للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) حنث (بالإقالة في) حلف البائع حين طلب منه المشتري أن يحط عنه شيئاً من الثمن (لا ترك [١] من حقه شيئاً) فقال له المشتري: أقلني من هذه السلعة، فأقاله فيحنث البائع. (إن لم تف) السلعة بالثمن الذي وقع به البيع لأنه لم يأخذ جميع حقه، ومفهومه أنها إن كانت تفي بالثمن فلا حنث وهو كذلك.

(و) حنث الزوج (بتركها) أي الزوجة (عالماً) بخروجها بغير إذنه وأولى إن لم يعلم (في) حلفه: (لا خرجت إلا بإذني) لأن مجرد علمه لا يعد إذناً فإن أذن لها في الخروج فالعبرة بعلمها فإن علمت بالإذن لم يحنث وإلا حنث كما تقدم، (و) حنث (بالزيادة) منها (على ما أذن لها فيه) بأن قال لها: أذنت لك في الخروج لبيت أبيك، فزادت على ذلك إذ لم يأذن لها إلا في شيء خاص لا في الزيادة عليه، وسواء علم بالزيادة أم لم يعلم، وقيل: لا يحنث مطلقاً لأن الإذن قد حصل ولا دخل للزيادة في الحنث ولا في عدمه. (بخلاف) حلفه (لا يأذن لها إلا في كذا، فأذن) لها (فيه فزادت) عليه (بلا علم) منه فلا يحنث، فإن علم بزيادتها حال الزيادة حنث؛ لأن علمه بها حالها إذن منه بها، وهو لم يأذن لها إلا في شيء خاص.

(و) حنث بائع (بالبيع للوكيل): أي لوكيل المحلوف عليه (في) حلفه: (لا بعت منه): أي من زيد (أو له) سلعة أو الشيء الفلاني، فوكل زيد وكيلاً ليشتري له فباعه الحالف سلعة فيحنث. (وإن قال) البائع: (أنا حلفت) أن لا أبيع لزيد وأخاف أن تشتري له فتوقعني في الحنث، (فقال) له الوكيل: لا بل (هو لي، فتبين أنه): أي الشراء (للموكل) ولا ينفعه ذلك (ولزم البيع) ولا كلام للحالف اللهم (إلا أن يقول) الحالف للوكيل: (إن اشتريت له) أي لزيد (فلا بيع بيننا) فلا يلزم البيع ولا يحنث إن تبين أنه للموكل. قاله التونسي واللخمي؛ لكن مذهب المدونة، ورد به ابن ناجي عليهما: أنه يلزم ويحنث

ــ

للاحتياط في جانب البر.

قوله: [وحنث بالإقالة] أي بناء على أن الإقالة بيع، وأما على أنها حل للمبيع فلا حنث مطلقاً ولو كانت القيمة حين الإقالة أقل من الثمن الذي حصل به البيع، لأن بساط يمينه إن ثبت في حق فلا أترك منه شيئاً وحيث انحل البيع فلا حق للبائع عند المشتري.

قوله: [فلا حنث]: وكذلك لو التزم له النقص (قوله كما تقدم)، وإنما كررها ليرتب عليها قوله وحنث بالزيادة إلخ.

قوله: [وقيل لا يحنث مطلقاً]: أي علم بالزيادة أو لم يعلم بها واعلم أن محل الخلاف إذا خرجت ابتداء لما أذن لها فيه، وأما لو ذهبت لغير ما أذن لها فيه ابتداء ثم ذهبت لما أذن لها فيه بعد ذلك فإنه يحنث اتفاقاً سلم بالزيادة أم لا.

قوله: [إذن منه]: أي احتياطاً في جانب الحنث، وهذا بخلاف ما لو حلف لا تخرجي إلا بإذني فخرجت بحضوره ولم يأذن لها فلا يعد علمه وحضوره إذناً للاحتياط في جانب البر، فاحتيط في كل بما يناسبه.

قوله: [بالبيع للوكيل]: أي حيث علم أنه وكيل للمحلوف عليه، وإن لم يكن من ناحيته أو كان من ناحيته ولم يعلم أنه وكيله.

قوله: [فتبين] أي بالبينة احترازاً مما لو قال الوكيل: اشتريت لنفسي ثم بعد الشراء قال: اشتريته لفلان المحلوف عليه فينبغي أن لا يحنث الحالف بذلك لكون الوكيل غير مصدق فيما يدعيه كذا في الخرشي (وعب) ومثله ما إذا حلف على زوجته بالطلاق أنها لا تدخل حماماً مثلاً فقالت له بعد ذلك دخلته ولم يثبت بالبينة فلا تصدق ولا يحنث.

قوله: [لكن مذهب المدونة] إلخ: وهو الموافق لقولها أيضاً في البيع الفاسد.

وإن قال البائع إن لم تأت بالثمن إلى أجل كذا فلا بيع بيني وبينك كان البيع ماضياً والشرط باطلاً.

خاتمة: من يحلف لا أكلمه سنين أو شهوراً أو أياماً حمل على أقل الجمع وهو ثلاثة، وأما لو أتى بـ "أل" فالأبد حملاً لـ "أل" على الاستغراق احتياطاً، ومن قال: لا هجرته حمل على الهجر الشرعي وهو ثلاثة أيام على الراجح، وقيل: على العرفي وهو شهر ولزمه في الحين سنة عرف أو نكر، وهل مثله الزماني محل نظر، وفي القرن مائة سنة على المشهور وفي عصر ودهر: سنة، وإن عرف فالأبد، ومن حلف لأتزوجن فلا يبر إلا بعقد صحيح أو فاسد فات بالدخول على من تشبه نساءه، فإن قصد كيد زوجته فلا بد أن تشبهها. ومن حلف لا أتكفل مالاً حنث بضمان الوجه إلا أن يشترط عدم الغرم، وكذا يحنث بالوجه من حلف على ضمان الطلب، ويحنث بضمان المال في حلفه على أي وجه من أوجه الكفالة، ويحنث بضمانه لوكيل المحلوف عليه إن علم الوكالة، أو كان كصديقه وهل يشترط علم الحالف بكالصداقة؟ قولان ومن حلف ليكتمن فأخبر شخصاً أسره به حنث بقوله لمخبر ما ظننت غيري عرفه أو ما ظننته قاله لغيري. ومن حلف بالطلاق ليطأن زوجته الليلة فوطئها حائضاً أو صائماً أو محرمة فهل يبر بذلك حملاً للفظ على مدلوله اللغوي أو لا يبر حملاً له على مدلوله الشرعي؟ والمعدوم شرعاً كالمعدوم حساً قولان، ومن حلف على زوجته لتأكلن قطعة لحم فخطفتها هرة عند مناولته إياها وابتلعتها فشق جوفها عاجلاً وأخرجت قبل أن يتحلل في جوفها منها شيء وأكلتها المرأة فهل يبر بذلك أو لا؟ قولان، ومثل خطف الهرة: لو تركتها المرأة حتى فسدت ثم أكلتها. اهـ خليل وشراحه.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (أترك)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>