للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فصل)

في بيان علة ربا النساء وربا الفضل

وبيان أجناس ربا الفضل وما يتعلق بذلك

(علة) حرمة (ربا النساء في الطعام) الربوي وغيره (مجرد الطعم): أي كونه مطعوماً لآدمي، (لا على وجه التداوي): أي على غير وجه التداوي به؛ فما يتداوى به من مسهل أو غيره يجوز فيه النساء أي التأخير.

(فتدخل الفواكه) جميعها كرمان وإجاص (والخضر) ما يؤكل أخضر كالخيار والبطيخ (والبقول) بالضم كالجزر والقلقاس والفجل (والحلبة) بالضم (ولو يابسة) ويخرج نحو السلجم. (فيمنع بعضه) أي بيعه (ببعض إلى أجل) ولو تساويا.

(ويجوز التفاضل فيها) قل أو كثر (ولو بالجنس) الواحد كرطل برطلين (في غير) الطعام (الربوي) منها إذ كان (يداً بيد).

(وعلة) حرمة (ربا الفضل فيه): أي في الطعام (اقتيات وادخار): أي مجموع الأمرين. فالطعام الربوي: ما يقتات ويدخر؛ أي ما تقوم به البنية عند الاقتصار عليه ويدخر إلى الأمد المبتغى منه عادة ولا يفسد بالتأخير، ولا يشترط كونه متخذاً للعيش غالباً على المذهب - ابن ناجي: ولا حد في الادخار على المذهب. وفي معنى الاقتيات مصلحة كبصل كما سيأتي.

ثم شرع في عد الربويات وبيان أجناسها بقوله: (كبر وشعير وسلت، وهي): أي الثلاثة (جنس) واحد على المذهب لتقارب منفعتها. فيحرم بيع بعضها ببعض متفاضلاً ولو يداً بيد (وعلس) بفتح اللام؛ قريب من خلقة البر: طعام أهل صنعاء اليمن (وذرة ودخن) بضم الدال المهملة وسكون الخاء المعجمة: حب صغير فوق حب البرسيم طعام السودان (وأرز. وهي) أي الأربعة (أجناس): أي كل واحد منها جنس على حدته يجوز التفاضل بينها مناجزة ومنع في الجنس منها. (والقطاني) السبعة (وهي أجناس) يمنع التفاضل في الجنس الواحد ويجوز بين الجنسين: (وتمر وزبيب وتين) على المشهور (وهي أجناس. وذوات الزيت) من زيتون وسمسم وقرطم وفجل أحمر.

ــ

فصل في بيان علة ربا النساء وربا الفضل وبيان أجناس ربا الفضل وما يتعلق بذلك

لما أنهى الكلام على أنواع الربا في النقد، ولم يتكلم على كونه تعبداً أو معللاً - مع أنه معلل - وهل علته غلبة الثمنية أو مطلق الثمنية، وينبني على ذلك حكم الفلوس النحاس فتخرج على الأول دون الثاني. فشرع الآن في الكلام على علته في الطعام وعلى متحد الجنس ومختلفه لحرمة التفاضل في الأول دون الثاني وحرمة ربا النساء فيهما كما تقدم ذلك في قوله: "وحرم في عين وطعام ربا فضل إن اتحد الجنس" إلخ.

قوله: [علة حرمة ربا النساء]: إلخ: المراد بالعلة العلامة لا الباعثة لأنه يستحيل أن يبعث المولى أمر من الأمور على أمر، اللهم إلا أن يراد الباعث الذي يبعث المكلف على الامتثال.

قوله: [مجرد الطعم]: بالضم الطعام أي مجرد كونه مطعوماً. قوله: [والبقول]: الفرق بين الخضر والبقول أن البقول ما يقلع من أصله كالفجل بخلاف الخضر فإنه ما يتناول شيئاً بعد شيء كالبامية والملوخية في بعض البلاد.

قوله: [والحلبة بالضم ولو يابسة]: حاصله أنه اختلف في الحلبة فقيل: طعام، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة. أو دواء وهو قول ابن حبيب. أو الخضراء طعام واليابسة دواء، وهو قول أصبغ في الموازية. فاختار شارحنا قول ابن القاسم. قوله: [ويخرج نحو السلجم]: أي لأنه يستعمل على سبيل التداوي.

قوله: [اقتيات وادخار]: قال ابن عرفة: الطعام ما غلب اتخاذه لأكل آدمي أو لإصلاحه أو لشربه اهـ، فيدخل فيه الملح والفلفل لا الزعفران وماء الورد والمصطكى والصبر والزراريع التي لا زيت لها والحرف: وهو حب الرشاد. وقوله: " أو لشربه ": يدخل فيه اللبن لأنه غلب اتخاذه لشرب الآدمي. ويخرج الماء لأنه غلب اتخاذه لغير شرب الآدمي لكثرة من يشربه من الدواب. ولا يرد على هذا زيت الزيتون فإن أصل اتخاذه للطعام ولإصلاحه - كذا في الحاشية.

قوله: [إلى الأمد المبتغى منه عادة]: أي الزمن الذي يراد له عادة، ولا حد له بل هو في كل شيء بحسبه، ثم إنه لا بد أن يكون الادخار على وجه العموم، فلا يلتفت لما كان ادخاره نادراً وحينئذ فيجوز التفاضل في الجوز والرمان كما هو نص المدونة ومشهور المذهب، كذا في الحاشية، وفي الحقيقة الرمان وما في معناه خارج بقوله "اقتيات".

قوله: [جنس واحد على المذهب]: أي خلافاً للسيوري وتلميذه عبد الحميد الصائغ حيث قال [١]: إن الثلاثة المذكورة أجناس فيجوز التفاضل فيما بينها مناجزة.

قوله: [وهي أي الأربعة أجناس]: أي على المشهور في الثلاثة الأخيرة، وأما العلس فخارج عنها إذا لم يقل أحد إنه جنس منها. وإنما اختلفوا: هل هو ملحق بالقمح والشعير والسلت أو جنس بانفراده؟ وهو المشهور.

قوله: [والقطاني السبعة]: أي التي هي: العدس بفتحتين واللوبيا والحمص بتشديد الميم مفتوحة ومكسورة مع كسر الحاء فيهما والترمس بضم أوله وثالثه وسكون ثانية، والفول والجلبان والبسيلة وتسمى بالماش والكرسنة قال الباجي هي البسيلة، وقال التتائي: قريبة من البسيلة وفي لونها حمرة. وسميت قطاني: لأنها تقطن بالمكان أي تمكث به. ولم يختلف قول مالك في الزكاة أنها جنس واحد يضم بعضها لبعض وذلك لأن الزكاة لا تعتبر فيها المجانسة العينية؛ وإنما يعتبر فيها تقارب المنفعة وإن اختلفت لا في البيع. ألا ترى أن الذهب والفضة جنس واحد في الزكاة وهما جنسان في البيع؟ قوله: [وتين على المشهور]: أي فالمشهور


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (قالا).

<<  <  ج: ص:  >  >>