للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(القتل وإن) وقع (من غير الإمام بعد الفتح): فأولى إن وقع من الإمام أو من غيره قبل الفتح، وأما غير القتل من جزية أو استرقاق أو فداء فلا يسقط إن وقع الأمان بعد الفتح؛ فلا يسقط الأمان بعده إلا القتل خاصة.

فلذا قال: (فينظر) الإمام (في غيره) أي غير القتل من أسر أو من أو فداء أو ضرب جزية.

ثم الأمان من الإمام أو غيره يكون (بلفظ) دال عليه نحو: أمناك (أو إشارة مفهمة) برأس أو يد.

(ولو ظنه): أي الأمان (حربي) والحال أن المسلم لم يؤمنه وإنما خاطب غيره أو خاطبه بكلام لم يفهمه (فظن) أنه أمنه (فجاء) إلينا معتمداً على ظنه.

(أو نهى الإمام الناس عنه): أي عن الأمان (فعصوا) وأمنوا واحداً أو طائفة.

(أو نسوا) أن الإمام نهى عنه فأمنوا (أو جهلوا) نهيه أي لم يعلموا به فأمنوا، (أو) أمنه ذمي و (ظن) الحربي (إسلامه) فجاء إلينا معتمداً على ذلك (أمضى) الأمان في المسائل الخمس: أي أمضاه الإمام إن شاء، (أو رد) الحربي (لمأمنه)، ولا يجوز قتله ولا أسره ولا سلب ماله. (كأن): أي كما يرد لمأمنه إن (أخذ) حال كونه (مقبلاً) إلينا (بأرضهم فقال: جئت لأطلب الأمان) منكم، (أو) أخذ (بأرضنا وقال: ظننت أنكم لا تتعرضون لتاجر) ومعه تجارة، (أو) أخذ (بينهما) أي بين أرضنا وأرضهم وقال ما ذكر فيرد لمأمنه.

(إلا لقرينة كذب) فلا يرد، ويرى الأمان [١] فيه ما يراه في الأسرى، كما إذا لم يدع شيئاً من ذلك في المسائل الثلاثة.

(وإن مات) المؤمن (عندنا فماله لوارثه إن كان معه) وارثه عندنا دخل على التجهيز أم لا (وإلا) يكن معه وارثه [٢] (أرسل) المال (له) أي لوارثه بأرضهم (إن دخل) عندنا (على التجهيز) لقضاء مصالحه من تجارة أو غيرها، لا على الإقامة عندنا، (ولم تطل إقامته) عندنا (وإلا) بأن دخل على الإقامة أو على التجهيز، ولكن طالت إقامته عندنا (ففيء) محله بيت مال المسلمين.

(وانتزع منه) أي من المستأمن (ما سرق): أي ما سرقه منا معاهد زمن عهده سواء كان هو أو غيره، (ثم عيد) أي رجع (به) إلينا ويقطع إن كان هو السارق، ولو شرط عند الأمان أنه لا يقطع إن سرق، ولا يوفى له بشرطه، بخلاف ما أغاروا عليه وسلبوه منا من الأموال أو سرقوه في غير زمن عهدهم،

ــ

قوله: [وإن وقع من غير الإمام بعد الفتح]: وهذا قول ابن القاسم وابن المواز، ورد المصنف بالمبالغة على ما قاله سحنون: لا يجوز لمؤمنه قتله ويجوز لغيره لعدم صحة أمانه بالنسبة لغير مؤمنه. فمحل الخلاف في سقوط القتل بالتأمين بعد الفتح، إنما هو بالنسبة لغير المؤمن، وأما هو فلا يجوز له القتل اتفاقاً - كذا في التوضيح.

قوله: [وأما غير القتل من جزية] إلخ: ظاهره ولو من الإمام.

قوله: [من أسر]: أي استرقاق ويكونون غنيمة.

قوله: [أو من]: أي بأن يترك سبيله ويحسبه من الخمس.

قوله: [أو فداء]: أي من الخمس أيضاً سواء كان بالأسارى الذين عندهم أو بمال يأخذه منهم.

قوله: [أو ضرب جزية]: أي عليهم، ويحسب المضروب عليهم من الخمس أيضاً، وهذه الوجوه الأربعة بالنسبة للرجال المقاتلة، وأما النساء والذراري فليس فيهم إلا الاسترقاق أو الفداء.

قوله: [بلفظ دال عليه]: أي عربي أو غيره.

قوله: [مفهمة]: أي يفهم الحربي منها الأمان، وإن قصد المسلم بها ضده. ويثبت الأمان من غير الإمام ببينة لا بقول المؤمن كنت أمنته، بخلاف الإمام فقوله مقبول.

قوله: [أو رد الحربي لمأمنه]: أو للتخيير أي أن الإمام مخير بين إمضائه أو رده إلى المحل الذي كان فيه قبل التأمين، سواء كان يأمن فيه أو يخاف فيه فلا يتعرض له في حال مكثه عندنا ولو طالت إقامته، أولا في حال توجهه إلى المحل الذي كان فيه.

قوله: [أو أخذ بينهما]: ما ذكره المصنف من أنه يرد في هذه لمأمنه أحد قولين، وقيل: إنه يخير فيه الإمام ويرى فيه رأيه، ومحل الخلاف إذا أخذ بحدثان مجيئه وإلا خير فيه الإمام باتفاق كما في التوضيح.

قوله: [إلا لقرينة كذب]: أي كوجود آلة الحرب معه.

تنبيه: إن رد المؤمن بريح قبل وصوله لمأمنه فهو على أمانه السابق حتى يصل إلى مأمنه، فإذا قام فليس للإمام إلزامه الذهاب لأنه على الأمان، ومثل الرد بالريح رجوعه قبل الوصول، ولو اختياراً على ظاهر كلام ابن يونس. وأما إن رجع بعد بلوغه مأمنه بريح أو غيرها، فقيل: الإمام مخير إن شاء أنزله وإن شاء رده، وقيل: هو حل، وقيل: إن رد غلبة فالإمام مخير وإن رد اختياراً فهو حل.

قوله: [وإن مات المؤمن عندنا] إلخ: اعلم أن الأحوال أربعة لأن الحربي المؤمن: إما أن يموت عندنا، وإما أن يموت في بلده ويكون له مال عندنا نحو وديعة، وإما أن يؤسر، وإما أن يقتل في المعركة، فأشار المصنف إلى الحالة الأولى بقوله: [وإن مات عندنا فماله لوارثه] إلخ، ولم يستوف الأحوال الأربعة، بل بين حكم الحالة الأولى فقط، ونحن نبينها فنقول: أما الحالة الثانية: وهي ما إذا مات في بلده وكان له عندنا نحو وديعة، فإنها ترسل لوارثه، وأما الحالة الثالثة: وهي أسره وقتله، فماله لمن أسره وقتله حيث حارب فأسر ثم قتل، وأما الحالة الرابعة: وهي ما إذا قتل في معركة بينه وبين المسلمين من غير أسر، ففي ماله قولان، قيل، يرسل لوارثه، وقيل: فيء. ومحلهما: إذا دخل على التجهيز، أو كانت العادة ذلك ولم تطل


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الإمام)، ولعلها الصواب.
[٢] في ط المعارف: (وارثة).

<<  <  ج: ص:  >  >>