للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالسب) لله تعالى، أو لنبي أو ملك، وكإلقاء مصحف بقذر.

(و) بخلاف (قذف المسلم) بالزنا، (و) بخلاف (الزنا بطائعة خلية) من زوج أو سيد (فلا يجوز) الإقدام على شيء من ذلك (إلا) إذا أكره (بالقتل) لا بغيره من قطع ونحوه، وإلا ارتد.

(والصبر) على القتل وعدم ارتكاب شيء مما ذكر (أجمل) عند الله تعالى وأحب إليه.

(لا قتل المسلم أو قطعه) يداً أو رجلاً أو أصبعاً، (أو الزنا بمكرهة) لو خلية من زوج كذات زوج أو سيد ولو طائعة، فلا يجوز الإقدام على شيء من ذلك، ولو أكره بالقتل، وأما لو أكره على فعل معصية لا حق فيها لمخلوق كشرب خمر وأكل ميتة، فيكون بغير القتل أيضاً، وألحق به بعضهم الزنا بطائعة لا زوج لها ولا سيد، لأنها معصية لا حق لمخلوق فيها، وقد يفرق بأن الزنا أشد لما فيه من اختلاط الأنساب، ولذا كان الحد فيه أعظم والقذف به لا يجوز إلا بالقتل، (وإن أجاز) المكره على شيء مما أكره عليه (غير النكاح طائعاً) بعد زوال الإكراه (لزم) على الأحسن، وأما لو أكره على النكاح ثم زال الإكراه فلا بد من فسخه ولا تصح إجازته.

ولما كان الركن الثالث والرابع يتعلق بهما أحكام كثيرة خصهما بالذكر بقوله: (ومحله): أي الطلاق (ما ملك من عصمة) بيان لما [١]، فما واقعة على عصمة أي عصمة مملوكة حقيقة أي حاصلة بالفعل، بل (وإن تعليقاً): أي وإن كان ملكها ذا تعليق أي مقدراً حصوله بالتعليق.

وذلك التعليق: إما أن يكون صريحاً كقوله لأجنبية أي غير زوجة: إن تزوجتك أو تزوجتها فهي طالق، فمتى تزوجها وقع عليه الطلاق، وإما غير صريح وهو قسمان: إما (بنية أو بساط) الأول (كقوله لأجنبية: إن فعلت) كذا كإن دخلت الدار فأنت طالق، (ونوى) إن فعلته (بعد نكاحها) فتزوجها ففعلته لزمه الطلاق لنية التعليق.

والثاني ما أشار له بقوله: (أو قال عند خطبتها) وشدد الولي عليه في الشروط مثلاً: (هي طالق) ولم يستحضر نية إن تزوجها لزمه الطلاق؛ لأن بساط اليمين –أي: قرينة الحال- تدل على أن المراد إن تزوجها (وتطلق) بفتح التاء وضم اللام أي يقع عليه الطلاق (عقبه) أي عقب الفعل في الثاني، وعقب العقد في الثالث كالأول، (وعليه النصف): أي نصف الصداق لكن في الثاني إن فعلت قبل الدخول،

ــ

من طلاق وأيمان لغيره، ونكاح وعتق وإقرار وبيع وإجارة وسائر العقود، يتحقق فيها الإكراه بالخوف من القتل، وما معه، وأما هذه الأمور وهي الكفر وما معه فلا يتحقق فيها الإكراه إلا بخوف من القتل فقط.

قوله: [أو لنبي أو ملك]: أي مجمع على نبوته أو ملكيته ومثلهما الحور العين، أما من لم يجمع على نبوته كالخضر ولقمان وذي القرنين، أو على ملكيته كهاروت وماروت، فالإكراه فيهما يكون ولو بغير القتل كذا في (عب)، وبحث فيه في الحاشية فقال وفيه أن سب الصحابة لا يجوز إلا بالقتل فهم أولى، فالذي ينبغي أنه لا يجوز إلا بمعاينة القتل ولذلك أطلق الشارح.

قوله: [وإلا ارتد]: أي وإلا يخف من القتل بل فعله لخوف الضرب أو قتل الولد أو نهب المال، فإنه يعد مرتداً ويحد في قذف المسلم وفي الزنا.

قوله: [أجمل عند الله]: أي لأنه أفضل وأكثر ثواباً كالمرأة لا تجد ما يسد رمقها إلا ممن يزني بها، فيجوز لها الزنا ولكن صبرها أجمل.

قوله: [لا قتل المسلم] إلخ: أي لو قال لك ظالم إن لم تقتل فلاناً أو تقطعه قتلتك فلا يجوز ذلك، ويجب عليه أن يرضى بقتل نفسه، وإن قتل غيره أو قطعه من أجل الخوف على نفسه اقتص منه.

قوله: [أو الزنا بمكرهة] إلخ: حاصله أنه إذا قال لك ظالم: إن لم تزن بفلانة قتلتك فلا يجوز الزنا بها، ويجب عليه الرضا بقتل نفسه إذا كانت تلك المرأة مكرهة أو طائعة ذات زوج أو سيد، أما لو كانت طائعة ولا زوج لها ولا سيد، فيجوز بخوف القتل كما تقدم في الشارح.

قوله: [وألحق به بعضهم]: المراد به سحنون.

قوله: [ولا تصح إجازته] إلخ: أي لأنه غير منعقد ولو انعقد لبطل لأنه نكاح فيه خيار.

قوله: [الركن الثالث والرابع]: أي وهما المحل والصيغة.

قوله: [خصهما بالذكر]: أي على سبيل الصراحة.

قوله: [وإن تعليقاً]: هذا قول مالك المرجوع إليه وفاقاً لأبي حنيفة، وخلافاً للشافعي، ولقول مالك المرجوع عنه.

قوله: [ذا تعليق]: يشير إلى أنه يقال فيه ما قيل في زيد عدل بأن يقال فيه سماها تعليقاً مبالغة أو على حذف مضاف كما قال الشارح، أو يؤول المصدر باسم المفعول.

قوله [لنية التعليق]: من إضافة الصفة للموصوف والنية بمعنى المنوي، والمعنى للتعليق المنوي أي المقيد بالنية بكونه بعد نكاحها فتأمل.

قوله: [أي قرينة الحال]: تفسير للبساط.

قوله: [عقبه] إلخ: هذا معلوم من صحة التعليق، وإنما ذكره لدفع توهم أنه يحتاج لحكم الحاكم بلزوم التعليق.

قوله: [أي عقب الفعل في الثاني] إلخ: المراد بالثاني: النية، وبالثالث: البساط، وبالأول: الصريح، وانظر قوله عقبه: " مع أن المعلق والمعلق عليه يقعان في وقت واحد "، إلا أن يقال المراد بالعقب المقارنة في الزمن الواحد، ويرد بأن الطلاق لا يكون إلا بعد تحقيق الزوجية، فالأحسن أن يقال قولهم المعلق والمعلق عليه يقعان في زمن واحد، أي قد يقعان فليس كلياً كذا في الحاشية. واستشكل أيضاً قوله: "ومحله ما ملك" بأنهم عرفوا الملك باستحقاق التصرف في شيء بكل وجه جائز، وهو يكون بالبيع والهبة ونحوهما، والزوج لا يتصرف في الزوجة. والجواب أن هذا تصرف خاص


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (معاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>