للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ليلة ويوم) من الشهر يقضي فيه دينه، فإن أخر عن اليوم بغروب الشمس حنث (في) حلفه: لأقضينك حقك (في رأس الشهر) الفلاني، (أو عند رأسه أو إذا استهل أو عند انسلاخه أو إذا انسلخ أو لاستهلاله) بجره باللام على الأرجح، وجعله الشيخ مثل المجرور بـ إلى (و) لو حلف له ليقضينه حقه (إلى رمضان أو إلى استهلاله) بجره بـ إلى (فشعبان) فقط، وليس له ليلة ويوم من رمضان، فإن غربت الشمس من آخر يوم من شعبان حنث.

(و) حنث (بجعل الثوب) المحلوف عليه (قباء) بالمد: وهو الثوب المفرج (أو عمامة أو اتزر به، أو) ارتدى به (على كتفه في) حلفه (لا ألبسه) أي الثوب لأن الجميع يسمى لبساً عرفاً.

(و) حنث (بدخوله من باب غير) عن حالته الأولى بتوسيع أو علو مع بقائه في مكانه الأول، (في) حلفه: (لا أدخل منه) أي من هذا الباب، (إن لم يكره ضيقه) أي إذا لم يكن الحامل له على اليمين كراهة ضيقه وإلا لم يحنث إذا وسع.

(و) حنث (بأكله من) طعام (مدفوع لولده) الصغير، (أو عبد [١] في) حلفه: (لا آكل له) أي لفلان (طعاماً إن كانت نفقة الولد عليه) أي على أبيه الحالف، وكان المدفوع له يسيراً، فإن لم تكن نفقته عليه فلا يحنث، وكذا إذا كان المدفوع للولد كثيراً؛ إذ ليس لأبيه رد المال الكثير، ويحنث في العبد مطلقاً.

(و) حنث (بـ) قوله لها: (اذهبي إثر) حلفه: (لا كلمتك حتى تفعلي) كذا؛ لأن قوله لها: اذهبي. كلام منه لها قبل الفعل.

ــ

هذه الأربعة على هذا الترتيب مانع من الحنث وبراءة ذمته من الدين إنما تكون إذا دفعه لوكيل التقاضي أو التفويض أو الحاكم إن لم يتحقق جوره كما يؤخذ من الأصل.

قوله: [ليلة ويوم]: أي فالليلة مقدمة لأن ليلة كل يوم مقدمة عليه.

قوله: [من الشهر]: أي المسمى في اليمين كرمضان. فحاصله أنه إذا قال: لأقضينك حقك في رأس رمضان أو عند رأسه أو إذا استهل أو عند انسلاخه، أو إذا انسلخ أو لاستهلاله فلا يحنث إلا إذا فاته ليلة ويوم من رمضان، ولم يقض الحق بخلاف ما لو أتى بإلى، فيحنث بمجرد فراغ شعبان وكل هذا ما لم تكن له نية أو بساط كما تقدم.

قوله: [أو عند انسلاخه] إلخ: المراد بالانسلاخ الانكشاف والظهور، فلذلك كان بمعنى الاستهلال؛ لأن الانسلاخ يفسر تارة بالظهور والانكشاف كما هنا، ومنه قولهم سلخت الجلد أي كشفته وأظهرت باطنه، وتارة بالإزالة ومنه قوله تعالى: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} [يس: ٣٧] بدليل قوله بعد ذلك: {فإذا هم مظلمون} [يس: ٣٧]، ولو كان معناه الكشف لقال: فإذا هم مبصرون كما نص عليه أهل المعاني. إذا علمت ذلك فلو نوى الحالف المعنى الثاني أو غلب العرف به فالعبرة بفراغ الشهر الذي سماه، لا بيوم وليلة من أوله فتأمل.

قوله: [وحنث بجعل الثوب] إلخ: أي ما لم يكن كرهه لضيقه فجعله قباء أو عمامة ولبسه، فإنه لا يحنث بذلك وهذا إذا كان المحلوف عليه مثل قميص وأما إن كان مما لا يلبس بوجه مثل شقة، فإذا حلف لا يلبسها ثم قطعها ولبسها فإنه يحنث، ولا يقبل منه أنه كرهها لضيقها.

قوله: [لأن الجميع يسمى لبساً عرفاً]: أي بخلاف ما إذا وضعه على فرجه أو كتفه مثلاً من غير لف ولا إدارة فإنه لا يحنث.

قوله: [كراهة ضيقه]: أي أو نحوه كمروره على من لا يحب الاطلاع عليه.

تنبيه: من حلف لا يدخل على فلان بيته حنث بقيامه على ظهره، ولو كان البيت بالكراء؛ لأن البيت ينسب لساكنه، وأما من حلف ليدخلن على فلان بيته فلا يبر باستعلائه على ظهره كما في حاشية السيد، لأن الحنث يقع بأدنى سبب والبر يحتاط فيه.

قوله: [إذ ليس لأبيه] إلخ: أي لأنه لا مصلحة في رده، بخلاف اليسير فإن له أن يقول ولدي عليّ فلا حاجة له بهذا الشيء.

قوله: [ويحنث في العبد مطلقاً]: أي لأن تمليك العبد في حكم تمليك السيد ونفقة العبد على السيد على كل حال، وهذا بخلاف الوالدين اللذين تجب نفقتهما على الولد الحالف؛ فلا يحنث بالأكل مما دفع لهما سواء كان قليلاً أو كثيراً لأنه ليس له رده؛ لأن الوالدين ليس محجوراً عليهما للولد، فاندفع ما يقال العلة الجارية في إعطاء اليسير للولد الفقير تجرى في إعطاء اليسير للوالدين الفقيرين، ومثل الوالدين ولد الولد في عدم الحنث لعدم وجوب نفقته عليه.

قوله: [وحنث بقوله لها اذهبي] إلخ: هذا هو المشهور. ومقابله لابن كنانة: أنه لا يحنث. ومثل ما ذكره المصنف ما إذا حلف لا كلمتيني حتى تقولي: أحبك فقالت له عفا الله عنك إني أحبك فيحنث بقولها عفا الله عنك لأنه كلام صدر منها قبل قولها أحبك، وأما لو قال شخص في يمينه لا كلمتك حتى تبدأني فقال له المحلوف عليه: لا أبالي بك فلا يعد بداءة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (عبده)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>