للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وتعين قتله في السب) بما لم يقر عليه (إن لم يسلم)، وحكى بعضهم الاتفاق عليه، وأما غصب الحرة المسلمة وغرورها فيخير فيه الإمام على المختار كما في منعه الجزية، ومقاتلة أهل الإسلام.

(وإن خرج لدار الحرب ناقضاً) للعهد (وأخذ استرق)، ورأى الإمام فيه رأيه (إن لم يظلم) أي إن لم يكن خروجه لظلم لحقه وإلا رد لجزيته، وصدق إن ادعى الظلم.

(وأخذ من تجارهم) أي أهل الذمة، (ولو) كانوا (أرقاء أو صبية عشر ثمن) بفتح المثلثة (ما باعوه) من العروض والأطعمة عند ابن القاسم، فإذا لم يبيعوا شيئاً لم يؤخذ منهم شيء، وقيل: يؤخذ منهم عشر ما جلبوه كالحربيين، فيؤخذ منهم ولو لم يبيعوه (مما) أي من عرض أو طعام (قدموا به من أفق) أي قطر وإقليم (إلى) أفق (آخر) كمصر والشام والروم والمغرب،

ــ

الاستفتاء فيه فقال: أرى أن يضرب عنقه، فقال ابن القاسم: يا أبا عبد الله اكتب ويحرق بالنار، فقال: إنه لحقيق بذلك، قال ابن القاسم: فكتبتها ونفذت الصحيفة بذلك ففعل به ذلك، قال عياض: ويجوز إحراق الساب بالنار حياً وميتاً.

قوله: [وتعين قتله في السب]: أي ويجوز حرقه حياً وميتاً كما تقدم.

قوله: [فيخير فيه الإمام على المختار]: وقيل يتعين قتله إن لم يسلم كالسب.

تتميم: للإمام المهادنة على ترك القتال بالمصلحة مدة باجتهاده، وندب أن لا تجاوز أربعة أشهر إلا لمصلحة، ولا يجوز شرط فاسد كإبقاء مسلم عندهم، أو إخلاء قرية من المسلمين لهم، أو دفع مال مثلاً لهم، أو رد مسلمة إلا لخوف أعظم من ذلك. والظاهر أن الخنثى ليس كالأنثى هنا لأن الشأن عدم وطئه كما في المجموع. فإن عقد معهم صلحاً بشرط ثم استشعر خيانتهم نبذه وأنذرهم، ووجب الوفاء بالشرط وأن يرد رهائن ولو أسلموا، ولا يلزم منه بقاء مسلم عندهم بل يجب علينا فداؤه بعد ذلك ككل أسير بالفيء، ثم مال المسلمين والأسير كواحد منهم، ثم إن تعذر مال المسلمين فماله، فإن تعذر وفداه إنسان من عنده رجع عليه إن لم يقصد صدقة، وهل بجميع ما دفع؟ وهو المعتمد كما في الحاشية. أو بما لا يمكن الخلاص بدونه؟ وهو الوجيه - خلاف. ومحل رجوع الفادي على الوجه المذكور إن لم يكن المفدى محرماً أو زوجاً إن عرفه أو كان المحرم يعتق عليه وإن لم يعرفه ما لم يأمر المحرم أو الزوج الفادي بالفداء أو يلتزمه، وإلا فيرجع به عليه. ويفض الفداء على عدد المفدين إن جهل الكفار قدر الأسارى من غنى وفقر وشرف ووضاعة، فإن علموا قدرهم فض على قدر ما يفدى به كل واحد بحسب عادتهم، ولو تنازع الأسير والفادي، فالقول للأسير في إنكار الفداء من أصله أو قدره، ولو كان الأسير بيد الفادي. ويجوز فداء أسارى المسلمين بأسارى الكفار الذين عندنا ولو كانوا شجعاناً إذا لم يرضوا إلا بذلك لأن قتالهم لنا مترقب، وخلاص الأسارى محقق، وقيده اللخمي بما إذا لم يخش منهم وإلا حرم. ويجوز أيضاً بالخمر والخنزير على الأحسن، وصفة ما يفعل في ذلك أن يأمر الإمام أهل الذمة بدفع ذلك للعدو ويحاسبهم بقيمة ذلك مما عليهم من الجزية، فإن لم يمكن جاز شراؤه للضرورة. ولو فدى مسلم مسلماً أو ذمياً بخمر أو خنزير فلا رجوع له به عليه، سواء كان من عنده أو اشتراه. وفي جواز فداء الأسير المسلم بالخيل وآلة الحرب قولان: إذا لم يخش من الفداء بهما الظفر على المسلمين، وإلا منع اتفاقاً.

قوله: [وأخذ من تجارهم] إلخ: سبب ذلك قول مالك في الموطإ: وليس على أهل الذمة ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولا زرعهم ولا على مواشيهم صدقة، لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيراً لهم ورداً على فقرائهم، ووضعت الجزية على أهل الكتاب صغاراً لهم فهم وإن كانوا ببلدهم الذي صالحوا عليه ليس عليهم شيء سوى الجزية في شيء من أموالهم، إلا أن يتجروا في بلاد المسلمين ويختلفوا فيها. فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من التجارات، وذلك أنهم إنما وضعت عليهم الجزية وصالحوا عليها على أن يقروا ببلادهم، ويقاتل عنهم عدوهم. فمن خرج من بلاده منهم إلى غيرها يتجر فعليه العشر من تجر منهم من أهل مصر إلى الشام، أو من أهل الشام إلى العراق أو من أهل العراق إلى المدينة، أو إلى اليمن وما أشبه هذا من البلاد فعليه العشر ولا صدقة على أهل الكتاب ولا المجوس في شيء من مواشيهم ولا ثمارهم ولا زروعهم مضت بذلك السنة، ويقرون على دينهم ويكونون على ما كانوا عليه، وإن اختلفوا في العام الواحد مراراً إلى بلاد المسلمين فعليهم كلما اختلفوا العشر لأن ذلك ليس مما صالحوا عليه، ولا مما شرط لهم وهذا الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.

قوله: [عند ابن القاسم]: أي وهو المشهور.

قوله: [فإذا لم يبيعوا شيئاً لم يؤخذ منهم شيء]: أي خلافاً لابن حبيب لأن الأخذ في نظير النفع لا في دخول الأرض لأنهم مكنوا منها بالجزية.

<<  <  ج: ص:  >  >>