ذكراً (مجنونا) مطبقاً فإن كان يفيق في بعض الأحيان انتظرت إفاقته.
(وصغيراً لمصلحة) اقتضت تزويجهما بأن خيف الزنا على المجنون أو الضرر، فتحفظه الزوجة ومصلحة الصبي تزويجه من غنية أو شريفة أو ابنة عم، أو لمن تحفظ ماله ولا جبر للحاكم إلا عند عدم الأولين، إلا إذا بلغ عاقلاً ثم جن فالكلام للحاكم.
(والصداق على الأب) إذا جبر ابنه المجنون أو الصغير، (وإن مات) الأب؛ لأنه لزم ذمته بجبره لهما فلا ينتقل عنها، ويؤخذ من تركته وهذا (إن أعدما) بفتح الهمزة أي لم يكن لهما مال (حال العقد) ولو أيسر بعد ذلك، (ولو شرط) الأب (خلافه) بأن قال: ولا يلزمني صداق بل الصداق على الصبي أو المجنون فلا يعمل بشرطه، (وإلا) يعدما حال العقد بأن كانا موسرين به أو ببعضه حاله وإن أعدما بعده (فعليهما) ما أيسرا به كلاً أو بعضاً لا على الأب، كما أنه لا يلزم الوصي ولا الحاكم مطلقاً (إلا لشرط) من ولي الزوجة على الأب أو على الوصي أو على الحاكم، فيعمل به وسكت عن السفيه: هل يجبره من ذكر؟ قال المصنف: وفي السفيه خلاف، لكنه صحح في التوضيح القول بعدم جبره، ولا بد من رضاه.
(وإن) عقد أب لابن رشيد بإذنه ولم يبين كون الصداق عليه أو على ابنه، و (تطارحه) ابن (رشيد وأب) تولى العقد؛ بأن قال الابن لأبيه: أنت التزمت الصداق وما رضيت إلا أنه عليك، وقال الأب: بل ما قصدت إلا أنه على ابني، فإن كان قبل الدخول (فسخ ولا مهر) على واحد منهما (إن لم يلتزمه أحدهما) وإلا لزم من التزمه ولا فسخ، (و) إن تطارحاه (بعد الدخول حلف الأب) أنه ما قصد به الصداق إلا على ابنه، (وبرئ ولزم الزوج صداق المثل)، ولا يمين عليه إن كان قدر المسمى أو أكثر (وحلف إن كان) صداق المثل (أقل من المسمى) ليدفع عن نفسه غرم الزائد، قاله اللخمي.
(ورجع لأب) زوج ولده وضمن له الصداق، (و) رجع لشخص (ذي قدر) بين الناس (زوج غيره) والتزم صداقه، (و) رجع لأب (ضامن لابنته صداقها): أي زوج ابنته لشخص بصداق والتزم لابنته الصداق (النصف) فاعل "رجع" في الثلاث: أي رجع لكل نصف الصداق (بالطلاق قبل الدخول)، وليس للزوج المطلق فيه حق لأن كلاً من الثلاثة إنما التزمه على أنه صداق ولم يتم،
ــ
تنبيه: للوصي جبر الذكر للمصلحة ولو لم يكن له جبر الأنثى كما إذا قال له: أنت وصيي على ولدي كما في (ر)، وفي (عب) تبعا للـ (ح) تقييده بما إذا كان له جبر الأنثى قال (بن): وفيه نظر.
قوله: [ذكراً مجنوناً]: أي وأما الأنثى فلا يجبرها إلا الأب أو الوصي على تفصيل تقدم، وأما الحاكم فلا يجبرها.
قوله: [لمصلحة] إلخ: أي لا لغيرها فلا جبر ولا بد من ظهورها في الوصي والحاكم، وأما الأب فمحمول عليها، وقال بعضهم قيد المصلحة إنما هو حيث يكون الصداق من مال الولد وإلا فلا يعتبر كما يدل عليه كلامهم.
قوله: [إلا إذا بلغ]: الأولى إلا إذا رشد.
قوله: [لأنه لزم ذمته]: أي ولا يقال إنها صدقة لم تقبض، بل هي معاوضة. والحاصل أن الأب إذا جبر ولده الصغير أو المجنون فالصداق عليه إن كانا معدمين حين العقد، ولو مات الأب ولو أيسرا بعد العقد، ولو اشترط الأب أن الصداق عليهما، وأما إن كانا موسرين حين العقد فعليهما، ولو أعدما بعد العقد إلا الشرط على الأب فيعمل به.
قوله: [كما أنه لا يلزم الوصي ولا الحاكم] إلخ: حاصله أنه لا يلزم الحاكم والوصي صداق المجنون والصغير، سواء كانا معدمين أو موسرين، لكن إن كانا معدمين اتبعا به وكل هذا ما لم يشترط على الوصي، أو الحاكم وإلا عمل به.
قوله: [لكنه صحح في التوضيح] إلخ: فعلى القول بالجبر يجري في الصداق ما جرى في صداق الصغير والمجنون.
قوله: [وتطارحه ابن رشيد] إلخ: مفهومه أنه إن تطارحه سفيه وأب ففيه تفصيل وهو إن كان الولد ملياً حين العقد لزمه الصداق وإلا فسخ، لأنه إذا كان يلزمه الصداق في حالة جبر الأب له على القول به فأولى، في حالة عدم الجبر، وإن كان معدماً حالة العقد، فقد مر أن الصداق على الأب على القول بجبره، وهل كذلك في حالة عدم الجبر أم لا؟ قاله في الحاشية.
قوله: [فسخ ولا مهر]: أي ولا تتوجه يمين أصلاً على المعتمد، وقيل: الفسخ وعدم المهر مقيد كما قال ابن المواز بحلفهما معاً، فإن نكلا معاً لزمهما الصداق بالسوية، ويقضى للحالف على الناكل، ويبدأ في الحلف بالأب لأنه المباشر للعقد، وقيل يقرع فيمن يبدأ.
تنبيه: قال في المدونة: من زوج ابنه البالغ المالك لأمر نفسه وهو حاضر صامت، فلما فرغ الأب من النكاح قال الابن: ما أمرته ولا أرضى صدق مع يمينه، وإن كان الابن غائباً فأنكر حين بلغه سقط النكاح والصداق عنه، وعن الأب والابن والأجنبي في هذا سواء اهـ.
قوله: [ولزم الزوج صداق المثل]: إنما غرم صداق المثل مع أنه نكاح صحيح، لأن المسمى ألغي لأجل المطارحة، وصار المعتبر قيمة ما استوفاه الزوج فلا يقال لأي شيء دفع للزوجة غير ما تدعيه.