والأرجح المأخوذ من مجموع كلامهم واختلافهم، أن الإتمام قبل تزويجها لا يكفي وبعده يكفي، وقيل: لا يكفي مطلقاً، وقيل: يكفي مطلقاً وقيل ينظر لما أخرجه ابتداء فإن كان الأكثر صح البناء وإلا فلا (وهي) أي الكفارة ثلاثة أنواع للحر على الترتيب كما في الآية:
الأول (إعتاق رقبة) ذكر أو أنثى، (مؤمنة) فلا تجزئ كافرة (معلومة السلامة) من العيوب الآتي بيانها، واحترز بقوله: "معلومة" من غائب انقطع خبره فلم يعلم أهو حي أو ميت، وعلى حياته هل هو سليم أو معيب، فلا يجزئ فإن أعتقه ثم ظهرت سلامته حين العتق أجزأ (من قطع أصبع) فأولى أكثر، (وأذن) فأولى الأذنان (و) من (عمى) وسيأتي إجزاء الأعور، (و) من (بكم) أي خرس (وصمم) عدم السمع فأولى اجتماعها، (و) من (جنون ولو قل) بأن يأتيه في الشهر مثلاً مرة، (ومرض مشرف) بضم فكسر الراء ما بلغ صاحبه حد السياق وإلا أجزأ، (وجذام وبرص) وإن قلا (وعرج وهرم شديدين) لا إن خفا فتجزئ كما يأتي (محررة له) أي للظهار أي خالصة لعتق الظهار (لا) يصح عتق (من يعتق عليه) بالشراء لقرابة أو تعليق نحو: إن اشتريته فهو حر؛ لأنه ليس محرراً له (بلا شوب) أي خلط (عوض) في نظير العتق ولو تقديراً (لا مشترى للعتق) أي لأجله يعني: اشتراه من بائعه بشرط العتق فلا يجزئ عتقه عن ظهاره؛ لأن البائع قد يضع عنه شيئاً من الثمن لذلك فلم تخل الرقبة عن شائبة عوض تقديراً.
قال ابن يونس: لأنها رقبة غير كاملة لما وضع له من ثمنها لشرط العتق فيها، (أو على مال): أي ولا معتق على مال (في ذمته): أي العبد، فلا يجزئ لعتقه عن ظهاره في نظير عوض حقيقة، وأما عتقه في نظير مال حاضر يأخذ منه فجائز لأن له انتزاعه منه (بخلاف) قوله: (إن اشتريته فـ) هو (حر عن ظهاري) فإنه يجزئ على الأرجح من التأويلين، نقل ابن المواز عن ابن القاسم أنه لو قال: إن اشتريته فهو حر عن ظهاري فيجزيه، وقول مالك في المدونة: إن قال: إن اشتريته فهو حر، فإن اشتراه وهو مظاهر فلا يجزيه -أي عن ظهاره- لم يقل فيه: فهو حر عن ظهاري، فليس بينهما خلاف خلافاً لمن حمل قول مالك على العموم وجعل بينهما الخلاف، فعلم أن التأويلين في كلام الشيخ في الخلاف والوفاق، وأن الأصح الوفاق (ولا) أي وبلا شوب (عتق لا مدبر ونحوه) كمكاتب ومبعض فلا يجزئ (كاملة) نعت لرقبة كاملة أي عتق رقبة (لا بعضاً) منها فلا يجزئ (ولو كمل عليه) بالحكم حصة شريكه (أو كمله) هو بالسراية بأن كانت الرقبة كلها له فأعتق نصفها عن ظهاره، وكمل عليه الباقي لأن شرط صحته عتق الجميع عنه في دفعة واحدة،
ــ
التوضيح.
قوله: [والأرجح] إلخ: هذا بمنزلة الحاصل من كلام الشارح
قوله: [وبعده يكفي]: أي فالمدار على إعادتها لعصمته كان الطلاق بائناً أو رجعياً.
قوله: [وقيل لا يكفي مطلقاً]: أي بعد العود لعصمته أم لا.
قوله: [على الترتيب]: أي بالإجماع ولا مدخل للكسوة في ذلك.
قوله: [فلا تجزئ كافرة]: أي ولو كان كتابياً حيث كان بالغاً لأنه لا يجبر على الإسلام وأجزأ الصغير على الأصح لجبره على الإسلام، وفي المجوسي صغيراً أو كبيراً خلاف، بل قيل إن الصغير يجزئ قطعاً لجبره على الإسلام اتفاقاً.
قوله: [من قطع أصبع]: أي ولو زائداً إن حس وساوى غيره في الإحساس لا إن لم يكن كذلك فلا يضر قطعه هكذا قال الأجهوري، وقال اللقاني: المضر قطع الأصلي، وأما الزائد فلا يضر قطعه ولو ساوى غيره في الإحساس، ودرج عليه الخرشي واختاره في الحاشية وتعبير المصنف بـ "قطع" يفيد أن نقصه خلقة لا يضر، واستظهر اللقاني أنه يضر والتقييد بالأصبع يدل على أن نقص ما دونه لا يمنع الإجزاء، ولو أنملتين وبعض أنملة وسيأتي إيضاح ذلك في المفهوم.
قوله: [وأذن]: أي إذا قطعت من أصلها وأما قطع أعلاها فقط فلا يضر، بل المعتمد أن قطع الواحدة من أصله لا يضر وإنما الذي يمنع الإجزاء قطع الأذنين كما اقتصر عليه في المجموع.
قوله: [ومن جنون ولو قل]: أي خلافاً لأشهب القائل بأنه إن كان يأتي في كل شهر مرة فلا يمنع من الإجزاء.
قوله: [وعرج وهرم شديدين]: ويلحق بذلك أيضاً الفلج وهو يبس بعض الأعضاء، بحيث لا يقدر على تحريك العضو ولا التصرف به.
قوله: [لقرابة]: أي وهم الأصول والفصول والحواشي القريبة كالإخوة والأخوات.
قوله: [أو خلط عوض]: أي ولو قل ولذلك عبر بـ "شوب".
قوله: [ولو تقديراً]: أي كالشراء للعتق كما يأتي.
قوله: [على مال في ذمته]: أي ولو قل.
قوله: [خلافاً لمن حمل قوله مالك] إلخ: أي وهو ابن يونس.
قوله: [وأن الأصح الوفاق]: أي وهو تأويل الباجي قال أبو عمران: ومحل التأويلين حيث وقع منه التعليق المذكور بعد ما ظاهر، أما إن علق ثم ظاهر فيتفق على الإجزاء، وخالفه ابن يونس في ذلك قائلاً: المسألتان سواء في التأويلين كذا في حاشية الأصل.
قوله: [أو كمله هو بالسراية]: أي على المشهور، ومقابلة ما قاله ابن قاسم من الإجزاء ومفاد بهرام أن الخلاف في الصورتين