للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلا في الرقيق خاصة) إذا تبرأ بائعه من عيب لم يعلمه به فإنه ينفعه فلا يرد إن ظهر به عيب قديم عند البائع، بشرطين: الأول ألا يعلم البائع به كما يؤخذ من الاستثناء، فإن علم به فلا ينفعه التبري منه إلا إذا بينه تفصيلاً أو أراه إياه كما تقدم، والشرط الثاني: أشار له بقوله: (إن طالت إقامته): أي الرقيق (عنده): أي عند بائعه؛ حد بعضهم الطول بنصف سنة فأكثر بخلاف ما إذا لم تطل إقامته عند مالكه فلا ينفعه التبري مما لا يعلمه ولمشتريه الرد إن وجد به عيباً؛ لأن شأن الرقيق أن يكتم عيوبه فليس لمالكه التبري إذا لم يطل زمنه عنده بخلاف ما إذا طال؛ لأن الطول مما يظهر المخبآت فإذا لم يظهر لسيده عيب فيه كان الشأن عدمه فينفعه التبري منه.

(ولا إن زال) عطف على قوله: "إن علم" أي: ولا رد بعيب زال عند المشتري قبل الحكم برده سواء زال قبل القيام به أو بعده وقبل الحكم بالرد عند ابن القاسم، كما لو كان أعرج فزال عرجه أو كان للرقيق ولد فمات (إلا أن يحتمل عوده) أي عود العيب بعد زواله فلا يمنع الرد كبول بفرش في وقت ينكر وسلس بول وسعال مفرط واستحاضة وجنون وجذام حيث قال أهل المعرفة: يمكن عوده، فله الرد ولو وقع الشراء حال زواله.

(ولا) رد (إن أتى) المشتري (بما) أي شيء أي حصل منه شيء (يدل على الرضا) بالعيب بعد الاطلاع عليه من قول أو فعل أو سكوت طال بلا عذر.

ومثل للفعل بقوله: (كركوب) لدابة (واستعمال دابة) في حرث أو درس أو طحن أو حمل (ولبس) لثوب (وإجارة) لدابة أو غيرها (ورهن) لمعيب في دين (ولو) حصل منه شيء من ذلك (بزمن الخصام) مع البائع. ومثل ذلك الإسلام للصنعة كما هو ظاهر.

(بخلاف ما) أي فعل (لا ينقص) فإنه لا يدل على الرضا (كسكنى دار) أو حانوت (زمنه) أي الخصام لا قبله، فيدل على الرضا، ومثل السكنى: اجتناء الثمرة وحلب نحو الشاة والقراءة في المصحف والمطالعة في الكتاب فإنها لا تنقص الأصل فلا تدل على الرضا إن وقعت زمن الخصام.

والحاصل: أن الاستعمال أو الاستغلال إن حصل قبل الاطلاع على العيب فلا يمنع الرد مطلقاً، وإن حصل بعد الاطلاع وقبل زمن الخصام منع الرد مطلقاً لدلالته على الرضا، وإن حصل زمنه، فإن كان ينقص الأصل دل على الرضا وإلا فلا كسكنى الدار.

(وكسكوت طال) بعد الاطلاع على العيب أكثر من يومين (بلا عذر) من المشتري، فإنه يدل على الرضا، فإن كان لعذر كغيبة من بائع أو مشتر أو لمرض أو سجن أو خوف من ظالم فلا يدل على الرضا كما إذا لم يطل زمن السكوت.

(وحلف إن سكت في كاليوم) إن لم يرض بالعيب ورده وأدخلت الكاف يوماً آخر (لا أقل) من اليوم، فلا يمين عليه (لا كمسافر) فسكوته لا يدل على الرضا لعذره بالسفر فهذا محترز بلا عذر.

ــ

ظنه غيرهما وسيأتي ذلك.

قوله: [إلا في الرقيق خاصة]: قال المازري والباجي: لا يجوز التبري في عبد القرض؛ لأنه إذا أسلفه عبداً وتبرأ من عيوبه دخله سلف جر منفعة. وأما رد القرض فلا وجه لمنع البراءة فيه، إلا إذا وقع الرد قبل الأجل لتهمة: "ضع وتعجل"، وتقدم منع التصديق في معجل قبل أجل اهـ (بن).

قوله: [ألا يعلم البائع به]: قال ابن عرفة: ولا يرد في بيع البراءة بما ظهر من عيب قديم إلا ببينة أن البائع كان عالماً به، فإن لم يكن له بينة حلف البائع ما كان عالماً به. وإن لم يدع المبتاع علمه وفي حلفه على البت في الظاهر وعلى نفي العلم في الخفي أو على نفي العلم مطلقاً قولا ابن العطار وابن الفخار.

وحكى ابن رشد الاتفاق على الثاني كذا في (بن).

قوله: [أو بعده وقبل الحكم]: أي بأن زال في زمن الخصام (قوله أو كان للرقيق ولد) ومثل ذلك ما لو كان بعينه نقطة فزالت.

تنبيه: في زوال العيب بموت الزوجة المدخول بها أو طلاقها أو فسخ نكاحها - وهو المتأول والأحسن على المدونة - أو يزول بالموت فقط دون الطلاق، وهو الأظهر؟ لأن الموت قاطع للعلقة، أو لا يزول بموت ولا طلاق؟ لأن من اعتاد التزويج لا صبر له على تركه غالباً، وهو قول مالك. وقال البساطي: ولا ينبغي أن يعدل عنه أقوال محلها في التزويج بإذن السيد من غير أن يتسلط على سيده بطلبه. وأما لو حصل بغير إذن سيده أو يتسلط على السيد فعيب مطلقاً في موت أو طلاق. اهـ. من الأصل وهذه الأقوال بعينها في الأمة.

قوله: [من قول]: أي كرضيت.

قوله: [ومثل للفعل]: أي المنقص بدليل ما يأتي وفي حكم المنقص التصرف القوي الذي لا يفعله الشخص إلا في الملك عادة بدليل، تمثيله بالرهن والإجارة لغير الدابة. كالحلي والدار والإسلام للصنعة. قوله: [كركوب لدابة]: أو استخدام عبد ونحو ذلك من كل ما ينقص المبيع أو قوي فيه التصرف.

قوله: [ومثل السكنى اجتناء الثمرة]: إلخ محل كون اجتناء الثمرة غير منقص إن لم تكن مؤبرة وقت شراء النخيل، وإلا كان اجتناؤها منقصاً قطعاً لأنها جزء المبيع. قوله: [وحلف إن سكت في كاليوم]: حاصله أنه إذا اطلع على العيب وسكت ثم طلب الرد، فإن كان سكوته لعذر سفر أو غيره رد مطلقاً، طال أو لا بلا يمين. وإن كان سكوته بلا عذر فإن رد بعد يوم أو نحوه أجيب لذلك مع اليمين أنه لم يرض. وإن طلب الرد قبل مضي

<<  <  ج: ص:  >  >>