للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنها شهادة على فعل نفسه (إلا ببينة) تشهد له (على التحويز) قبله: أي على معاينة أن الراهن سلم له الرهن قبل حصول المانع (أو) تشهد له (على الحوز): أي على كونه حازه قبل المانع ولو لم تشهد بالتحويز (على الأوجه) من التأويلين؛ لأن شهادتها بالحوز قبله مع ثبوت الدين يفيد الظن بأن الراهن سلمه له، واحتمال احتيال المرتهن عليه بعيد. والتأويل الثاني: أنه لا بد من الشهادة على التحويز والقبض من الراهن. وقال المصنف: وفيها دليلهما واختار الباجي الأول، ولكن ظاهرها الثاني، وبه قال جماعة منهم ابن رشد ونصها في كتاب الهبة: ولا يقضى بالحيازة إلا بمعاينة البينة بحوزه في حبس أو رهن أو هبة أو صدقة ولو أقر المعطي بصحته أن المعطي قد حاز وقبض وشهد عليه بإقراره حتى تعاين البينة الحوز اهـ. وقال بعض المحققين: يكفي الحوز في الهبة ولا يكفي في الرهن؛ لأن الرهن لم يخرج عن ملكه بخلاف الهبة.

(و) لو باع الراهن الرهن (مضى بيعه) وإن كان لا يجوز (قبل قبضه): أي قبل أن يقبضه المرتهن منه (إن فرط مرتهنه) في طلبه حتى باعه راهنه ويبقى دينه بلا رهن لتفريطه. (وإلا) يفرط بل جد في طلبه فباعه قبل قبضه (فهل يمضي) بيعه (ويكون الثمن): أي ثمنه (رهناً) في الدين فات الرهن عند مشتريه أو لا؛ (أو لا) يمضي بل يرد ويكون رهناً في الدين؟ وهذا إذا لم يفت فإن فات بيد مشتريه كان ثمنه رهناً، (قولان): الأول لابن أبي زيد والثاني لابن القصار ولابن رشد ثالث: وهو أنه ليس للمرتهن رد بيع الرهن وإنما له فسخ بيع سلعته؛ لأنه لما باعها على رهن بعينه فلما فوته ببيعه كان أحق بسلعته إن كانت قائمة أو قيمتها إن فاتت، قال: وهذا كله إن دفع السلعة للمشتري أي الراهن أو السلف له وإلا فهو أحق بسلعته أو سلفه فرط في الرهن أو لم يفرط.

(أو): أي ومضى بيعه أيضاً إن باعه (بعده): أي بعد أن قبضه المرتهن (إن باعه بمثل الدين فأكثر وهو): أي والدين (عين) مطلقاً من بيع أو قرض (أو) الدين (عرض من قرض) وعجل الدين في الصور الثلاثة [١] (وإلا) يبعه بمثل الدين بل بأقل منه في الصور الثلاث أو باعه بمثله فأكثر والدين عرض من بيع (فله): أي للمرتهن (الرد) لبيع الرهن في الصور الأربعة [٢]، إن لم يكمل له في الثلاثة الأول بقية دينه. ولا يلزمه في الرابعة قبول العرض قبل أجله ولو بيع بما فيه الوفاء؛ لأن الأجل فيه من حقهما بخلاف العرض من قرض فإن الأجل فيه

ــ

قوله: [لأنها شهادة على فعل نفسه]: أي الذي هو الحوز والشهادة على فعل النفس لا تعتبر لأنها دعوى. ويستفاد من التعليل المذكور أن شهادة القباني بأن وزن ما قبضه فلان كذا لا تقبل لأنها شهادة على فعل النفس، بخلاف ما إذا شهد أن فلاناً قبض ما وزنه فإنه يعمل بشهادته، فإن شهد بهما معاً فالظاهر البطلان، لأن الشهادة إذا بطل بعضها بطل كلها حيث كان بطلان بعضها للتهمة كما هنا. ومحل بطلان شهادة القباني إذا شهد بالوزن: ما لم يكن مقاماً من طرف السلطان أو نائبه كالقاضي كما بمصر، وإلا عمل بشهادته كما استظهره الأجهوري والظاهر أن تابع المقام من القاضي مثله.

قوله: [والقبض من الراهن]: عطف تفسير على التحويز.

قوله: [حتى تعاين البينة الحوز]: هنا حذف من أصل النص سقط من المؤلف، فإن كلام المدونة: وشهد عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك إن أنكر الورثة حتى تعاين البينة الحوز. اهـ. كما في (بن) وبهذا المحذوف تستقيم العبارة. ووجه كون هذا النص فيه الدليل لكل منهما أن قوله: حتى تعاين البينة الحوز، يحتمل حقيقة الحوز بأن تعاين البينة أن ذلك الشيء الموهوب أو المتصدق به أو المرهون في حوز الشخص المعطى بالفتح قبل المانع. ويحتمل أن المراد بالحوز التحويز: أي التسليم كما هو المتبادر من المعاينة.

قوله: [وهذا إذا لم يفت]: بعد هذه العبارة في نسخة المؤلف: فإن يبدأ إلخ. وصوابه فإن فات بيد مشتريه.

قوله: [الأول لابن أبي زيد] إلخ: اعلم أن محل الخلاف في بيع الراهن الرهن المعين المشترط في عقد البيع أو القرض، والحال أن الراهن البائع سلم الرهن المبيع للمشتري، فإن لم يسلمه له كان للمرتهن منعه من التسليم ولو أتاه برهن بدله لأن العقد وقع على عينه فإن خالف الراهن وسلمه للمشتري، كان للمرهن فسخ العقد الأصلي المشترط فيه الرهن. وأما إن كان غير معين وباعه الراهن قبل أن يقبضه المرتهن فللمرتهن أيضاً منع الراهن من تسليمه للمشتري حتى يأتيه ببدله، وأما لو كان الرهن متطوعاً به بعد العقد وباعه الراهن قبل أن يقبضه المرتهن فإنه يمضي بيعه. وهل يكون ثمنه رهناً أو يكون لا للراهن ويبطل الرهن من أصله؟ خلاف مخرج على الخلاف في بيع الهبة قبل قبضها وبعد علم الموهوب له في مضي البيع، ويكون الثمن للمعطي؛ بالكسر، أو للمعطى؛ بالفتح، كما سيأتي.

قوله: [وهذا كله إن دفع السلعة]: أي المبيعة في مسألة البيع.

وقوله: [أو السلف]: أي في مسألة القرض.

قوله: [أو الدين عرض]: مراده بالعرض ما قابل العين فيشمل الطعام.

قوله: [في الصور الثلاث]: أي وهي ما إذا كان الدين عيناً مطلقاً من بيع أو قرض أو عرضاً من قرض

قوله: [في الصور الأربع]: أي وهي ما إذا كان الدين عيناً مطلقاً أو عرضاً من قرض أو من بيع.

قوله: [إن لم يكمل]: أي وأما لو كمل له فحكمه حكم ما إذا باعه بمثل الدين في مضي البيع.

قوله: [ولا يلزمه في الرابعة] إلخ: يعني بالرابعة كون الدين عرضاً من بيع.

قوله: [لأن الأجل فيه من حقهما]: علة للنفي الذي هو عدم اللزوم.

قوله: [بخلاف العرض من قرض]: أي وبخلاف العين مطلقاً كما تقدم ذلك في باب القرض.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الثلاث).
[٢] في ط المعارف: (الأربع).

<<  <  ج: ص:  >  >>