للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإتلاف المشتري) لمبيع مقوم أو مثلي زمن ضمان البائع (قبض) أي كالقبض فيلزمه الثمن. (و) إتلاف (البائع والأجنبي يوجب الغرم) على من أتلف منهما: أي غرم قيمة المقوم ومثل المثلي ولا سبيل للفسخ بأخذ جميع الثمن (كتعييبه)، أي من ذكر من بائع أو أجنبي أو مشتر. فتعييب المشتري وقت ضمان البائع قبض، وتعييب الأجنبي يوجب غرم الأرش لمن منه الضمان، وتعييب البائع يوجب غرم الأرش للمشتري قال في المدونة في كتاب الاستحقاق: ومن ابتاع من رجل طعاماً بعينه ففارقه قبل أن يكتاله فتعدى البائع على الطعام فعليه أن يأتي بطعام مثله، ولا خيار للمبتاع في أخذ دنانيره. ولو هلك الطعام بأمر من الله تعالى انتقض البيع وليس للبائع أن يعطي طعاماً مثله ولا ذلك عليه اهـ. وهذا يفيد أن تعييب البائع يوجب الغرم ولو خطأ كالأجنبي ولا يلحق الخطأ بالسماوي وعليه، فيتعين قراءة قولنا المتقدم "أو عيب" بالبناء للمفعول، ويحمل على السماوي. وقول الشيخ: "وكذلك إتلافه"، صوابه تعييبه؛ لأن الإتلاف ذكره قبله. وعبارة ابن الحاجب: وكذلك تعييبه، قال في التوضيح: أي تعييب المبيع كإتلافه، فيفصل فيه بين البائع والمشتري والأجنبي كما تقدم اهـ. وترتيب هذه المسألة - على ما ذكرنا أحسن من ترتيبه.

(وجاز) لمن ملك شيئاً بشراء أو غيره (البيع) له (قبل القبض) له من مالكه الأول (إلا طعام المعاوضة) فلا يجوز بيعه قبل قبضه، وسواء كان الطعام ربوياً أو غير ربوي. وطعام المعاوضة: ما استحق في نظير عوض (ولو) كان العوض غير متمول (كرزق قاض وجندي) فإنه من بيت المال في نظير حكمه وحراسته وغزوه، وكذا رزق عالم أو إمام أو مؤذن أو نحوهم في وقف أو بيت مال في نظير التدريس أو الإمامة أو الأذان. لا يجوز بيعه قبل قبضه من ناظر ونحوه؛ لأنه في نظير عمله وهو عوض بخلاف ما لو رتب شيء لإنسان من بيت المال أو غيره كوقف على وجه الصدقة فيجوز بيعه قبل قبضه لعدم المعاوضة، ومحل منع بيع طعام المعاوضة: قبل قبضه (إن أخذ بكيل) أي أو وزن أو عد (لا) إن أخذ (جزافاً) فيجوز بيعه قبل قبضه، فمن اشترى صبرة جزافاً بشرطه جاز بيعها قبل القبض لدخولها في ضمان المشتري بالعقد، فهي مقبوضة حكماً فليس في الجزاف توالي عقدتي بيع لم يتخللهما قبض وحرمة بيع طعام المعاوضة قبل قبضه، قيل: تعبد، وقيل: معقولة المعنى من حيث إنه ربما أدى لفساد فنهى الشارع عنه سداً للذريعة، وقيل: غير ذلك.

وقولنا: (إلا كوصي ليتيميه) مستثنى من المنع، والمعنى: أن الوصي أو الأب أو السيد إذا اشترى لأحد يتيميه أو لأحد ولديه أو لأحد عبديه طعاماً من الآخر كان له أن يبيعه لأجنبي قبل قبضه قبضاً [١] ثانياً حسياً لمن اشتراه له؛ لأن الولي لما كان يتولى الطرفين لمحجوره نزل اشتراؤه من أحدهما للآخر منزلة القبض،

ــ

حاصلها أن المبيع: إما أن يكون قابلاً للقسمة أو لا. وفي كل إما أن يتخذ للغلة أو لا؛ فهذه أربعة، وفي كل: إما أن يكون الجزء المستحق كثيراً كالثلث فأكثر أو قليلاً؛ فهذه ثمانية. فإن كان كثيراً خير المشتري كان المبيع يمكن قسمه أو لا متخذاً للغلة أو لا، وكذا إن كان قليلاً وكان المبيع لا يمكن قسمه ولم يتخذ للغلة. فإن كان متخذاً للغلة قبل القسمة أو لا، أو قبل القسمة وهو غير متخذ للغلة، فلا خيار للمشتري ويلزمه الباقي بحصته من الثمن.

قوله: [وإتلاف المشتري] إلخ: أي والموضوع أن الشراء على البت.

قوله: [بشراء أو غيره]: أي كهبة أو صدقة وسواء كان ذلك الشيء طعاماً أو غيره لأن الاستثناء معيار العموم. قوله: [إلا طعام المعاوضة]: أي إلا الطعام الذي حصل بمعاوضة لما ورد في الموطأ والبخاري ومسلم عن أبي هريرة من النهي عن ذلك وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله».

قوله: [كرزق قاض]: أي كطعام جعل للقاضي من بيت المال في نظير ذلك. قوله: [على وجه الصدقة]: حاصله أن من له شيء من الطعام في بيت المال في مقابلة قيامه بمصلحة من مصالح المسلمين لا يجوز له أن يبيعه قبل قبضه. ومن له شيء من الطعام على وجه الصدقة جاز له بيعه قبل قبضه قال (عب): ويلحق برزق القاضي طعام جعل صداقاً أو خلعاً فلا يجوز بيعه قبل قبضه لا مأخوذ عن مستهلك عمداً أو خطأ فيجوز بيعه قبل قبضه. اهـ.

وكذا المثلي المبيع فاسداً إذا فات ووجب مثله كما قال (بن): بجامع أن المعاوضة ليست اختيارية بل جر إليها الحال في كل خلافاً لـ (عب) حيث جعله كرزق القاضي.

قوله: [إن أخذ بكيل]: أي إذا كان بائعه اشتراه بكيل وباعه قبل أن يقبضه سواء باعه جزافاً أو على الكيل.

قوله: [وجاز بيعها قبل القبض]: أي جزافاً أو على الكيل. قوله: [وحرمة بيع طعام المعاوضة قبل قبضه قيل تعبد] إلخ: قال في التوضيح: والصحيح عند أهل المذهب أن هذا النهي تعبدي. وقيل: إنه معقول المعنى لأن الشارع له غرض في ظهوره فلو أجيز بيعه قبل قبضه لباعه أهل الأموال بعضهم لبعض من غير ظهور بخلاف ما إذا منع من ذلك فإنه ينتفع به الكيال والحمال ويظهر للفقراء فتطمئن به قلوب الناس ولا سيما في زمن المسغبة والشدة. اهـ. .

قوله: [إلا كوصي ليتيميه]: إنما كان هذا مستثنى من المنع لأن محل اشتراط كون القبض حسياً ما لم يكن البائع يتولى الطرفين وإلا جاز بيعه قبل قبضه حساً كما قال الشارح. قوله: [أو الأب أو السيد]: بيان لما دخل تحت الكاف. وقوله: [إذا اشترى لأحد يتيميه] إلخ لف ونشر مرتب. قوله: [نزل اشتراؤه من أحدهما للآخر منزلة القبض]: أي الحسي.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>