للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقطع النظر عن قوله الآن فليس له أن يقول: أنظروني حتى يأتي رأس الشهر ليحصل المحلوف عليه، فإذا جاء رأس الشهر قال: لا أطلقك، فلا يقع عليه طلاق لانعدام المحلوف به بمضيه، لأنا نقول لا عبرة بالتقييد بالزمن بقوله: "الآن" كما في أنت طالق الآن، إن كلمته في غد خلافاً، لابن عبد السلام.

(وإن أقر) مكلف (بفعل) كسرقة أو غصب أو شرب خمر أو زنا أو سلف (ثم حلف بالطلاق: ما فعلته) وقد أخبرت بخلاف الواقع (دين): أي وكل إلى دينه وصدق بيمينه أنه كذب في إقراره في القضاء ولا يمين عليه في الفتوى فإن نكل طلق عليه الحاكم.

(وأخذ بإقراره إن كان) إقراره (بحق لله أو لآدمي كالدين) فيغرمه للمقر له (والسرقة) حق لهما فيقطع لحق الله، ويغرم لحق الآدمي (والزنا) فيحد لحق الله، قوله [١]: "بفعل" أي: أمر فيشمل القول والدين (إلا أن يقر) بفعله (بعد الحلف) بالطلاق أنه ما فعله (فينجز) الطلاق عليه في القضاء وظاهر هذا أنه يقبل في الفتوى قال في المدونة: فإن لم تشهد البينة على إقراره بعد اليمين، وعلم هو أنه كاذب في إقراره بعد يمينه حل له المقام عليها بينه وبين الله. انتهى.

وقوله: "فإن لم تشهد" إلخ: أي بأن لم يرفع للقاضي وعلم هو من نفسه إلخ.

(وأمر وجوباً بالفراق) بكسر الفاء أي بمفارقتها (بلا جبر) عليه (في) تعليقه على معيب لم يعلم صدقها فيه من عدمه نحو: (إن كنت تحبيني، أو): إن كنت (تبغضيني) بفتح التاء من بغض كنصر فأنت طالق (إذا لم تجب بما يقتضي الحنث) بأن أجابت بما يقتضي البر، كأن قالت: لا أحبك، أو: لا أبغضك أو سكتت، فإن أجابت بما يقتضي الحنث بأن قالت: إني أحبك أو أبغضك نجز عليه الطلاق جبراً وهذا أحد التأويلين، والثاني: أنه يؤمر به بلا جبر مطلقاً ولو أجابت بما يقتضي الحنث ورجح،

ــ

عليه لأنه على بر إلى ذلك الأجل.

قوله: [نجز عليه الطلاق في الحال]: أي لأن أحد البينونتين واقعة رأس الشهر على كل تقدير، إما بإيقاعه ذلك عليها أو بمقتضى التعليق، ولا يصح أن يؤخر لرأس الشهر لأنه من قبيل المتعة فينجز عليه، فهو كمن قال أنت طالق رأس الشهر ألبتة وهذا ينجز عليه لأنه علقه على أجل يبلغه عمرها هذا ظاهر بالنسبة لقوله إن لم أطلقك رأس الشهر ألبتة فأنت طالق رأس الشهر ألبتة، ويجري مثل هذا التعليل في قوله إن لم أطلقك في رأس الشهر ألبتة فأنت طالق الآن، أي يحكم بوقوع ما علقه ناجزاً إن بائناً فبائناً وإن رجعياً فرجعياً، ولو مضى زمنه خلافاً لابن عبد السلام القائل لا يقع عليه شيء في هذا الفرع الأخير، وسيأتي ذلك في الشارح.

قوله: [دين] إلخ: ومن قبيل ذلك من حلف بالطلاق أنه ما أخذ معلومه من الناظر أو دينه من المدين، فأظهر الناظر أو المدين ورقة بخط الحالف أنه قبض حقه من الناظر أو دينه من المدين فادعى الحالف أنه كتبه قبل أن يأخذ منه فلا حنث عليه، لأن خطه بمنزلة إقراره قبل يمينه لا بعده لسبقية الخط على الحلف، وإن لم يظهر إلا بعد الحلف ولكن لا مطالبة له على الناظر ولا على المدين بمقتضى خطه وتكذيبه لخطه إنما ينفعه في عدم لزوم الطلاق.

قوله: [فيقطع لحق الله] إلخ: فيه نظر بل حيث كذب نفسه لا قطع عليه ولا حد في الزنا، وإنما يؤاخذ بحق الآدمي فقط كما سيأتي في الحدود، قال في الأصل وإذا أقر طائعاً ورجع عن إقراره قبل رجوعه عنه فلا يحد، وكذا يقبل رجوع الزاني والشارب والمحارب، ولو رجع بلا شبهة في إقراره أي كما لو رجع لشبهة كأخذت مالي المرهون أو المودع خفية فسميته سرقة، ويلزمه المال إن عين صاحبه نحو أخذت دابة زيد بخلاف سرقت أو سرقت دابة أي وقع مني ذلك انتهى.

قوله: [إلا أن يقر]: مستثنى من عموم قوله "دين"، أي محل تصديقه عند المفتي والقاضي ما لم يقر بعد الحلف فيصدق عند المفتي لا عند القاضي.

قوله: [وظاهر هذا]: أي التقييد بالقضاء وإنما قيد به الشارح، وأشار له أخذاً من عبارة المدونة التي بعد.

قوله: [بلا جبر عليه]: أي كما في المدونة، فإن لم يطلق كان عاصياً بترك الواجب وعصمته باقية غير منحلة، ويلزم من ذلك أن الفراق المأمور به إنما يوقعه بلفظ آخر ينشئه لا أنه يقع باللفظ الأول كما زعمه بعضهم، إذ لو وقع الفراق به لانحلت العصمة به ووجب القضاء عليه بتنجيز الفراق، والفرض بخلافه كذا في (بن) نقله محشي الأصل، وحيث كان يحتاج لإنشاء صيغة فلا تحسب عليه هذه طلقة ثانية، بل طلقة واحدة لأن المقصود منها تحقيق ما كان مشكوكاً فيه كما في المجموع.

قوله: [وهذا أحد التأويلين]: محلهما إن أجابت بما يقتضي الحنث والحال أنه لم يصدقها فيما أجابت به وإلا أجبر على الطلاق بالقضاء كما يفيده نقل (ح) وغيره.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (وقوله).

<<  <  ج: ص:  >  >>