساو، ولا يقبل في القضاء في طلاق ولا عتق معين. (وإن بعدت) النية عن المساواة (لم يقبل مطلقاً) لا في الفتوى ولا القضاء في طلاق أو عتق أو غيرهما؛ (كإرادة) زوجة أو أمة (ميتة في) حلفه: إن دخلت دار زيد مثلاً فزوجته (طالق) أو أمته (حرة)، فلما دخل قال: نويت زوجتي أو أمتي الميتة، فلا يقبل منه ذلك لبعد نيته عن المساواة بعداً بيناً لظهور أن الطلاق أو الحرية لا يقصد بهما الميت. (أو) إرادة (كذب) في حلفه أنها (حرام)، فلما وقع المحلوف عليه قال: أردت أن كذبها حرام لا هي نفسها، فلا يصدق مطلقاً.

و(إنما تعتبر) النية في التخصيص أو التقييد: أي يعتبر تخصيصها أو تقييدها (إذا لم يستحلف) الحالف في حق عليه لغيره، (وإلا) بأن استحلف في حق (فالعبرة بنية المحلف)، سواء كان مالياً كدين وسرقة أم لا. فمن حلفه المدعي أنه ليس له عليه دين، أو: لقد وفاه وأنه ما سرق أو ما غصب فحلف، وقال نويت من بيع أو من قرض أو من عرض والذي علي بخلاف ذلك لم يفده ولزمه اليمين بالله وبغيره، أو حلف ما سرقت وقال: نويت من الصندوق وسرقتي كانت من الخزانة، أو نحو ذلك لم يفده. وكذا لو شرطت عليه الزوجة عند العقد أن لا يخرجها من بلدها أو لا يتزوج عليها وحلفته على أنه إن تزوج عليها أو أخرجها فالتي يتزوجها طالق أو فأمرها بيدها، فحلف ثم فعل المحلوف عليه وادعى نية شيء لم تفده؛ لأن اليمين بنية المحلف

ــ

قوله: [ومن ذلك ما لو حلف] إلخ: لكن التمثيل فيه لتقييد المطلق؛ لأن لفظ لحم يصدق بأي نوع على سبيل البدل وقصره على غير لحم الطير تقييد له فتدبر.

قوله: [وسمن ضأن] إلخ: حاصله أنه إذا حلف لا يأكل سمناً وقال: أردت سمن الضأن كانت تلك النية مخصصة ليمينه فلا يحنث بأكل غيره سواء لاحظ إخراج غير الضأن أو لا، بأن ينوي إباحة ما عدا سمن الضأن أو لم يلاحظه؛ لأنه لا معنى لنية الضأن إلا إخراج غيره، وهذا ما قاله ابن يونس، وما قيل في مثال السمن يقال في مثال اللحم، وقال القرافي: إن نية سمن الضأن لا تكون مخصصة لقوله: لا آكل سمناً إلا إذا نوى إخراج غيره أو لا، بأن نوى إباحة ما عدا سمن الضأن. وأما لو نوى عدم أكل سمن الضأن فقط في لا آكل سمناً من غير نية إخراج غيره أولاً، فإنه يحنث بجميع أنواع السمن، لأن ذكر فرد العام بحكمه لا يخصصه لعدم منافاته له، ولكن ما لابن يونس قول الجمهور وهو الراجح كما في (ر) و (بن)، وهو مقتضى شارحنا.

قوله: [وكشهر] إلخ: هو مثال أيضاً للقريب من المساواة وكذلك قوله وكتوكيله فيقبل منه في جميع الأيمان حتى عند القاضي إلا في الطلاق والعتق المعين.

قوله: [وقال نويت لا أكلمه] إلخ: راجع لقوله لا أكلمه، وأما قوله لا أدخل داره فلم يتمم مثاله ولو تممه لقال أو دخل الدار بعد شهر وقال: نويت لا أدخل مدة شهر فتدبر.

تنبيه: نكتة تعداد المثال الجمع بين العام والمطلق والمجمل، فإن قوله: كلحم بقر وسمن ضأن مثال للمطلق، وقوله: لا أكلمه مثال للعام، وقوله: وكتوكيله إلخ مثال للمجمل فتأمل.

قوله: [لم يقبل مطلقاً]: إلا لقرينة تصدق دعواه في إرادة الميتة ونحوها، وليس هذا من باب العمل بالنية فقط بل بها وبالقرينة.

قوله: [فلا يصدق مطلقاً]: أي إلا لقرينة كما تقدم، وظاهر تقييدهم بالقرينة أنه يعمل عليها. ولو في الطلاق والعتق المعين عند القاضي.

قوله: [فالعبرة بنية المحلف]: أي فلا ينفع تخصيصه حينئذ ولو لم يستحلفه ذلك الغير، بل حلف متبرعاً وهذا أقرب الأقوال كما في المج، فلا مفهوم لقول شارحنا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>