للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(باستحقاق بعض الدين) الذي وفاه لغريمه المحلوف له وأولى استحقاق الكل (أو ظهور عيبه) أي الدين (بعد) مضي (الأجل) الذي حلف ليقضينه فيه أي ظهر فيه بعد الأجل أن به عيباً قديماً يوجب الرد ولم يرض به واجده، (و) حنث (بهبته) أي الدين (له): أي للمدين الحالف فقبل، (أو دفع قريب) مثلاً (عنه): أي عن الحالف بلا إذنه، (وإن) دفع القريب مثلاً (من ماله) أي مال الحالف فلا يبر، (أو شهادة بينة) للحالف (بالقضاء) بعد أن حلف فيحنث، وذلك كله (في) حلفه لرب الدين: (لأقضينك) حقك (لأجل كذا): أي في أجل كذا كشهر رمضان، فلما قضاه دينه فيه استحق الدين من يده كلاً أو بعضاً أو ظهر به عيب يوجب الرد أو قبل أن يقضيه له وهبه ربه للمدين الحالف وقبل، فبمجرد القبول يحنث ولا ينفعه إقباضه له بعد القبول، أو وفاه عنه قريب له أو صديق وأولى أجنبي أو شهدت له بينة بالقضاء ولا بد من القضاء، ثم يأخذه إن شاء، نعم إن علم الحالف في مسألة دفع القريب عنه قبل مضي الأجل، ورضي بدفعه عنه بر، لأن علمه ورضاه منزل [١] منزلة دفعه، (و) حنث (بعدم قضاء، للدين في غد في) حلفه: (لأقضينك) حقك (غداً يوم الجمعة، و) الحال أنه (ليس يوم الجمعة) وإنما اعتقد الحالف أنه يوم الجمعة غلطاً لتعلق الحنث بالغد لا بتسميته يوم جمعة.

(وله): أي للحالف

ــ

أو بحارتين، أو في قرية أو مدينة، والحكم أنهما إذا كانا بحارة فلا بد من الانتقال منها، سواء كانت يمينه لا ساكنه أو في هذه الحارة وإن كانت يمينه لا ساكنه ببلدة، أو في هذا البلد، فيلزمه الانتقال لبلد لا يلزم أهلها السعي لجمعة الأخرى، بأن ينتقل لبلد على كفرسخ. وإن حلف لأساكنه والحال أنهما بحارتين لزمه الانتقال لبلد آخر على كفرسخ إن صغرت البلد التي هما بها. وإن كان البلد كبيرة فلا يلزمه الانتقال ويلزمه المباعدة عنه، وعدم سكناه معه فإن سكن معه حنث كذا قيل والذي في (ح) عن ابن عبد السلام انتقاله لقرية أخرى، ولم يفصل بين كبيرة وصغيرة. ومن حلف لأسافرن فلا يبر إلا بمسافة القصر حملاً على القصد الشرعي دون اللغوي، ولزمه مكث في منتهى سفره خارجاً عن مسافة القصر نصف شهر فلا يرجع لمكان دون المسافة قبله ويندب له كمال الشهر.

قوله: [باستحقاق بعض الدين] إلخ: أي وقام رب الدين به كما صرح به في المدونة، فالاستحقاق مثل ظهور العيب إذا لم يقم به صاحبه لم يحنث الحالف. وظاهره أنه يحنث باستحقاق البعض ولو كان البعض الباقي يفي بالدين لأنه ما رضي في حقه إلا بالكل، فلما ذهب البعض انتقض الرضا، وظاهره أيضاً الحنث بالاستحقاق ولو أجاز المستحق أخذ رب الحق ذلك الشيء المقضي به الدين الذي استحقه واختار اتباع ذمة الدافع.

قوله: [أي ظهر فيه بعد الأجل] إلخ: فعلم مما ذكر أن الحنث في مسألة الاستحقاق مقيد بقيدين: أن يقوم رب الدين به، وأن يكون قيامه بعد الأجل وفي مسألة ظهور العيب مقيد بقيود ثلاثة هذان القيدان، وكون العيب موجباً للرد فإن لم يكن موجباً للرد أو لم يقم رب الدين به، بل سامح أو قام قبل الأجل فأجازه أو استوفى حقه قبل مضي الأجل لم يحنث الحالف.

قوله: [ولا بد من القضاء] إلخ: ولم يعولوا هنا على البساط وإلا فمقتضاه لا حنث حينئذ، وحيث قلتم، بدفعه ثم أخذه فإن أبى المحلوف له من الأخذ، وقال: لا حق لي لم يجبر على قبضه، ويقع الحنث كذا قيل ولكن استظهر الأجهوري جبره على القبول إن أبى منه لأجل أن يبر الحالف وهو وجيه.

تنبيه: من حلف ليقضين فلاناً حقه إلى أجل كذا فجن أو أسر أو حبس ولم يمكنه الدفع، ودفع الحاكم عنه قبل مضي الأجل من ماله أو مال الحاكم فيبر، وإن لم يدفع الحاكم عنه قبل مضي الأجل بل بعده فقولان بالحنث وعدمه.

مسألة: من حلف ليقضين فلاناً حقه إلى أجل كذا فلا يبر ببيع فاسد متفق على فساده قاصصه بثمنه من حقه حيث فات المبيع قبل الأجل، ولم تف القيمة بالدين، فإن وفت القيمة بالثمن حينئذ أو كمل له عليها قبل الأجل بر، وكذا إن فات بعده ووفت القيمة على المختار كما لو كان مختلفاً في فساده لمضيه بالثمن.

قوله: [بعدم قضاء] إلخ: أي وأما إن قضاه قبله فلا حنث؛ لأن قصده عدم المطل إلا أن يقصد بالتأخير إلى غد المطل، فيحنث بالتعجيل وهذا بخلاف حلفه على أكله الطعام، كمن حلف ليأكلن الطعام الفلاني غداً فأكله قبله فيحنث؛ لأن الطعام قد يقصد به اليوم.

مسألة: من كان عليه دين ودفع في نظيره عرضاً بر ولو بغبن، كما لو دفع عرضاً يساوي عشرة في مائة.

مسألة أخرى: لو غاب من له الدين بر الحالف الذي عليه الدين بدفع لوكيل التقاضي أو التفويض، فإن لم يكن وكيل للتقاضي أو التفويض فالحاكم، فإن لم يكن حاكم فوكيل ضيعة وقيل هو مع الحاكم في رتبة، فإن لم يكن أحد مما ذكر فجماعة المسلمين يشهدهم على إحضار الحق وعدده ووزنه وصفته وأنه اجتهد في الطلب فلم يجده، ثم يترك المال عند عدل منهم أو يبقيه عند نفسه حتى يأتي ربه ولا يبر بلا إشهاد، فالدفع لأحد


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (فنزل).

<<  <  ج: ص:  >  >>