للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الامتناع من السكنى مع أقاربه) ولو الأبوين في دار واحدة لما فيه من الضرر عليها باطلاعهم على حالها والتكلم فيها، (إلا لشرط) عند العقد أن تسكن معهم، فليس لها امتناع ما لم يحصل منهم الضرر أو الاطلاع على عوراتها، وأما الوضيعة فليس لها الامتناع من ذلك إلا لشرط أو حصول ضرر، وشبه في جواز الامتناع قوله:

(كصغير) أي كولد صغير (لأحدهما) أي الزوجين (لم يعلم به) الآخر منهما (حال البناء، وله) أي والحال أنه له (حاضن) يحضنه فله الامتناع من السكنى به معه، (وإلا) بأن علم به الآخر وقت البناء أو لم يعلم به وليس له حاضن (فلا) امتناع له من السكنى معه.

(وقدرت) النفقة على الزوج (بحاله): أي بحسب حاله من حيث تحصيلها، وما تقدم من أنه يراعى وسعه وحالها فمن حيث ذاتها قلة وكثرة (من يوم) كأرباب الصنائع والأجراء (أو جمعة) كبعض الدلالين بالأسواق، (أو شهر) كأرباب الوظائف من إمامة أو تدريس، وأرباب العلوفات كالجند (أو سنة) كأرباب الرزق والحوائط والزرع.

(و) قدرت (كسوة الشتاء والصيف) بما يناسب كلاً، وليس المراد أنه في كل شتاء وفي كل صيف يكسوها ما يناسب الوقت، بل المراد أنها إن احتاجت لكسوة كساها في الشتاء ما يناسبه، وفي الصيف ما يناسبه إن جرت عادتهم بذلك في كل بلد بما يناسب أهلها [١] بقدر وسعه وحالها.

(كالغطاء) والوطاء في الشتاء بما يناسبه والصيف بما يناسبه بحسب عرفهم وعادتهم (وضمنت) النفقة المقدرة باليوم أو الجمعة أو الشهر أو السنة، وكذا الكسوة (بقبضها) من الزوج (مطلقاً) ماضية كانت أو مستقبلة قامت على هلاكها بينة أو لا فرطت في ضياعها أو لا.

(كنفقة) الولد (المحضون) إذا قبضتها الحاضنة وضاعت منها فإنها تضمنها.

(إلا لبينة) على الضياع بلا تفريط فلا تضمنها لأنها لم تقبضها لحق نفسها، ولا هي متمحضة للأمانة، بل قبضتها لحق المحضون فتضمنها ضمان الرهان والعواري، وأما ما قبضته المرضع من أجرة الرضاع فالضمان منها مطلقاً كالنفقة، لأنها قبضتها لحق نفسها.

(وجاز) للزوج (إعطاء الثمن عما لزمه) من النفقة لزوجته من الأعيان المتقدم ذكرها.

(ولها الأكل معه): أي مع زوجها (فتسقط) عنه الأعيان المقررة لها، (و) لها (الانفراد) بالأكل عنه.

(وسقطت) نفقتها عنه (بعسره) فلا تلزمه نفقة ما دام معسراً، ولا مطالبة لها بما مضى إن أيسر، ولها التطليق عليه حال العسر بالرفع للحاكم وإثباته عنده.

(وبمنعها الاستمتاع) ولو بدون الوطء إذا لم تكن حاملاً وإلا لم تسقط، (وخروجها) من بيته (بلا إذن) منه (ولم يقدر عليها):

أي على ردها ولو بحاكم: أي أو لم يقدر على منعها ابتداء، فإن خرجت وهو حاضر قادر على منعها لم تسقط لأنه كخروجها بإذنه.

ــ

قوله: [الامتناع من السكنى] أي ولو بعد رضاها ابتداء بسكناها معهم ولو لم يثبت الضرر لها بالمشاجرة ونحوه، كما في الحاشية، وانظر هل لها الامتناع من السكنى مع خدمه وجواريه؟ قال (بن): لها ذلك ولم يحصل بينها وبينهم مشاجرة، ويدل لذلك تعليل ابن رشد وغيره وعدم السكنى مع الأهل بقوله لما عليها من الضرر باطلاعهم على أمرها.

قوله: [وقدرت النفقة على الزوج بحاله] أي: قدر زمن قبضها أي الزمن الذي تدفع فيه لا تقدير ذاتها، فإنه قد تقدم كما قال الشارح.

قوله: [من يوم] إلخ: أي وتقبضها معجلة وتضمن جميع ما قبضته بدليل قول الآتي، وضمنت بقبضها هذا إذا كان الحال التعجيل، وأما إذا كان الحال التأخير فتنتظر حتى تقبضها ولا يكون عدم قدرته الآن عسراً بالنفقة.

قوله: [كنفقة الولد المحضون] ظاهر كلام المصنف الشمول لما قبضته من نفقة الولد لمدة مستقبلة، أو عن مدة ماضية وعلى ذلك التتائي، واعتمده (ر)، وقال البساطي: إذا قبضته لمدة مستقبلة، قال السوداني: وهو المتعين، وأما ما قبضته من نفقة الولد عن مدة ماضية فإنها تضمنها مطلقاً كنفقتها؛ لأنه كدين لها قبضته، فالقبض لحق نفسها لا للغير حتى تضمن ضمان الرهان والعواري، وارتضى ذلك في الحاشية.

قوله: [ولا هي متمحضة للأمانة] أي: لأنها تأخذها قهراً عنه لوجود حقها في الحضانة.

قوله: [وأما ما قبضته المرضع] هذا تقييد لما تقدم في نفقة المحضون، أي محل التفصيل في نفقة المحضون ما لم تكن أجرة الرضاع فالضمان مطلقاً كما علمت.

قوله: [وجاز للزوج] محل الجواز إن رضيت وإلا فالواجب لها ابتداء إنما هو الأعيان لكن يجوز له دفع الأثمان إن رضيت بها، وظاهره جواز دفع الأثمان ولو عن طعام وهو المعتمد بناء على أن علة منع بيع الطعام قبل قبضه غيبته عن البائع، وكونه ليس تحت يده وهي مفقودة بين الزوجين؛ لأن طعام الزوج تحت يدها غير غائب عنها، ويلزم الزوج أن يزيدها إن غلا سعر الأعيان بعد أن قبضت ثمنها، وله الرجوع عليها إن نقص سعرها ما لم يسكت مدة وإلا حمل على أنه أراد التوسعة عليها، وهذا كله ما لم تكن اشترت الأعيان قبل غلوها أو رخصها، وإلا فلا يزيدها شيئاً في الأول، ولا يرجع عليها بشيء في الثاني.

تنبيه: يجوز له المقاصة بدينه الذي له عليها عما وجب لها من النفقة إن كان فرض ثمناً، أو كانت النفقة من جنس الدين إلا لضرورة عليها بالمقاصة بأن تكون فقيرة يخشى ضيعتها بالمقاصة فلا يجوز له فعل ذلك.

قوله: [فتسقط عنه الأعيان] أي المدة التي تأكل معه، فلو أكلت معه ثلاثة أيام وطلبت الفرض بعد ذلك سقطت نفقة الأيام الثلاث عنه، وقضى لها بالفرض بعد الملك.

قوله: [المقررة لها]: وأولى في السقوط لها إن كانت غير مقررة ولا فرق بين كونها محجوراً عليها أو لا؛ لأن السفيه لا يحجر عليه في نفقته

قوله: [وبمنعها الاستمتاع] أي: لغير عذر، وأما العذر كامتناعها لمرض فلا تسقط


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (أهله).

<<  <  ج: ص:  >  >>