للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكمن حلف بالطلاق: لا خرجت زوجته فأخرجها قاض لتحلف يميناً وجبت عليها.

(أو يفعل) الشيء المحلوف عليه (بعد زواله) أي الإكراه (فيلزم) الطلاق (كالحنث) أي كما يلزمه اليمين في صيغة الحنث مطلقاً، كما لو حلف: إن لم يدخل الدار فهي طالق، فهمّ بالدخول فمنع منه كرهاً، فإنه يحنث كما لو عزم على عدم الدخول.

والحاصل أن صيغة البر لا حنث فيها بالإكراه بالقيود المتقدمة وأما صيغة الحنث فلا ينفع فيها الإكراه لانعقادها على حنث ثم إن الإكراه الذي لا حنث به في صيغة البر يكون (بخوف قتل) إن لم يطلق، (أو ضرب مؤلم، أو سجن أو قيد، كصفع) بكف في قفا (لذي مروءة بملأ) أي جمع من الناس، فإنه وإن لم يؤلم فهو عند أهل المروءات فظيع، فإن كان بخلوة، أو كان الزوج من غير أهل المروءات لم يكن إكراهاً ما لم يكثر وإلا فإكراه مطلقاً (أو) خوف (أخذ مال) له وظاهره قل أو كثر، وينبغي ما لم يكن تافهاً وهو لمالك، وقال ابن الماجشون: إن كثر (أو) خوف (قتل ولد) إن لم يطلق، وكذا بعقوبته إن كان باراً والولد يشمل الذكر والأنثى وإن نزل.

(أو) خوف قتل (والد) من أب أو أم (لا غيرهما) من أخ أو عم أو خال أو غيرهم.

(وندب الحلف) بالطلاق أو غيره (ليسلم) الغير من القتل بحلفه، وإن حنث هو وذلك فيما إذا قال ظالم: إن لم تطلق زوجتك أو إن لم تحلف بالطلاق قتلت فلاناً، قال ابن رشد: إن لم يحلف لم يكن عليه حرج. اهـ أي لا إثم عليه ولا ضمان، ويرد عليه: أن ارتكاب أخف الضررين واجب فتأمله.

(ومثله): أي مثل الطلاق في الإكراه المتقدم ذكره (العتق والنكاح والإقرار واليمين) فمن أكره غيره على أن يعتق عبده، أو يزوجه بنته مثلاً، أو على أن يقر له بشيء في ذمته، أو سرقة أو جناية أو غير ذلك، أو على أن يحلف يميناً بالله، أو بعتق عبده أو بالمشي إلى مكة، أو بصوم العام أو نحو ذلك؛ وكذا لو أكره على نذر شيء مما ذكر لم يلزم المكره شيء، (والبيع ونحوه) من سائر العقود لم يلزمه شيء.

وحاصله: أن من أكره غيره على عقد أو حل أو إقرار أو يمين لم يلزم المكره شيء، والإكراه فيما ذكر يكون بخوف قتل [١] أو ضرب مؤلم إلى آخر ما تقدم.

(بخلاف) الإكراه على (الكفر

ــ

قوله: [وكمن حلف بالطلاق]: أدخلت الكاف كل ما كان الإكراه فيه شرعياً، كما إذا حلف لا ينفق على زوجته، أو لا يطيع أبويه، أو لا يقضي دين فلان الذي عليه، فإذا أكرهه القاضي، على شيء من ذلك لزمه الطلاق على المذهب.

قوله: [بالقيود المتقدمة]: أي الثلاثة التي ذكرها المصنف مع القيدين اللذين زدناهما فيما تقدم.

قوله: [بخوف قتل]: المراد بالخوف ما يشمل الظن

قوله: [أو سجن أو قيد]: أي ولو لم يطل كل منهما وهذا إذا كان المكره من ذوي القدر، وأما إن كان من رعاع الناس فلا يعد الخوف إكراهاً إلا إذا هدد بطول الإقامة في السجن أو القيد كذا في الحاشية، فعلى هذا يعتبر الإيلام في السجن والقيد أيضاً وإلا فلا يكونان إكراهاً إلا لذوي المروءات.

قوله: [أي جمع من الناس]: أي سواء كانوا أشرافاً أو غيرهم كما يدل عليه قوله: "فإن كان بخلوة" إلخ.

قوله: [وإلا فإكراه مطلقاً]: أي سواء كان في الملا أو في الخلا لذي مروءة أو غيره.

قوله: [وينبغي ما لم يكن تافهاً]: اعلم أنه جرى في التخويف بأخذ المال ثلاثة أقوال: قيل إكراه، وقيل ليس بإكراه، وقيل إن كثر فإكراه وإلا فلا، الأول لمالك، والثاني لأصبغ، والثالث لابن الماجشون، ثم إن المتأخرين اختلفوا فمنهم من جعل الثالث تفسيراً للأولين وذلك كابن بشير ومن تبعه وعليه فالمذهب على قول واحد، ومنهم كابن الحاجب من جعل الأقوال ثلاثة متقابلة إبقاء لها على ظاهرها، فإذا علمت ذلك فقول الشارح: "وينبغي ما لم يكن تافهاً" تقييد لكلام مالك وليس من كلامه.

قوله: [من أخ أو عم]: أي فإذا قال له ظالم: إن لم تطلق زوجتك وإلا قتلت أخاك أو عمك فطلق خوفاً عليهما، فإنه يقع عليه الطلاق، ومن باب أولى الأجنبي فليس الخوف على من ذكر إكراهاً شرعياً وإن أمر بالحلف كما يأتي.

قوله: [وندب الحلف] إلخ: وقيل بالوجوب وعلى كل فهو غموس إن كانت بالله، وتكفر إن لم تتعلق بماض، ويثاب عليها ويلغز بذلك وإن كان بالطلاق أو العتق لزم.

قوله: [أي لا إثم عليه ولا ضمان]: محل ذلك إذا كان منه مجرد نكول فقط، وأما لو دل الظالم على المظلوم فيضمن قطعاً، ولا يعذر بالإكراه.

قوله: [ويرد عليه] إلخ: هذا البحث يؤيد القول بوجوب الحلف المتقدم، ولكن عدم الضمان مراعاة للقول الآخر، ويؤيد هذا البحث ما مر من وجوب تخليص المستهلك من نفس أو مال، ويجاب عنه بأن محل الوجوب ما لم يتوقف التخليص على الحلف كاذباً وإلا فلا يجب، فيكون مخصصاً لما تقدم.

قوله: [وكذا لو أكرهه على نذر شيء] إلخ: مثل ما إذا أكره على الحلف بالتزام طاعة كما إذا حلف بالله أو بالطلاق أو بالمشي لمكة ليصلين الظهر أول وقتها، أو لا يشربن الخمر، فهل إذا خالف يلزمه اليمين ولا يعد مكرها أو لا يلزمه يمين نظراً للإكراه؟ قولان قال في المجموع والأحسن عدم لزوم اليمين على الطاعة اهـ.

قوله: [بخلاف الإكراه على الكفر] إلخ: حاصله أن الأمور المتقدمة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>