للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكراً (حراماً) كما لو شرب خمراً عمداً مختاراً فيلزمه الطلاق ميز أو لم يميز، لأنه أدخله على نفسه، وقيل: إن ميز، وإلا فهو كالمجنون.

(كعتقه) فإنه يلزمه ميز أو لا، (وجناياته) على نفس أو مال (بخلاف عقوده) من بيع أو شراء أو إجارة أو نكاح، فلا تلزم ولا تصح، (وإقراره) بشيء في ذمته أو أنه فعل كذا فلا [١] يلزمه.

(وطلاق الفضولي) وهو من أوقع الطلاق عن غيره بغير إذنه (كبيعه) متوقف على الإجازة، فإن أجازه الزوج لزم.

(والعدة من) يوم (الإجازة) لا من يوم إيقاع الفضولي.

(ولزم) الطلاق (ولو) وقع منه (هازلاً؛ كالعتق والنكاح والرجعة)، فإنها تلزم بالهزل والمزاح إن لم يقصد إيقاعها.

(لا إن سبق لسانه) بأن قصد النطق بغير لفظ الطلاق فزل لسانه فنطق به فلا يلزمه (في الفتوى)، ويلزمه في القضاء (أو لقن أعجمي) لفظ الطلاق (بلا فهم) منه لمعناه، فلا يلزمه شيء مطلقاً (أو هذى) بذال معجمة مفتوحة كرمى (لمرض) قام به، فطلق من غير شعور حيث شهد العدول بأنه يهذي، وأما لو شهدوا بصحة عقله لزمه الطلاق ولا يقبل قوله: (أو أكره عليه): أي على الطلاق فلا يلزمه في فتوى ولا قضاء، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا طلاق في إغلاق» أي إكراه، (ولو ترك التورية) مع معرفتها لم يلزمه شيء، بل لو قيل طلقها فقال: هي طالق بالثلاث لم يلزمه شيء لأن المكره لا يملك نفسه حال الإكراه كالمجنون.

(أو) أكره (على فعل ما علق عليه) الطلاق فلا يحنث كحلفه بطلاق: لأدخل [٢] الدار، فأكره على دخولها، أو حمل كرهاً فأدخلها وذلك في صيغة البر.

وأما صيغة الحنث نحو: إن لم يدخل الدار فطالق، فأكره على عدم الدخول، فإنه يحنث كما يأتي.

(إلا أن يعلم) حال الحلف (أنه سيكره) فأكره فإنه يحنث أو يكون الإكراه (شرعياً) فإنه يحنث به لأن الإكراه الشرعي كالطوع.

(كتقويم جزء العبد في) حلفه بالطلاق أو غيره (لا باعه) أي هذا العبد: أي لا باع نصيبه من ذلك العبد، فأعتق شريكه فيه نصيبه منه فقوم عليه نصيب الحالف على عدم البيع وكمل به عتق الشريك، فإنه يحنث لأن المكره له الشارع (أو) في حلفه (لا اشتراه) فأعتق الحالف نصيبه من العبد فقوم عليه نصيب شريكه [٣] لتكميل عتقه لزمه الطلاق،

ــ

ثم أسلمت وأسلم في عدتها كان أحق بها ما لم يبنها من حوزه كما تقدم، وإذا أسلمت الكافرة وزوجها كافر ثم طلقها في العدة ولو ثلاثاً ثم أسلم فيها لم يعد طلاقه طلاقاً، وكان على نكاحها وإن انقضت عدتها ما لم يكن أخرجها من حوزه كما تقدم فتحل بعقد جديد.

قوله: [سكراً حراماً]: أي بأن استعمل عمداً ما يغيب عقله، سواء كان جازماً حين الاستعمال بتغييب عقله بهذا الشيء، أو شك في ذلك كان مما يسكر جنسه أو من غيره كلبن حامض، ولو كان ذلك المغيب مرقداً أو مخدراً فمراده بالمسكر كل مغيب، ورد المصنف بـ "لو" على من قال إن السكران بحرام لا يقع عليه طلاق، سواء ميز أم لا ومفهوم قوله: "حراماً" أن السكران بحلال كالمغمى عليه والمجنون.

قوله: [وقيل إن ميز]: هذا قول ثالث.

قوله: [كبيعه]: التشبيه في توقف كل على إجازة المالك لا في أصل القدوم، فإنه اتفق على عدم جواز قدوم الفضولي على الطلاق، بخلاف البيع فقيل بالحرمة، وقيل بالجواز، وقيل بالاستحباب، والمعتمد الحرمة والفرق بينه وبين الطلاق أن الناس شأنهم يطلبون الأرباح في سلعهم بالبيع بخلاف النساء.

قوله: [فإنها تلزم بالهزل] إلخ: أي لما ورد في الخبر: «ثلاثة هزلهن جد: النكاح والطلاق والعتق» وفي رواية «والرجعة» بدل العتق.

قوله: [ويلزمه في القضاء]: أي إن لم يثبت سبق لسانه بالبينة وإلا فلا يلزمه في فتوى ولا في قضاء.

قوله: [مطلقاً]: أي لا في الفتوى ولا في القضاء لعدم قصد النطق باللفظ الدال على حل العصمة الذي هو ركن في الطلاق.

قوله: [أو هذي]: من الهذيان وهو الكلام الذي لا معنى له.

قوله: [من غير شعور]: أي من غير شعور أصلاً، وأما لو قال وقع مني شيء ولم أعقله لزمه الطلاق، لأن شعوره بوقوع شيء منه دليل على أنه عقله، قاله ابن ناجي وسلموه له، قال في الأصل وفيه نظر إذ كثيراً ما يتخيل للمريض خيالات يتكلم على مقتضاها بكلام خارج عن قانون العقلاء، فإذا أفاق استشعر أصله وأخبر عن الخيالات الوهمية كالنائم اهـ.

تنبيه: لا يلزمه شيء لا في الفتوى ولا في القضاء، لو قال لمن اسمها طالق يا طالق، وقيل منه في طارق التفات لسانه في الفتوى دون القضاء، أو قال يا حفصة فأجابته عمرة فقال لها أنت طالق يظنها حفصة، فتطلق حفصة في الفتيا والقضاء، وأما المجيبة فتطلق في القضاء دون الفتيا.

قوله: [فلا يلزمه في فتوى] إلخ: محل ذلك ما لم يكن قاصداً بالطلاق حل العصمة باطناً وإلا وقع عليه.

قوله: [ولو ترك التورية]: المراد بها هنا الإتيان بلفظ فيه إيهام على السامع كأن يقول هي طالق، ويريد من وثاق أو رجعة بالطلق.

قوله: [وذلك في صيغة البر]: أي فلا يلزمه الطلاق على المعتمد بشروط ذكر المصنف منها ثلاثة وهي قوله: إلا أن يعلم أنه سيكره، أو يكون الإكراه شرعياً أو يفعل بعد زواله، وزيد عليها أن لا يأمر الحالف غيره بالإكراه، وأن لا يعمم في يمينه بأن قال: لا أفعل طائعاً ولا مكرهاً فتكون الشروط خمسة والصيغة صيغة بر.

قوله: [لزمه الطلاق]: أي على المذهب خلافاً للمغيرة حيث قال بعدم لزوم الطلاق.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.
[٢] في ط المعارف: (لا أدخل)، ولعلها الصواب.
[٣] في ط المعارف: (شريك).

<<  <  ج: ص:  >  >>