للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وصدقت) المرأة (إن ادعته): أي الطلاق في الحيض ليجبر على رجعتها ولا ينظرها النساء (إلا أن يترافعا) للحاكم حال كونها (طاهراً)، فالقول له فلا يجبر على الرجعة.

(وعجل فسخ الفاسد في) زمن (الحيض)، ولا يؤخر حتى تطهر منه إذ التأخير على الفساد أقبح من الفسخ في الحيض.

(و) عجل (الطلاق على المُولي) في الحيض إذا حل الأجل بكتاب الله، (ثم أجبر على الرجعة) بعده لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(بخلاف المعسر بالنفقة) إذا حل أجل التلوم فلا يطلق عليه في الحيض، بل حتى تطهر (أو العيب) كجذام أو برص أو جنون يجده أحد الزوجين في الآخر فلا يعجل الفسخ في الحيض، بل حتى تطهر، (أو ما): أي نكاح (للولي) أي أب أو سيد أو غيرهما (فسخه)، وعدم فسخه كأن يتزوج عبد بغير إذن سيده أو صغير أو سفيه بغير إذن وليه فلا يعجل فسخه في الحيض، واللعان لا يعجل في الحيض إذا أراد ملاعنتها فيه، بل حتى تطهر.

ثم شرع يتكلم على أركانه وشروطه وما يتعلق بها فقال: (وركنه): أي الطلاق من حيث هو سنياً أو بدعياً بعوض أم لا، وهو مفرد مضاف فيعم جميع الأركان، فكأنه قال: وأركانه أربعة: (أهل) والمراد به: موقعه من زوج أو نائبه أو وليه إن كان صغيراً، ولا يرد الفضولي لأن موقعه في الحقيقة هو الزوج بدليل أن العدة من يوم الإجازة لا الإيقاع.

(وقصد): أي قصد النطق باللفظ الصريح أو الكناية الظاهرة، ولو لم يقصد حل العصمة وقصد حلها في الكناية الخفية، واحترز به عن سبق اللسان في الأولين وعدم قصد حلها في الثالث.

(ومحل) أي عصمة مملوكة تحقيقاً أو تقديراً كما يأتي.

(ولفظ): صريح أو كناية ظاهرة أو خفية، أي أو ما يقوم مقامه كالإشارة والكتابة، لا بمجرد نية ولا بفعل إلا لعرف والمراد بالركن: ما تحقق به الماهية ولو لم يكن جزءاً منها حقيقة.

وأشار لشروط صحته وهي ثلاثة: الإسلام والبلوغ والعقل بقوله: (وإنما يصح من مسلم) لا من كافر (مكلف) ولو سفيهاً، لا من صبي أو مجنون أو مغمى عليه (ولو سكر) المكلف

ــ

قوله: [وصدقت المرأة] إلخ: حاصله أن المرأة إذا طلقها زوجها، فقالت طلقني في حال حيضي، وقال الزوج: طلقتها في حال طهرها وترافعا، فإنها تصدق بيمين ولا ينظرها النساء لأنها مؤتمنة على فرجها خلافاً لما في طرر ابن عات من أن النساء ينظرن لمحل الدم، من فرجها ولا تكلف أيضاً بإدخال خرقة في فرجها، وينظر إليها النساء خلافاً لابن يونس، وكل هذا ما لم يترافعا وهي طاهرة، وإلا فالقول قوله كما قال المصنف، وانظر هل بيمين أم لا.

قوله: [وعجل الطلاق على المولي] إلخ: حاصله أن المولي إذا حل أجل الإيلاء في زمن حيض امرأته ولم يفئ بأن لم يرجع عن يمينه ويكفر عنه، فالمشهور كما قال ابن القاسم أنه يطلق عليه ويجبر على الرجعة، لأنه صدق عليه أنه طلق في الحيض والطلاق رجعي. واستشكل تعجيل الطلاق على المولي في الحيض بأن الطلاق إنما يكون عند طلبها الفيئة وطلبها حال الحيض ممتنع، فإن وقع لا يعتبر كما يدل عليه ما يأتي. وأجيب بحمل هذا على ما إذا وقع منها طلب الفيئة قبل الحيض وتأخر الحكم بالطلاق حتى حاضت.

قوله: [بكتاب الله]: أي لقوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} [البقرة: ٢٢٦] إلى {سميع عليم} [البقرة: ٢٢٧] وقوله: [لسنة رسول الله)، أي «لقضية عبد الله بن عمر حين طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسكها بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله تعالى بها النساء» قال ابن عمر حسبت علي تطليقة.

قوله: [فلا يعجل الفسخ في الحيض] إلخ: فإن عجل فيه وقع بائناً إن أوقعه الحاكم ولا رجعة له كذا قاله ابن رشد وهو المعتمد، وقال اللخمي يقع رجعياً ويجبر على الرجعة إلا في العنين، فإنه بائن، فإن أوقعه الزوج من غير حاكم فرجعي اتفاقاً ويجبر على الرجعة إلا في العنين، فإنه بائن لأنه طلاق قبل الدخول.

قوله: [للولي أي أب أو سيد أو غيرهما فسخه]: أي فليس لهم فسخه في الحيض إذا كان ذلك بعد الدخول لا قبله فلهم الفسخ لأن الطلاق في الحيض حينئذ جائز.

قوله: [فلا يعجل فسخه في الحيض]: هذا ظاهر في غير الصغير فتأمل.

قوله: [وركنه]: الواو للاستئناف.

قوله: [أو نائبه]: المراد به الحاكم والوكيل، ومنه الزوجة إذا جعله بيدها.

قوله: [إن كان صغيراً]: أي ومثله المجنون إذا كان لا يفيق.

قوله: [أي قصد النطق]: أي ولذلك كان يلزم بالهزل على المشهور.

تنبيه: يلزم طلاق الغضبان ولو اشتد غضبه خلافاً لبعضهم ودعوى أنه من قبيل الإكراه باطل، وكل هذا ما لم يغب عقله بحيث لا يشعر بما صدر منه فإنه كالمجنون.

قوله: [أو تقديراً كما يأتي]: أي في قوله: "ومحله ما ملك من عصمة وإن تعليقاً".

قوله: [ولفظ صريح]: أي كما يأتي في قوله: "ولفظه الصريح الطلاق".

قوله: [لا بمجرد نية]: أي عزم ليس معه لفظ ولا كلام نفسي.

قوله: [ولا يفعل [١]]: أي كنقل متاعها مثلاً.

قوله: [والمراد بالركن] إلخ: بهذا يندفع ما يقال إن الفاعل والمفعول ليس واحد منهما ركناً من الفعل، فكيف يجعل الأهل والمحل من أركان الطلاق الذي هو رفع حلية تمتع الزوج بزوجته.

قوله: [لا من كافر]: أي سواء كانت زوجته التي طلقها كافرة أو مسلمة، فإذا طلق زوجته الكافرة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (بفعل).

<<  <  ج: ص:  >  >>