للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وله الركوب) والحمل على الدابة، لو لم يضطر له على المعتمد، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك. وتقييده بالاضطرار ضعيف؛ لأن السفر مظنة الاضطرار ولا شيء عليه في ركوبها بعد علمه، ثم إن رجعت بحالها فله الرد ولا شيء عليه، وإن عجفت فله الرد وغرم قيمة ما نقصها وإمساكها وأخذ أرش العيب القديم.

(كحاضر تعذر عليه قودها): فله ركوبها من المكان الذي رأى به العيب إلى بيته، أو كان من ذوي الهيئات الذين لا يليق بهم المشي ولم يجد غيرها (أو) ركبها (للرد) أي لردها لبائعها ولم يتعذر قودها أو ولو لم يكن من ذوي الهيئات وإلا دل على الرضا كما تقدم.

(ولا) رد (إن فات) المبيع (حساً، كهلاك أو ضياع أو) فات (حكماً، ككتابة وتدبير) وأولى عتق ولو لأجل (وحبس وصدقة) وهبة قبل اطلاعه على العيب.

(و) إذا لم يكن له الرد في الفوات الحسي أو الحكمي (تعين) للمشتري على البائع (الأرش) أي أرش العيب الذي اطلع عليه بعد الفوات فيما إذا خرج من يده بلا عوض وذلك في غير البيع (فيقوم) المبيع المعيب ولو مثلياً (سالماً) من عيبه بعشرة مثلاً (ومعيباً) بثمانية مثلاً، (ويؤخذ) للمشتري (من الثمن) الذي وقع به البيع (النسبة) أي نسبة نقص ما بين القيمتين، فنسبة الثمانية للعشرة في المذكور أربعة أخماس فقد نقصت قيمته معيباً الخمس فيرجع المشتري على البائع بخمس الثمن، فإذا كان الثمن مائة رجع عليه بعشرين، وأما لو خرج من يده بعوض كما لو باعه لأجنبي فلا يرجع إلا بالأرش وكذا إذا باعه لبائعه، وسيأتي بيان ذلك.

وأما إذا لم يخرج من يده بالمرة فأشار له بقوله: (بخلاف) ما لو تعلق بالمعيب حق لغير مشتريه ولم يخرج من يده نحو (إجارة وإعارة ورهن) واستخدام رقيق مدة معلومة قبل اطلاعه على العيب وإلا كان رضا منه كما تقدم (فيوقف لخلاصه) من الإيجارة أو ما بعدها ويرد لبائعه بعد خلاصه (إن لم يتغير) أي لم يحصل له تغير في تلك المدة، فإن حصل له تغير جرى على أقسام التغير الآتي بيانها من القليل، والمتوسط المفيت للمقصود، ومحل إيقافه لخلاصه إن تعذر خلاصه، وأما لو تيسر الخلاص فلا إيقاف وإلا كان رضاً.

وعبارة التوضيح: فإن تعذر رد عين المبيع مع بقاء الملك فيه لتعلق حق الغير به، كما لو آجرها أو رهنها ثم اطلع فيها على عيب وهي بيد المستأجر أو المرتهن فقال ابن القاسم في المدونة: يبقى الأمر في العيب موقوفاً حتى يفكها من الإجارة والرهن. اهـ. ثم شبه في الرد إن لم يتغير قوله:

(كعوده له): أي كما لو عاد المعيب لمشتريه بعد أن خرج من ملكه غير عالم بعيبه ببيع أو غيره (بعيب): أي بسبب عيب كان هو القديم أو حدث عند المشتري قبل بيعه (أو فلس) لمشتريه الثاني (أو فساد) لبيع (أو) عاد له

ــ

يوم أجيب لذلك من غير يمين. وإن طلب بعد أكثر من يومين فلا يجاب ولو مع يمين.

قوله: [وله الركوب والحمل على الدابة]: مثل الدابة العبد والأمة في أن استعمال كل في السفر لا يعد رضا بخلاف الحضر، فإن استعمال ما ذكر فيه يعد رضا كان في زمن الخصام أو قبله كما مر. وأما لبس الثوب ووطء الأمة فإنه يدل على الرضا اتفاقاً، كان في الحضر أو السفر.

قوله: [وتقييده بالاضطرار ضعيف]: أي وهو لابن نافع قال: إن المشتري إذا اطلع على العيب وهو مسافر لا يركب الدابة ولا يحمل عليها إلا إذا اضطر لذلك فليشهد على ذلك ويركبها أو يحمل إلى الموضع الذي لا يجوز له أن يركبها فيه فإن ركبها من غير اضطرار عد رضا منه والمراد بالإضرار مطلق الحاجة كانت شديدة أم لا.

تنبيه: إذا اطلع المشتري على العيب ووجد البائع غائباً أشهد عدلين استحباباً على عدم الرضا. ثم رد عليه بعد حضوره إن قربت غيبته أو على وكيله الحاضر، فإن عجز عن الرد لبعد غيبته وعدم الوكيل - وعدم علم محله كبعد غيبته - أعلم القاضي بعجزه فتلوم له القاضي إن رجا قدومه - كأن لم يعلم موضعه - ثم بعد مضي زمن التلوم قضى عليه بالرد إن أثبت المشتري أنه لم يشتر على البراءة من العيب. وهذا الشرط مخصوص بالرقيق وصحة الشراء إن لم يحلف عليهما. ولا بد من ثبوت التاريخ بالبينة كملك البائع له لوقت بيعه، ولا يكفي الحلف على هذين. ولا بد من حلفه على عدم الرضا بالعيب. ولا تكفي فيه البينة إذ لا يعلم إلا من جهته كذا في الأصل؛ فهذه خمسة شروط قد علمتها.

قوله: [تعذر عليه قودها] بسكون الواو لأنه مصدر الفعل الثلاثي المتعدي وهو: قاد بمعنى ساق أو سحب وأما بتحريك الواو فهو القصاص.

قوله: [ولا رد إن فات]: أي عند المشتري قبل اطلاعه على العيب.

قوله: [كهلاك]: أي وسواء كان الهلاك باختيار المشتري كقتله للعبد المبيع عمداً أو بغير اختياره، كقتله خطأ أو قتل الغير له أو موته حتف أنفه. قوله [ككتابة]: أي فلو أخذ المشتري أرش العيب ثم عجز المكاتب فلا رد للمشتري، وإن لم يكن أخذ له أرشاً ثم عجز كان له رده - كذا في الحاشية.

قوله: [وذلك في غير البيع]: المراد بالبيع خروجه بعوض بيعاً أو هبة ثواب أو أتلفه إنسان ولزمته القيمة قبل الاطلاع على العيب.

قوله: [بخمس الثمن]: أي فالقيمة ميزان يعرف بها نسبة النقص في الثمن.

قوله: [ويرد لبائعه بعد خلاصه]: ظاهره ولو لم يشهد حين الاطلاع على العيب أنه ما رضي به، وهو كذلك.

قوله: [أو حدث عند المشتري]: أي والموضوع أن به العيب القديم. قوله: [أو فساد لبيع]: أي للبيع الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>