للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرة، حط عنه نصف الثمن. وإذا قيل: قيمة السليم على الوجه المذكور عشرون حط عنه الثلث. وإذا قيل خمسة: حط عنه الثلثان من الثمن ولذا قال: (ولا يستعجل) بالتقويم يوم الجائحة بل يصبر إلى انتهاء البطون ليتحقق المقدار الذي يقوّم ثم يعتبر التقويم يوم الجائحة بأن يقال: ما قيمته يوم الجائحة على أن يقبض في وقته؟ فعلم أنه ليس المراد أنه يقوم كل في زمنه قال أبو الحسن: لم يتأولها أحد عليه وإن كان هو الظاهر منها، وإنما اختلفوا: هل يراعى يوم البيع أو يوم الجائحة، وأن وضع الجائحة إنما يكون إذا أصاب الثلث فأكثر. وأما الرجوع لقيمة المصاب فيثبت بعد إجاحة الثلث قلت أو كثرت.

(وإن تعيبت) الثمرة -كأن أصابها غبار أو عفن من غير ذهاب عينها- (فثلث القيمة) هو المعتبر في وضع الجائحة، لا ثلث المكيلة. فإن نقصت بالعيب ثلث قيمتها فأكثر وضع عن المشتري وإلا فلا. (وهي): أي الجائحة (ما): أي كل شيء (لا يستطاع دفعه) عادة (من) أمر (سماوي) كبرد وثلج وغبار وسموم -أي ريح حار- وجراد وفأر ونار ونحو ذلك (أو جيش، وفي السارق خلاف) قيل: ليس بجائحة لأنه يستطاع دفعه بالحراسة منه، وهو قول ابن القاسم في الموازية وعليه الأكثر. وقيل: من الجائحة، وهو قوله في المدونة وصوبه ابن يونس واستظهر ابن رشد. ومحل الخلاف إذا لم تعلم عينه وإلا اتبعه المشتري.

وما تقدم من أن محل وضع الجائحة إذا بلغت الثلث فأكثر إنما هو فيما إذا أجيحت بغير العطش. وأما بالعطش فيوضع مطلقاً وقد نبه عليه بقوله: (وتوضع) الجائحة الحاصلة (من العطش) مطلقا ً (وإن قل) المجاح ما لم يكن تافهاً لا بال له، وشبه في قوله: وإن قل قوله (كالبقول) بضم الباء الموحدة: كالخس والكزبرة والسلق والهندبا والكراث، ومنه مغيب الأصل: كالجزر والبصل، قال في المدونة: وأما جائحة البقول السلق والبصل والجزر والفجل والكراث وغيرها فيوضع قليل ما أجيح منه وكثيره. اهـ. وسواء أجيحت بعطش أو غيره (والزعفران والريحان والقرط) بضم القاف حشيش يشبه البرسيم في الخلقة (والقضب) بفتح القاف وسكون الضاد المعجمة: ما يرعى من الحشيش (وورق التوت) يشترى لعلف دود الحرير (والفجل ونحوها): أي المذكورات كاللفت والقلقاس والثوم.

(و) إذا وضع من هذه الأشياء ما قل وما كثر (لزم المشتري الباقي): أي ما بقي بعد الجائحة (وإن قل) وليس له فسخ البيع وحله عن نفسه، بخلاف الاستحقاق فإنه يخير في المثلي وإن قل كما هو الموضوع، والفرق كثرة تكرر الجوائح، فكأن المشتري داخل على ذلك بخلاف الاستحقاق. وتقدم أن المقاثي والموز والورد والياسمين ونحوها كالعصفر والفول الأخضر والجلبان ملحقة بالثمار يراعى فيها الثلث فأكثر ويلزم المشتري الباقي.

ــ

وبرني، فلا فرق بين كون المبيع صنفاً واحداً أو صنفي نوع بيعا معاً فأجيح واحد منهما، فإنها توضع إن بلغت ثلث مكيلة الجميع كما رواه ابن المواز عن مالك وابن القاسم وعبد الملك خلافاً لأشهب القائل باعتبار ثلث القيمة إن تعدد الصنف.

والحاصل: أنه لا خلاف في اعتبار كون ما أتلفته الجائحة من أحد الصنفين ثلث المبيع، لكن هل المعتبر ثلث قيمته أو ثلث مكيلته؟ خلاف وموضوعه في صورتين: ما إذا كان المبيع نوعاً لا يحبس أوله على آخره كالمقاثئ، أو كان صنفي نوع وأما لو كان المبيع نوعاً واحداً يحبس أوله على آخره فهذا لا خلاف في اعتبار ثلث مكيلته - كذا في (بن).

قوله: [وإنما اختلفوا] إلخ: حاصله أن الأقوال أربعة؛ قيل: يعتبر قيمة كل في وقته ولا يستعجل بالتقوم. وقيل: يعتبر قيمة كل يوم البيع على تقدير وجود البطون السالمة فيه، فإن أجيحت بطن مثلاً قيل: ما قيمتها يوم البيع، وما قيمة السالم لو كان موجوداً يوم البيع؟ فيقال: كذا. وقيل: يعتبر قيمة كل يوم الجائحة وعلى هذا القول فقيل: يستعجل بالتقويم بحيث يقال: يوم الجائحة ما قيمة المجاح في ذلك الوقت؟ فيقال: كذا. وما قيمة السالم لو كان موجوداً فيه؟ فيقال: كذا. وقيل: يستعجل بتقويم السالم على الظن والتخمين بل بعد انتهاء البطون ينظر كم تساوي كل بطن زمن الجائحة على أنها تقبض بعد شهر مثلاً. وهذا القول هو المعتمد. وفي (بن) عن أبي الحسن أن الأول لم يقل به أحد من أهل المذهب وإنما اختلفوا: هل يراعى في التقويم يوم البيع أو يوم الجائحة؟ وعلى الثاني فقيل: يستعجل بتقويم السالم على الظن والتخمين وقيل لا يستعجل بتقويمه وهو الأصح.

قوله: [لا ثلث المكيلة]: إنما لم يعتبر ثلث المكيلة لأن عينها موجودة لم تذهب ولم يحصل فيها نقص من جهة الكيل، قال في التوضيح: فإن لم تهلك الثمار بل تعيبت فقط بكغبار يصيبها أو ريح يسقطها قبل طيبها فينقص ثمنها. ففي البيان: أن ذلك جائحة ينظر لما نقص هل ثلث القيمة أم لا، وقال ابن شعبان: ليس ذلك جائحة وإنما هو عيب والمبتاع بالخيار بين أن يتمسك أو يرد اهـ (بن).

قوله: [من العطش مطلقاً]: محل ذلك ما لم يكن العطش من تفريط المشتري وإلا فلا توضع عنه.

قوله: [وسواء أجيحت بعطش أو غيره]: أي فليس البقول كالثمار وذلك لأن البقول لما كانت تجذ أولاً فأول لم ينضبط قدر ما يذهب منها.

قوله: [وتقدم أن المقاثي] إلخ: الحاصل أن المقاثي أو الباذنجان والقرع والفجل والجزر والموز والياسمين

<<  <  ج: ص:  >  >>