للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتأتى هنا (لقصد المعروف منك) مع صاحب الأصل (فقط)، لا إن قصدت دفع ضرر وأولى عدم قصد شيء. وهذا فيما إذا اشتراها بخرصها. وأما لو اشتراها بعين أو عرض لجاز مطلقاً بشرط بدو الصلاح وهو من مشمولات ما تقدم من جواز بيع الثمر إن بدا صلاحه.

(وبطلت) العرية (بمانع) لمعريها (قبل حوزها بعد ظهور الثمرة) على أصلها، بأن مات معريها أو فلس أو مرض أو جن واتصل مرضه أو جنونه بموته؛ لأنها عطية لا تتم إلا بالحوز كسائر العطايا. إلا أن الحوز هنا لا يفيد إلا بظهور الثمر على الشجر على الأرجح، فلا يكفي الحوز لأصولها قبل ظهور ثمرها فإن حصل للواهب مانع بعد حوز أصلها وقبل بروز الثمر بطلت، وقيل: يكفي ويجري مثل هذا في هبة الثمرة وصدقتها وتحبيسها.

(وزكاتها) أي العرية (وسقيها) ثابتان (على المعري) بالكسر أي معريها، وأما غير السقي من تقليم وتنقية وحراسة فعلى المعرى له.

(و) لو نقصت العرية عن النصاب (كملت) من ثمار معريها وزكاها وأما الهبة والصدقة فزكاتهما على الموهوب له والمتصدق عليه إن حصلا قبل الطيب لأبعده [١] فعلى الواهب.

ثم شرع في بيان حكم الجوائح فقال: (وتوضع جائحة الثمار) عن المشتري (ولو) كان شأنها لا تيبس أو بطوناً لا تنتهي أو تنتهي (كموز ومقاثئ) يشمل البطيخ والخيار والقثاء والقرع والباذنجان، فليس المراد بالثمار خصوص ما ييبس ويدخر كما هو المتعارف. (وإن بيعت على الجذ) فأجيحت قبل تمامه في المدة التي تجذ فيها عادة أو بعدها إن حصل مانع منه (أو) كانت الثمرة (من عريته) فاشتراها معريها بخرصها فأجيحت فتوضع. (أو) كانت الثمرة (مهراً) لزوجة فأجيحت.

ومحل وضعها عن المشتري (إن أصابت) الجائحة (الثلث) فأكثر من الثمر لا أقل (وأفردت) الثمرة (بالشراء) دون أصلها (أو ألحق أصلها) في الشراء (بها): أي بشراء الثمرة (لا عكسه)، وهو شراء أصلها أولاً ثم ألحقت به (أو معه): بأن اشتراهما معاً في عقد، فلا جائحة فيهما ومصيبته من المشتري (أو اعتبر قيمة ما أصيب من بطون ونحوها إلى ما بقي في زمنه): يعني إذا أجيح بطن مما يطعم بطوناً كالمقاثئ -وقد جنى بطنين مثلاً- أو اشترى بطناً واحدة مما لا يحبس أوله على آخره كالعنب، أو اشترى أصنافاً كبرني وصيحاني أو غير ذلك مما تختلف أسواقه في أول مجناه ووسطه وآخره، فإن بلغ ذلك ثلث المكيلة أو الوزن وضع عنه كما تقدم، ثم يعتبر قيمة ما أصيب بالجائحة من البطون أو ما في حكمها كما ذكرنا، وينسب إلى قيمة ما بقي سليماً في زمنه. وعبارة المدونة؛ فإن كان المجاح مما لم يجح قدر ثلث النبات وضع قدره وقيل: له "قيمة المجاح في زمنه". قال الأشياخ: معناه: أن يصير إلى انتهاء البطون، ثم يقال: كم يساوي كل بطن زمن الجائحة على أن يقبض في أوقاته؟ فإذا قيل: قيمة المجاح يوم الجائحة عشرة وقيمة السليم يوم الجائحة على أن يقبض في وقته

ــ

وهي دفع الضرر فلا يتأتى شيء من ذلك.

قوله: [لا يتأتى هنا]: أي والمتأتى هنا تسعة: بدو الصلاح، وكونه بالخرص، ومن نوعها، وعدم اشتراط تعجيل ذلك الخرص، وأن يكون في الذمة، وأن يكون التمر المشترى خمسة أوسق فأقل. وأن يكون الشراء بقصد المعروف فقط، وكونها في الثمار، وكونها مما ييبس. واعتبار هذه الشرط كلها إذا وقع البيع بخرصها كما هو الموضوع. وأما إذا وقع بعين أو عرض فإنما يشترط بدو الصلاح كما أفاده الشارح.

قوله: [وزكاتها]: إلخ إنما كانت زكاتها وسقيها على المعري لأن المعروف في العرية أشد منه في بقية العطايا.

قوله: [ثابتان على المعري]: أي وإن لم يشترها ولو حصلت العرية قبل الطيب بخلاف الهبة والصدقة كما يأتي.

قوله: [وتوضع جائحة الثمار]: الجائحة مأخوذة من الجوح: وهو الهلاك، واصطلاحاً: ما أتلف من معجوز عن دفعه عادة قدراً من ثمر أو نبات بعد بيعه؛ بكذا عرفها ابن عرفة.

وقوله: [من معجوز]: بيان لـ "ما".

وقوله: [قدراً]: مفعول لأتلف. وأطلق في القدر لأجل أن يعم الثمار وغيرها لأن الثمار وإن اشترط فيها كون التالف ثلثاً، لكن البقول لا يشترط فيها ذلك وإنما وضعت جائحة الثمار عن المشتري لما بقي على البائع في الثمرة من حق التوفية.

قوله: [وإن بيعت على الجذ]: أي هذا إذا بيعت على التبقية لأجل أن ينتهي طيبها بل وإن بيعت على الجذ أي القطع وعدم التأخير لانتهاء طيبها.

قوله: [أو من عريته]: أي خلافاً لأشهب القائل بأنها لا توضع جائحتها؛ لأن العرية مبنية على المعروف ومحل الخلاف إذا أعراه ثمر نخلات ثم اشترى عريته بخرصها. أما لو اشتراها بعين أو عرض فإن الجائحة تحط عن المشتري وهو المعري - بالكسر - اتفاقاً وإن أعراه أوسقاً من حائطه ثم اشتراها منه ثم أجيح ثمر الحائط فلم يبق إلا مقدار تلك الأوسق فلا قيام للمعري بالجائحة ولا تحط عنه اتفاقاً؛ فالمسألة ذات صور ثلاث قد علمتها.

قوله: [أو كانت الثمرة مهراً لزوجة]: نص ابن عرفة: وفي لغوها في النكاح لبنائه على المعروف وثبوتها لأنها عوض قولا العتبي عن ابن القاسم وغير واحد عن ابن الماجشون. وصوبه ابن يونس اللخمي. ومحل الخلاف إذا كان المهر ثمراً. وأما لو كان المهر غير ثمر ثم عوضت فيه ثمراً ففيه الجائحة اتفاقاً.

تنبيه: لا جائحة في الثمرة المدفوعة خلعاً ولو على القول بثبوتها في المهر وذلك لضعف الخلع عن الصداق بجواز الغرر فيه دون الصداق.

قوله: [الثلث فأكثر]: أي ولو من كصيحاني


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لا بعده)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>