للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه يصدق في الفتيا لا في القضاء كما يدل عليه كلام ابن يونس، فإن يكن له نية فبتات، وقال ابن رشد ولو قال: كأبي أو غلامي ولم يسم الظهر لم يكن ظهاراً عند ابن القاسم، حكاه ابن حبيب من رواية أصبغ عنه، وتقدم في الطلاق أنه إن دل البساط على عدم إرادة الطلاق لم يلزمه شيء.

ثم شرع في بيان الكناية الخفية: وهي ما لا تنصرف له أو للطلاق إلا بالقصد فقال: (ولزم) الظهار (بأي كلام نواه) أي الظهار (به) أي بذلك الكلام، كانصرفي واذهبي وكلي واشربي، كما أنه لو نوى به الطلاق [١] لزمه الطلاق وإن لم ينو شيئاً فلا شيء عليه، وقوله: "بأي كلام" ظاهره ولو بصريح الطلاق وهو ما نقل عن ابن القاسم، قال: من قال لامرأته: أنت طالق، وقال: نويت به الظهار لزمه الظهار بما أقر به من نيته، والطلاق بما ظهر من لفظه، وقال غيره: لا يلزمه ظهار؛ لأن صريح كل باب لا ينصرف لغيره بالنية.

(وحرم) على المظاهر (الاستمتاع) بالمظاهر منها بوطء أو مقدماته (قبل الكفارة، و) وجب (عليها منعه) من الاستمتاع بها (ورفعته) وجوباً (للحاكم) ليمنعه منها (إن خافته) أي خافت الاستمتاع بها من زوجها (وجاز كونه معها) في بيت (إن أمن) عليها منه، (و) جاز (النظر لأطرافها) كالوجه واليدين والرجلين (بلا) قصد (لذة وسقط) الظهار عن المظاهر (إن تعلق) على شيء كدخول دار (ولم يتنجز)، أي لم يحصل ما علق الظهار عليه (بالطلاق الثلاث) متعلق بسقط أي سقط بطلاقها ثلاثاً أو بما يتمم الثلاث، فمن قال: أنت علي كظهر أمي إن دخلت الدار، فقبل الدخول طلقها ثلاثاً أو ما يكمل الثلاث، سقط عنه الظهار، فإذا تزوجها بعد زوج فدخلت لم تكن عليه كفارة لذهاب العصمة المعلق فيها، وهذه عصمة أخرى، وأولى لو دخلت الدار قبل عودها له، فلو تنجز الظهار قبل انقطاع العصمة، بأن دخلت وهي في عصمته أو في عدة رجعي، ثم طلقها ثلاثاً وعادت له بعد زوج لم يسقط، ولا يقربها حتى يكفر، ومفهوم: "بالطلاق الثلاث" أنه لو أبانها بدون الثلاث، ثم تزوجها فدخلت لم يسقط، فلا يقربها حتى يكفر (أو تأخر) أي وسقط الظهار إذا تأخر الظهار (عنه)، أي عن الطلاق الثلاث لفظاً (كأنت طالق ثلاثاً) أو ألبتة (وأنت علي كظهر أمي) لعدم وجود محله وهو العصمة، وكذا لو تأخر عن البائن دون الثلاث، (كقوله لغير مدخول بها أنت طالق وأنت علي كظهر أمي) لأن غير المدخول بها تبين بمجرد إيقاع الطلاق عليها فلا يجد الظهار محلاً، وكذا لو قال لمدخول بها: خالعتك وأنت علي كظهر أمي (لا) يسقط الظهار (إن تقدم) على الطلاق في اللفظ، كأنت علي كظهر أمي وأنت طالق ثلاثاً، فإن تزوجها بعد زوج فلا يقربها حتى يكفر.

ــ

أو رضاع أو صهر.

قوله: [فإنه يصدق في الفتيا]: أي في لزوم الظهار فقط كانت مدخولاً بها أو لا.

قوله: [في القضاء]: أي فيؤاخذ بالظهار البتات مدخولاً بها أو لا.

قوله: [ولو قال كأبي أو غلامي]: هذا معلوم مما تقدم، وإنما ساقه للاستدلال.

قوله: [أنه إن دل البساط] إلخ: أي إذا قصد التشبيه في التعظيم والشفقة.

قوله: [وقال غيره لا يلزمه ظهار]: هذا هو المعتمد، قال إبراهيم الأعرج: ما كان صريحاً في باب لا يلزم به غيره إذا نواه، وإنما يلزمه ما حلف به من طلاق أو يمين بالله ولا يلزمه الظهار.

تنبيه: لو قال الرجل لامرأته إن وطئتك وطئت أمي، أو لا أعود لمسك حتى أمس أمي، أو لا أراجعك حتى أراجع أمي، فلا شيء عليه ما لم ينو شيئاً فيؤخذ بما نواه.

قوله: [وحرم على المظاهر]: أي ولو عجز عن أنواع الكفارة فلا يحل له مسها بالإجماع كما نقله ابن القصار عن النوادر.

قوله: [بوطء أو مقدماته]: هذا قول الأكثر ومقابله حرمة الاستمتاع بالوطء؛ وجواز المقدمات وهو لسحنون وأصبغ.

قوله: [وسقط الظهار] إلخ: المراد بالسقوط عدم اللزوم أي فكأنه لم يظاهر أصلاً، وهذا بخلاف من ظاهر من أمته، ثم باعها ثم اشتراها فإن اليمين ترجع عليه على مذهب ابن القاسم لأنه يتهم في إسقاط اليمين عن نفسه، وإن بيعت عليه في الدين بعد أن ظاهر منها واشتراها ممن بيعت منه لم تعد عليه اليمين، وإنما لم يكن عودها بعد بيع الغرماء كعودها له بعد بيعه لعدم التهمة، ويفهم من تعليل عود اليمين بالتهمة أن عودها له بإرث لا يوجب عود الظهار

قوله: [لم يسقط ولا يقربها حتى يكفر]: أي فلو بقي متباعداً عنها لم يعقد عليها أو عقد عليها وطلقها من غير مس فلا يطالب بشيء، بخلاف ما إذا وطئها بعد الظهار، فإن الكفارة تتحتم عليه ولو طلقها بعد ذلك ثلاثاً كما يأتي.

قوله: [فلا يجد الظهار محلاً]: ظاهره عدم لزوم الظهار، ولو نسقه عقب الطلاق وأورد عليه ما إذا قال لغير مدخول بها أو المدخول بها على وجه الخلع: أنت طالق أنت طالق أنت طالق نسقاً، فإن المشهور لزوم الثلاث مع أنها بانت بأول وقوع الطلاق عليها، وأجاب أبو محمد بأن الطلاق لما كان جنساً واحداً عد كوقوعه في كلمة واحدة ولا كذلك الظهار والطلاق


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>