(و) بطل بجعله (في قرض جديد) اقترضه من إنسان له عليه دين قبله وجعل ذلك الرهن فيه (مع دين قديم) من قرض أو بيع؛ أي جعله فيهما معاً، لأنه سلف جر نفعاً وهو توثقة في القديم بالرهن، فيرد لربه ويبقيان بلا رهن.
(و) إذا حصل مانع للراهن قبل رده له (اختص به): أي بالرهن الدين (الجديد) دون القديم: أي فيكون المرتهن أحق به في الجديد فقط ويحاصص بالقديم، وهذا هو المراد بقول الشيخ: "وصح في الجديد"، فمراده بالصحة: الاختصاص، لا الصحة المقابلة للفساد فاندفع قول الحطاب: كلام المصنف نص في صحة الرهن ولم أقف على ذلك لغيره اهـ.
(و) بطل الرهن (بمانع): أي بحصول مانع (كموت الراهن أو فلسه) أو جنونه أو مرضه المتصل بموته (قبل حوزه): متعلق بحصول المقدر هذا إذا فرط المرتهن في طلبه بل (ولو جد فيه) فحصل المانع قبل حوزه؛ بخلاف الهبة والصدقة فإن الجد في حوزهما يفيد لأنهما خرجا عن ملكه بالقول والرهن لم يخرج عنه.
(و) بطل (بإذنه): أي إذن المرتهن للراهن (في وطء) لجارية مرهونة (أو) في (سكنى) لدار مرهونة (أو) في (إجارة) لذات مرهونة والبطلان (ولو لم يفعل) الراهن ما ذكر من الوطء وما بعده، فهو أعم من قوله: "ولو لم يسكن". وتقدم أن المنافع للراهن وأن المرتهن يتولاها للراهن بإذنه. وعبارة المدونة: لو أذن المرتهن للراهن أن يسكن أو يكري فقد خرجت الدار من الرهن وإن لم يسكن أو يكرى، نعم الإذن في الوطء إذا لم يطأ فيه خلاف فقيل لا يبطله إلا إذا وطئ بالفعل لا إن لم يطأ، والقياس على الدار: البطلان ولو لم يطأ. والشيخ رحمه الله اقتصر على نصها، فقال: "ولو لم يسكن" فلا اعتراض عليه ويتم البطلان، (إن فات) الرهن (بنحو عتق) أو كتابة أو عتق لأجل (أو) نحو (بيع) كهبة وصدقة وحبس، فإن لم يفت فللمرتهن أخذه بالقضاء، قال ابن يونس عن الموازية: من ارتهن رهناً فقبضه ثم أجره للراهن فقد خرج من الرهن. قال ابن القاسم وأشهب: ثم إن قام المرتهن برده قضي له بذلك اهـ. وهو ظاهر إذا لم يحصل فوت
ــ
تنبيه: من جنى خطأ جناية تحملها العاقلة وظن أن الدية تلزمه بانفراده فأعطى بها رهناً ثم علم أن جميعها لا يلزمه، حلف أنه ظن لزوم الدية وما علم عدم اللزوم، ورجع في رهنه من حصة العاقلة إلى جعله في حصته فقط. وأما لو علم لزوم الدية للعاقلة ورهن فإنه يكون في جميع الدية.
قوله: [وبطل يجعله في قرض جديد] إلخ: اعلم أن محل فساد الرهن إذا كان المدين معسراً به أو كان الدين القديم مؤجلاً حين أخذ الرهن. أما لو كان حالاً أو حل أجله صح ذلك إن كان الغريم مليئاً مقدوراً على الخلاص منه، لأن رب الدين لما كان قادراً على أخذ دينه، كان تأخيره كابتداء سلف. وكذا لو كان الغريم عديماً وكان الرهن له ولم يكن عليه محيط لأنه حينئذ كالمليء. اهـ (بن) ومفهوم قول المصنف: "في قرض" أنه لو كان في بيع جديد لصح في البيع الجديد والقديم - كذا في (عب) تبعاً لاستظهار (ح) قال (بن): وهو قصور؛ فقد صرح ابن القاسم بالحرمة كما في المواق وكذا أبو الحسن في كتاب الفلس، قال: إن دين البيع مثل دين القرض في الفساد. اهـ.
قوله: [فمراده بالصحة الاختصاص]: أي بعد الوقوع لا أنه يصح ابتداء بل يؤمر برده.
قوله: [أو فلسه]: أي ولو المعنى الأعم وهو قيام الغرماء ومنعه من التصرف في ماله لا بمجرد إحاطة الدين فلا يبطل الرهن به من غير قيام الغرماء.
قوله: [أو مرضه]: أي والحوز في حالة المرض والجنون لا ينفع.
قوله: [وبطل بإذنه] إلخ: أي بطلاناً غير تام ولا يتم إلا بالفوات كما يأتي في قوله: "إن فات". واعلم أن الإذن في الوطء وما بعده قيل إنه مبطل للحوز فقط - وهو الذي مشى عليه شارحنا - وقيل: للرهن من أصله وعلى الأول للمرتهن بعد الإذن وقبل المانع رد الرهن لحوزه بالقضاء على الراهن وعلى الثاني ليس له رده لبطلانه، وسواء كان الراهن المأذون له في الوطء بالغاً أو غير بالغ لجولان يده في أمة الرهن وإن كان وطء غير البالغ معتبراً في غير هذا المحل.
قوله: [أو في سكنى]: أي أو إسكان الغير. قوله: [أو في إجارة لذات مرهونة]: أي كانت تلك الذات عقاراً أو حيواناً أو عروضاً.
قوله: [ولو لم يفعل]: رد ب "لو" على أشهب القائل بأنه لا يبطل الرهن بمجرد الإذن فيما ذكر بل حتى يطأ أو يسكن أو يؤاجر بالفعل.
قوله: [وأن المرتهن يتولاها للراهن]: أي إن كان يمكن ذلك شرعاً، وأما نحو الاستمتاع بالجارية فهذا لا يكون للراهن ولا للمرتهن ما دامت مرهونة. قوله: [نعم الإذن في الوطء] إلخ: هذا الاستدراك لا محل له لما تقدم لك أن الخلاف في الكل محكي عن أشهب.
قوله: [والشيخ رحمه الله اقتصر على نصها]: قد يقال: إن الشيخ لم يتمم نصها في السكنى والكراء كما تقدم التنبيه عليه.
قوله: [ويتم البطلان إن فات الرهن] إلخ: أي وكان الراهن موسراً، وإلا فلا يفوت كما يأتي. وهذا راجع لقوله: "وبطل بإذنه في وطء".