بأن وقف في القراءة أو غيره فأرشده للصواب لأنه في قوة: قل كذا، (و) حنث (بخروجها بلا علمها بإذنه) لها في الخروج (في) حلفه على زوجته: (لا تخرجي إلا بإذني) ولا ينفعه دعوى أنه قد أذن لها في الخروج وإن لم تعلم به، لأن حلفه أنها لا تخرج إلا بسبب إذني وخروجها لم يكن بسبب إذنه.
(و) حنث (بالهبة والصدقة) على محلوف عليه (في) حلفه (لا أعاره) شيئاً (وبالعكس) كأن حلف لا وهبه شيئاً أو لا يتصدق عليه فأعاره؛ لأن المعنى لا ينفعه بشيء وفهم منه أنه إن حلف لا يتصدق عليه. فوهبه أو عكسه الحنث بالأولى. (ونوى): أي قبلت نيته في ذلك إن ادعى نية حتى في طلاق وعتق لدى حاكم لمساواة نيته لظاهر لفظه كما تقدم.
(و) حنث (بالبقاء) في الدار (ولو ليلاً) ولا يبرئه إلا الارتحال بأثر حلفه (أو بإبقاء شيء) من متاعه فيها، (إلا) ما لا بال له عرفاً (كمسمار) ووتد وخرقة من كل ما لا تلتفت النفس له (في) حلفه (لا سكنت) هذه الدار، إلا أن يخاف من ظالم أو لص أو سبع إذا ارتحل بالليل؛ ولا يضره التعزيل في يوم أو يومين أو أكثر لكثرة متاعه. وليس من العذر وجود بيت لا يناسبه أو كثير الأجرة بل ينتقل ولو في بيت شعر. ثم إذا خرج لا يعود وإلا يحنث بمجرد العود، بخلاف: لأنتقلن (لا) يحنث (بخزن) فيها بعد الانتقال، لأنه لا يعد سكنى في العرف، بخلاف ما لو أبقى فيها شيئاً مخزوناً حين الانتقال، (ولا) يحنث بالبقاء فيها (في) حلفه: (لأنتقلن) من هذه الدار. ويمنع من وطء زوجته إن كان يمينه بالطلاق، ومن بيع العبد إن كان يمينه بالعتق حتى ينتقل بالفعل؛ لأنها يمين حنث.
(إلا أن يقيد بزمن) كـ لأنتقلن في هذا الشهر (فبمضيه) يحنث إذا لم ينتقل فيه، وجاز له العود بعد الانتقال لكن بعد مدة أقلها نصف شهر، وندب له كماله وإلا لم يبر إذا أبقى ما له بال لا كمسمار.
(و) حنث الحالف
ــ
كذا، بخلاف سلام الصلاة وما ذكره من الحنث بالفتح مطلقاً هو المعتمد خلافاً لمن قال: إنه يحنث بالفتح في السورة، ولا يحنث بالفتح عليه بالفاتحة والفقه مسلم وإلا فقد يقال: إن الفتح في الصلاة ليس كلاماً عرفاً كما قالوا في سلامها.
قوله: [في القراءة أو غيره]: هكذا نسخة المؤلف والمناسب في الفاتحة أو غيرها.
قوله: [في حلفه على زوجته] إلخ: صورتها حلف رجل على زوجته بالطلاق أو غيره أنها لا تخرج إلا بإذنه، فأذن لها وخرجت بعد إذنه لكن قبل علمها بالإذن، فإنه يحنث سواء أذن لها وهو حاضر أو في حال سفره أشهد على الإذن أو لا، بقي لو أذن لها وعلمت بالإذن ثم رجع في إذنه فخرجت فمذهب ابن القاسم يحنث وقال أشهب لا يحنث.
قوله: [وحنث بالهبة والصدقة] إلخ: حاصل المسألة أن الصور ستة وهي ما إذا حلف لا أعاره فوهب أو تصدق وبالعكس فهذه أربعة، أو حلف لا يهب فتصدق وبالعكس فهاتان صورتان. وظاهر شارحنا أنه يحنث في الجميع ما لم تكن له نية فتقبل حتى عند القاضي في الطلاق والعتق المعين، وهو خلاف ما مشى عليه في الأصل وفي المجموع من التفصيل. وحاصله: أنه إذا حلف لا أعاره فتصدق أو وهب أو حلف لا يهب فتصدق، فإن ينوي عند المفتي مطلقاً وعند القاضي في غير الطلاق والعتق المعين، وأما لو حلف لا يتصدق أو لا يهب فأعار أو حلف لا يتصدق فوهب فينوي مطلقاً عند المفتي والقاضي، حتى في الطلاق والعتق المعين.
قوله: [ولا يبرئه إلا الارتحال بأثر حلفه] إلخ: هذا هو مذهب المدونة ومقابله قول أشهب لا يحنث حتى يكمل يوماً وليلة، وقول أصبغ لا يحنث حتى يزيد عليهما، وفي الأجهوري أن هذا مبني على مراعاة الألفاظ، ومن راعى العرف والعادة أمهله حتى يصبح فينتقل لما ينتقل إليه مثله.
قوله: [أو بإبقاء شيء]: معطوف على قوله بالبقاء مسلط عليه حنث.
قوله: [إلا أن يخاف من ظالم] إلخ: أي فلا يحنث ببقائه لأجل ذلك؛ لأنه مكره على البقاء ويمينه صيغة بر ولا حنث فيها بالإكراه كما مر.
قوله: [بخلاف لأنتقلن]: أي فيجوز له العود في الدار بعد الانتقال بشرطه الآتي، ومثل: لأنتقلن لا بقيت أو: لا أقمت، على المعتمد وقيل: مثل: لا سكنت كذا في (بن) فعلى المعتمد يجوز له الرجوع بعد نصف شهر، إذا حلف لا بقيت في هذه الدار أو لا أقمت فيها.
قوله: [بخلاف ما لو أبقى فيها شيئاً] إلخ: أي له بال يحمله على الرجوع.
قوله: [ويمنع من وطء زوجته] فإن لم ينتقل ورافعته الزوجة ضرب له أجل الإيلاء من يوم الرفع.
قوله: [فبمضيه يحنث]: أي ولا يمنع من وطء زوجته قبل ذلك إلا إذا ضاق الأجل.
قوله: [لكن بعد مدة] إلخ: أي ما لم يعين مدة أقل أو أكثر فتعتبر.
تنبيه: من حلف لا ساكنه في هذه الدار مثلاً كفى في بره أن ينتقل عن الحالة التي كانا عليها، بحيث يزول عنهما اسم المساكنة عرفاً ولو بضرب جدار بينهما، ولا يشترط أن يكون وثيقاً بل يكفي ولو جريداً ويحنث بالزيارة بعد ذلك إن قصد التنحي.
وأما إن كان الحامل له أمور العيال فلا يحنث إلا أن يكثر الزيارة أو يبيت بغير عذر، بقي ما لو حلف على عدم المساكنة وكانا بحارة