للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بغير) أي بعيب غير (عيب التصرية أو) به (قبل حلبها) فلا يرد صاعاً بل يردها مجردة عنه.

(وإن حلبت) المصراة حلبة (ثالثة) في ثالث يوم أو فيما العادة الحلب فيه كالصباح والمساء (فإن) كان (حصل) للمشتري (الاختبار) لها (بالثانية، فرضاً) أي فالحلبة الثالثة بعد حصول الاختبار بالثانية تعد رضا منه؛ فليس له حينئذ ردها (وإلا) يحصل بالثانية اختبار (فله) أي فللمشتري الحلبة (الثالثة) فيحصل له بها علم حالها ولا تعد رضا منه (وحلف) المشتري (إن ادعى عليه الرضا) بالحلبة الثالثة أو بنفس المصراة بأن ادعى عليه البائع: أنك علمت أنها مصراة ورضيت بها وأنكر المشتري فيهما. فإن حلف فله الرد وإلا فلا.

(ولا رد) للمصراة (إن علم) المشتري بأنها مصراة حين الشراء، واشتراها عالماً بالتصرية وكذا إن رضي بعد علمه بعد الشراء.

(وعلى البائع) لشيء وجوباً (بيان ما علمه) من عيب سلعته قل أو كثر ولو كان البائع حاكماً أو وارثاً أو وكيلاً.

(و) عليه (تفصيله): أي العيب (أو إراءته له) أي للمشتري إن كان يرى كالعور والكي. (ولا يجمله): أي لا يجوز له إجمال العيب أي يجمل في الجنس الصادق على أفراد ولم يعين الغرر القائم به، كهو معيب، ولم يعين عين العيب أو: هو سارق أو يأبق، ولم يبين المكان الذي يأبق إليه ولا ما الذي يسرقه، أو يقول: هو مريض ولم يبين ما هو المرض ونحو ذلك، ومن الإجمال أن يذكر العيب الذي هو به وغيره مما ليس فيه بأن يقول: هو زان سارق مع أنه فيه أحد العيبين فقط؛ لأن المشتري ربما علم سلامته مما ليس فيه فيظن سلامته من الآخر (وإلا) بأن أجمل (فمدلس) ويرد المبيع بما وجده فيه. قال في المدونة: لو كثر في براءته ذكر أسماء العيوب لم يبرأ إلا من عيب يريه إياه ويوقفه عليه، وإلا فله الرد إن شاء. اهـ.

(ولا ينفعه) أي البائع (التبري مما لم يعلم) في سلعة من العيوب، فإن باع سلعة على أنها ليس بها عيب وإن ظهر بها عيب لم ترد عليه لم يعمل بهذا الشرط، وللمشتري الرد بما وجده فيها من العيب القديم، ولا تنفعه البراءة منه

ــ

اللبن مع الصاع فلا حرمة واعلم أن رد المشتري للصاع أمر تعبدي أمرنا به الشارع ولم نعقل له معنى، وذلك لأن القاعدة أن "الخراج بالضمان" و"الضمان على المشتري"، فمقتضاه أن يفوز باللبن ولا شيء عليه كما قال بعضهم. على أنه لو كان عوضا عن اللبن فيه بيع الطعام بالطعام نسيئة. هذا وقد قال بعض أهل المذهب - كأشهب: إنه لا يؤخذ بحديث المصراة لنسخه بحديث «الخراج بالضمان» لأنه أثبت منه وقال بعضهم كابن يونس لا نسخ لأن حديث المصراة أصح وإنما حديث «الخراج بالضمان» عام والخاص يقضى به على العام هذا ملخص ما في (بن).

قوله: [بغير عيب التصرية] إلخ: من هذا القبيل ما إذا ردها بخيار التروي بعد أن حلبها المرتين والثلاث فلا يرد للبن صاعاً لما فيه من بيع الطعام بالطعام نسيئة، بل إما أن يرد اللبن بعينه أو مثله إن علم قدره أو قيمته إن جهل قدره؛ لأن الملك للبائع والغلة له. فإن كان أنفق عليها المشتري حسبت الغلة من أصل النفقة كانت الغلة لبناً أو غيره وهذا الحكم قد علم مما تقدم في خيار التروي. قوله: [وإن حلبت المصراة حلبة ثالثة] إلخ: حاصله أن المشتري إذا حلب المصراة أول مرة فلم يتبين له أمرها فحلبها ثانية ليختبرها فوجد لبنها ناقصاً، فله ردها اتفاقاً. فلو حلبها في اليوم الثالث فهو رضا بها ولا رد له ولا حجة عليه في الحلبة الثانية إذ بها يختبر أمرها - كذا لمالك في المدونة. وفي الموازية عن مالك: له حلبها ثالثة ويردها بعد حلفه أنه لم يرض بها ولم يصرح في الموازية بأنه حصل له الاختبار بالحلبة الثانية. واختلف الأشياخ هل بين الكتابين خلاف أو وفاق؟ فذهب المازري واللخمي إلى أن بينهما خلافاً بحمل ما في الموازية على إطلاقه وذهب ابن يونس إلى الوفاق بحمل المدونة على ما إذا حصل الاختبار بالثانية والموازية على ما إذا لم يحصل الاختبار بالثانية واستحسن الشارح ما قاله ابن يونس فمشى عليه.

قوله: [ولو كان البائع حاكماً] إلخ: أي فالبيان واجب على كل بائع وأما قولهم إن بيع الحاكم والوارث بيع براءة فمحله إذا لم يكن عالماً بالعيب وإلا كان مدلساً.

قوله: [وعليه تفصيله]: أي وصفاً شافياً كاشفاً عن حقيقته. قوله: [أو إراءته]: الضمير المنصوب راجع للعيب والمجرور للمشتري وكان الأولى أن يقول أو إراءته إياه، لأن "أرى" البصرية تتعدى بنفسها لمفعولين بسبب همز النقل إلا أن يقال: اللام مقحمة للتقوية.

قوله: [ولم يبين المكان] أي لأنه قد يغتفر في الإباق لموضع دون موضع وقد يغتفر في السرقة شيء دون شيء.

تنبيه: إذا أجمل في قوله: " سارق "، فهل ينفعه ذلك في يسير السرقة دون المتفاحش منها أو لا ينفعه مطلقاً لأن بيانه مجملاً كلا بيان. الأول للبساطي: وهو المعول عليه. والثاني: لبعض معاصريه.

قوله: [ولا ينفعه]: أي البائع التبري أي إن كان البائع غير حاكم ووارث. وأما الحاكم والوارث فلا يشترط فيه ذلك، بل متى باع الحاكم وهو غير عالم بالعيب فبيعه بيع براءة لا ترد عليه بالعيب في الرقيق وغيره والوارث مثله. وإن كان المشتري منهما عالماً بأن البائع حاكم أو وارث وإلا فيخير إن

<<  <  ج: ص:  >  >>