للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مبطل) لعقد المبيع، فلا يلزم البائع الإتيان بمثله بخلاف ما إذا كان موصوفاً متعلقاً بالذمة، كالسلم، فإن المسلم إليه إذا أحضر المسلم فيه فتلف قبل أن يقبضه المسلم لزم الإتيان بمثل ما في ذمته فالكلام في المبيع المعين.

(وتلف بعضه): أي المبيع المعين وقت ضمان البائع (أو استحقاقه) أي البعض المعين (كعيب به) فينظر في الباقي بعد التلف أو الاستحقاق، فإن كان النصف فأكثر لزم الباقي بحصته من الثمن إن تعدد المبيع وكان قائماً فإن اتحد أو فات خير المشتري.

(و) إن كان الباقي أقل (حرم التمسك بالأقل) وتعين الفسخ كما تقدم (إلا المثلي) فيخير مطلقاً فيهما بين الفسخ والتماسك بالباقي بحصته من الثمن وإن كان التخيير في العيب بين رد الجميع والتماسك بالجميع بالثمن.

ولما بين حكم ما إذا تلف المبيع أو بعضه بسماوي، ذكر ما إذا جنى عليه جان وهو: إما البائع، أو المشتري، أو غيرهما بقوله: (وخير مشتر) بين فسخ البيع والتماسك به. فيرجع على البائع بقيمة المقوم أو مثل المثلي (إن غيب بائع) المبيع أي أخفاه وادعى ضياعه، ولا بينة، ولم يصدقه المشتري ونكل البائع عن اليمين. ووجه التخيير أنه لم يتمكن من المبيع مع جواز بقائه عند بائعه، وهذه القيود تفهم من قوله الآتي: "والبائع والأجنبي يوجب الغرم".

(أو عيب) بالعين المهملة: إن قرئ بالبناء للفاعل؛ أي أحدث البائع فيه عيباً زمن ضمان البائع - كما هو الموضوع - ناقضه قوله الآتي: "كتعييبه".

وإن قرئ بالبناء للمفعول -وهو الأولى- كان الضمير النائب عن الفاعل عائداً على المبيع. والمعنى: إن حدث به عيب سماوي زمن ضمان البائع خير المشتري بين الرد والتماسك ولا شيء له (أو استحق) من مبيع متحد كدار أو عبد أو ثوب (بعض شائع وإن قل) فيخير المشتري بين التماسك بالباقي، ويرجع بحصة ما استحق من الثمن وبين الرد ويرجع بجميع ثمنه. وهذا إن كثر كالثلث فأكثر مطلقاً، انقسم أو لا، كان متخذاً للغلة أو لا. أو أقل من الثلث ولم ينقسم، كعبد، ولم يتخذ للغلة فإن قبل القسمة أو اتخذ للغلة قبل القسمة أو لا، فلا خيار بل يلزمه التمسك بالباقي بحصته من الثمن. فالصور ثمانية: الخيار في خمسة منها. واحترز بقوله: "بعض شائع" من المعين وقد قدمه بقوله: "وحرم التمسك بالأقل إلا المثلي".

ــ

فموضوع الكلام في بيع عرض أو مثلي بنقد، وإلا لم يجبر واحد على التبدئة ثم إن كان العقد على نقدين مبادلة أو صرفاً قيل لهما: إن تأخر قبضكما انتقض العقد وإن كانا مثليين غير ما ذكر أو عرضين تركا حتى يصطلحا، فإن كان بحضرة حاكم وكل من يتولى ذلك لهما.

قوله: [مبطل]: محل البطلان إن ثبت التلف بالبينة أو تصادقا عليه بدليل قوله الآتي: "وخير مشتر إن غيب بائع".

قوله: [لزم الباقي بحصته من الثمن]: أي لزم التمسك بذلك الباقي ويرجع بحصة ما تلف لأن بقاء النصف كبقاء الجل.

قوله: [فإن اتحد]: أي كعبد أو دابة وسيأتي ذلك. قوله: [أو فات خير المشتري]: التخيير في التلف والاستحقاق لا يظهر وإنما الواجب فيه التمسك بالفائت الذي لم يستحق ولم يتلف بحصته من الثمن ويرجع بحصة المستحق أو التالف من الثمن فتأمل.

قوله: [حرم التمسك بالأقل]: لأن التمسك به كإنشاء عقدة بثمن مجهول إذ لا يعلم ثمنه إلا بعد تقويم المبيع كله أولاً ثم تقويم كل جزء من الأجزاء كما تقدم. ومحل حرمة التمسك بالأقل ما لم يفت كما تقدم.

قوله: [إلا المثلي] إلخ: حاصله أن المبيع إذا كان فيه حق توفية وتلف بعضه بسماوي وهو في ضمان البائع أو استحق بعضه - كان في ضمان البائع أم لا - أو تعيب بعضه بسماوي وهو في ضمان البائع، فإن كان الباقي بعد التلف أو الاستحقاق والسالم من التعييب النصف فأكثر تعين التمسك بذلك الباقي بحصته من الثمن. وإن كان الباقي بعد التلف أو الاستحقاق والسالم من التعييب أقل من النصف ففي التلف والاستحقاق يخير المشتري بين فسخ البيع والرجوع بثمنه والتماسك بذلك الباقي القليل بحصته من الثمن ويرجع بحصة ما تلف أو استحق، وأما في التعييب فيخير بين فسخ البيع وأخذ ثمنه والتماسك بجميع المبيع سالماً ومعيباً بكل الثمن ولا يجوز له أن يتمسك بذلك السالم فقط بحصته من الثمن.

قوله: [وخير مشتر] إلخ: حاصله أن البائع إذا أخفى المبيع وقت ضمانه وادعى هلاكه والفرض أن البيع على البت ولم يصدقه المشتري بل ادعى أنه أخفاه وأن دعواه الهلاك لا أصل لها ونكل ذلك البائع عن اليمين، فإن المشتري يخير بين الفسخ عن نفسه لعدم تمكنه من قبض المبيع أو التماسك به ويطالب البائع بمثله أو قيمته. وأما لو كان البيع على الخيار فيلزم البائع الثمن ولا خيار للمشتري وإنما خير المشتري في البت دون الخيار مع أن ضمان السلعة في المسألتين من البائع لأن العقد في الخيار غير متبرم والسلعة باقية على ملك البائع. ولا يدخل في كلام المصنف المحبوسة بالثمن أو للإشهاد بناء على أنها كالرهن يضمنها ضمان الرهن، إذ لا تخيير للمشتري فيها وإنما له القيمة بالغة ما بلغت. نعم يدخل على القول الآخر من أن البائع يضمنها ضمان أصالة.

قوله: [وهو الأولى]: أي بل متعين؛ لأن التخيير المذكور إنما هو في السماوي على المعتمد وأما في تعييب البائع عمداً أو خطأ فيغرم الأرش إن اختار المشتري التماسك كما يأتي.

قوله: [فالصور ثمانية]:

<<  <  ج: ص:  >  >>