للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا ينزع منهم إن دخلوا به عندنا بأمان إلا الحر المسلم، فإنه ينزع على المعتمد بالقيمة، وما مشى عليه الشيخ من عدم النزع ضعيف ولذا قيل: (و) انتزع من المعاهد (الأحرار المسلمون) الذين قدم بهم بعد أسرهم أو سرقتهم بالقيمة على فرض كونهم أرقاء، وأما ما سرقه زمن عهده فينزع منه بلا قيمة قولاً واحداً.

(وملك) حربي دخل عندنا بأمان أو لا (بإسلامه) جميع ما بيده من أموالنا وغيرها كذمي وماله (غيرهما) أي غير الحر المسلم وما سرقه منا أيام عهده فلا يملكهما وينزعان منه

(ووقفت الأرض غير الموات) من أرض الزراعة والدور بمجرد الاستيلاء عليها، ولا يحتاج وقفها لصيغة من الإمام، ولا لتطييب أنفس المجاهدين بشيء من المال، ولا يؤخذ للدور كراء، بخلاف أرض الزراعة. وفائدة وقف الدور أنها لا تباع ولا يتصرف فيها تصرف الملاك، وهذا ما دامت باقية بأبنيتها التي فتحت عليها، فإن تهدمت وجدد فيها بناء جاز بيعها وهبتها،

والأخذ بالشفعة كما هو الآن بمصر ومكة وغيرهما. وأما الموات فلا كلام لأحد عليها، ومن أحيا منها شيئا فهو له ملكاً [١] (كـ) أرض (مصر والشام والعراق) من كل ما فتحت عنوة.

(وخمس غيرها) أي غير الأرض من سائر الأموال قال تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} [الأنفال: ٤١] الآية.

(فخراجها): أي الأرض، (والخمس) المذكور،

ــ

إقامته. فإن طالت إقامته وقتل في معركة بينه وبين المسلمين كان ماله ولو وديعة فيئاً قولاً واحداً.

قوله: [فلا ينزع منهم إن دخلوا به عندنا بأمان]: أي ولا يتعرض لهم فيه، غاية ما فيه يكره لغير مالكه اشتراؤه منهم لأن فيه تسليطاً لهم على أموال المسلمين، وشراؤها يفوتها على المالك. وأما لو قدم الحربي عندنا قهراً كالدولة الفرنساوية فإذا نهبوا أمتعة المسلمين وأرادوا بيعها فلا يجوز الشراء منها وهي باقية على ملك أربابها، فلهم أخذها ممن اشتراها بقصد التملك مجاناً. وأما إن اشتراها بقصد الفداء لربها فالأحسن أخذها بالفداء، لأن بلاد الإسلام لا تصير دار حرب بأخذ الكفار لها بالقهر ما دامت شعائر الإسلام قائمة بها. كذا في حاشية الأصل. وبهذا تعلم أن ما وهبه الفرنساوية من أموال المسلمين لا يملكه الموهوب له ولا يفوت على مالكه بالهبة. بخلاف من دخل بلادنا بأمان وبيده شيء من أموال المسلمين أخذها منهم وهو بدار الحرب، فإنه يملكها الموهوب له إما لأن الأمان يحقق ملكه أو لأنه بالعهد صار له حرمة ليست له في دار الحرب. بخلاف ما باعوه أو وهبوه في ديارهم فإن لربه أخذه بالثمن في البيع ومجاناً في الهبة.

قوله: [إلا الحر المسلم]: أي ذكراً أو أنثى.

قوله: [وما مشى عليه الشيخ] إلخ: هو أحد قولين لابن القاسم. والقول الآخر: أنه ينتزع منهم الإناث دون الذكور فالأقوال ثلاثة قد علمتها.

قوله: [فلا يملكها] إلخ: أي لعدم الشبهة حينئذ، ومثل الحر المسلم الدين الذي في ذمته، الوديعة وما استأجره منا حال كفره.

تنبيه: يدخل في قوله: [غير الحر المسلم]: أم الولد والمدبر والمعتق لأجل والمكاتب. لكنه يجب فداء أم الولد بدفع القيمة لشبهها بالحرة، واتبعت ذمة سيدها إن أعسر ويملك من المدبر والمعتق لأجل ما يملكه السيد منهما، فإن مات السيد المدبر والمعتق من ثلث ماله، فإن حمل بعضه رق باقيه لمن أسلم عليه ولا خيار للوارث في المدبر إذا مات سيده ورق بعضه، بل الحق فيه لمن أسلم عليه لأن السيد لم يكن له انتزاعه ممن أسلم، فكذا وارثه. بخلاف العبد الجاني والمعتق لأجل يصير حراً بفراغ الأجل. والمكاتب يعتق إذا أدى ما عليه له، وإن عجز رق له، ولا شيء لسيده والولاء في الجميع لمن عقد الحرية.

قوله: [بمجرد الاستيلاء] إلخ: قال (ر): لم أر من قال: إنها تصير وقفاً بمجرد الاستيلاء عليها، إذ كلام الأئمة فيما يفعله الإمام فيها - هل يقسمها كغيرها أو يتركها لنوائب المسلمين؟ وحينئذ فمعنى وقفها تركها غير مقسومة لا الوقف المصطلح عليه وهو الحبس وأقره (بن)، وقد يقال: هذا المعنى هو المراد من قولهم: تصير وقفاً بمجرد الاستيلاء، فإنها تترك للمصالح ولا معنى للوقف والتحبيس إلا ذلك. وهذا الوقف لا يحتاج لصيغة كما قال الشارح - كذا يؤخذ من حاشية الأصل.

قوله: [ولا يؤخذ للدور كراء]: أي هي كالمساجد يقضى فيها للسابق، ونقل عن بعض الأشياخ أنه ينبغي أن يؤخذ للدور كراء ويكون في المصالح كخراج أرض الزراعة

قوله: [فلا كلام لأحد عليها]: أي ولو السلطان.

قوله: [فخراجها]: أي أرض العنوة، ومثلها: خراج أرض الصلح ولا تورث أرض العنوة لأنها لا تملك، قال في الأصل: ولو مات أحد الفلاحين وله ورثة وقد جرت العادة بأن الذكور تختص بالأرض دون الإناث كما في بعض قرى الصعيد - فإنه يجب إجراؤهم على عاداتهم على ما يظهر، لأن هذه العادة والعرف صارت كإذن من السلطان في ذلك. ومقتضى ما تقدم أنه يجوز للسلطان أو نائبه أن يمنع الورثة من وضع أيديهم عليها ويعطيها لمن يشاء. وقد يظهر أنه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ملك).

<<  <  ج: ص:  >  >>