للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن مشيئة من ذكر لا اطلاع لنا عليها بخلاف إن شاء زيد أو إلا أن يشاء زيد فتنتظر مشيئته.

(أو) علق (بمحتمل) وقوعه أي ممكن (ليس في وسعنا كإن لم تمطر السماء في هذا الشهر)، أو غداً أو في هذا اليوم بأن قيد بزمن يمكن فيه الوجود والعدم فأنت طالق، فإنه ينجز عليه في يمين الحنث كما ذكرنا، (بخلاف) يمين (البر كإن أمطرت) السماء (فيه) أي في هذا الشهر مثلاً فأنت طالق (فينتظر)، فإن أمطرت في الأجل المذكور طلقت وإلا فلا (على الأرجح) وهو قول الأكثر، ومقابله ينجز كالحنث.

(أو) علقه (بمحرم) بصيغة حنث (كإن لم أزن) أو أشرب الخمر فأنت طالق فإنه ينجز عليه الطلاق لكن بحكم حاكم في هذا الفرع بدليل قوله: (إلا أن يتحقق) فعلى [١] المحرم (قبل التنجيز) فلا شيء عليه لانحلال يمينه.

(ولا حنث) عليه (إن علقه) أي الطلاق (بمستقبل ممتنع) وقوعه عقلاً، كالجمع بين الضدين، أو عادة كلمس السماء (كإن جمعت بين الضدين) فأنت طالق، (أو إن لمست السماء) فطالق، أو إن (شاء هذا الحجر) إذ لا مشيئة للحجر فيمتنع عادة أن تكون له مشيئة.

(أو) علقه (بما) أي بشيء (لا يشبه البلوغ إليه) عادة، بأن زاد أمده على مدة التعمير، (كبعد ثمانين سنة) أنت طالق (أو) قال (إذا مت) أنا (أو مت) أنت (أو إن) مت أو مت (أو متي) مت أو مت أنت فأنت طالق، فلا شيء عليه إذ لا طلاق بعد موت، بخلاف يوم موتي أو قبله كما تقدم، (أو قال) لخلية من الحمل تحقيقاً لصغر أو إياس أو في طهر لم يمس فيه (إن ولدت) ولداً (أو إن حملت) فأنت طالق فلا شيء عليه لتحقق عدم حملها، وقد علق الطلاق على وجوده (إلا أن يطأها ولو مرة، وهي ممكنة الحمل) بعد يمينه بل، (وإن) وطئها (قبل يمينه) ولم تحض بعده (فينجر [٢]) الطلاق عليه للشك.

(ولا) حنث إن علقه (بمحتمل) وقوعه (غير غالب) كدخول دار،

ــ

مسها وأنزل فينجز عليه.

قوله: [لأن مشيئة من ذكر] إلخ: أي ولأن مشيئة الله لا تنفع في غير اليمين، وقد تبع المصنف خليلاً التابع لابن يونس في تمثيل ما لم يمكن الاطلاع عليه، لا حالاً ولا مآلاً بمشيئة الله، واعترضه ابن رشد بأن التمثيل بهذا لما لا يمكن الاطلاع عليه، إنما يظهر على كلام القدرية من أن بعض الأمور على خلاف مشيئته تعالى، فيحتمل أن اليمين لازمة، وأنها غير لازمة، أما إن قلنا: كل ما في الكون بمشيئته تعالى فالصواب أن هذا من التعليق على أمر محقق، إن أراد إن شاء الله طلاقك في الحال، لأنه بمجرد نطقه بالطلاق علم أنه شاء، وإن أراد إن شاءه في المستقبل فهو لاغ لأن الشرع حكم بالطلاق فلا يعلق بمستقبل، وأجاب بعضهم بأن جعل ذلك مثالاً لما لا يمكن الاطلاع عليه منظور فيه للمشيئة في ذاتها، فلا ينافي أنها تعلم بتحقيق المشاء فتأمله في حاشية الأصل.

فمحصل الجواب أنه لا يمكن الاطلاع على ذات الله في الدنيا ولا على تعلق إرادته لأن قدر الله لا اطلاع لأحد عليه ما دامت الدنيا. تنبيه: لو صرف مشيئة الله أو الملائكة أو الجن لمعلق عليه كقوله أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله وصرف المشيئة للدخول أي إن دخلت بمشيئة الله فينجز عليه إن وجد الدخول عند ابن القاسم، وقال أشهب وابن الماجشون: لا ينجز ولو حصل المعلق عليه، وأما إن صرفها للمعلق وهو الطلاق أو لهما، أو لم تكن له نية فينجز إن وجد الدخول اتفاقاً، بخلاف قوله أنت طالق إن دخلت الدار مثلاً إلا أن يبدو لي، أو إلا أن أرى خيراً منه، أو إلا أن يغير الله ما في خاطري ونوى صرفه للمعلق عليه فقط كالدخول، فلا ينجز بل لا يلزمه شيء لأن المعنى: إن دخلت الدار وبدا لي جعله سبباً للطلاق فأنت طالق، وإذا لم يبد لي ذلك فلا ففي الحقيقة هو معلق على التصميم والتصميم لم يوجد حال التعليق فلم يلزمه شيء، وأما لو صرفه للطلاق أو لم ينو شيئاً فينجز عليه لأنه يعد ندماً ورفعاً للواقع.

قوله: [ومقابله ينجز كالحنث]: وهو ما لابن رشد في المقدمات قائلاً: إنه ينجز حالاً ولا ينظر، فإن غفل عنه حتى جاء ما حلف عليه فقيل يطلق عليه وقيل لا.

قوله: [لكن بحكم حاكم]: أي وهي إحدى المسائل الثلاث التي تقدم التنبيه عليها، وحيث احتاج لحكم فلو أخبره مفت بوقوع الطلاق من غير حكم فاعتدت زوجته وتزوجت، ثم فعل المحلوف عليه المحرم فإن زوجته ترد لعصمة الأول.

قوله: [أو إن شاء هذا الحجر]: هذا قول ابن القاسم في المدونة، وقال ابن القاسم، في النوادر: ينجز عليه الطلاق لهزله وبه قال سحنون، وذكرهما عبد الوهاب روايتين وذكر أن لزوم الطلاق أصح.

قوله: [فينجز الطلاق عليه للشك]: أي في لزوم اليمين له حين الحلف إن كان الوطء متقدماً أو حين الوطء إن كان متأخراً، وعد لزومه له في البقاء مع تلك اليمين بقاء على عصمة مشكوك فيها، وليس له وطؤها خلافاً لابن الماجشون حيث قال: إذا قال لها إن حملت فأنت طالق كان له وطؤها في كل طهر مرة إلى أن تحمل أو تحيض، قياساً على ما إذا قال لأمته إن حملت فأنت حرة، فإن له وطأها في طهر مرة ويمسك إلى أن تحمل أو تحيض، وفرق ابن يونس


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (فعل)، ولعلها الصواب.
[٢] كذا في ط الحلبية وط المعارف، ولعل الصواب: (فينجز)، كما في أقرب المسالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>