للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إن صحت) الشركة. فإن فسدت - كما لو وقعت على التفاضل في الربح أو العمل - فلا تقويم ورأس مال كل ما بيع به عرضه إن بيع وعرف الثمن، لأن العرض في الفاسدة لم يزل على ملك ربه فإن بيع ولم يعرف ثمن كل اعتبر قيمة كل وقت البيع. وهذا معنى قوله: (وإلا) بأن فسدت (فيوم البيع): أي فتعتبر قيمته يوم البيع حصل خلط أو لا؛ لأنه وقت الفوات. وهذا ظاهر فيما إذا بيع فإن لم يبع أخذ كل عرضه. وفيما إذا لم يعلم ثمن ما بيع به فإن علم أخذ ثمن عرضه المعلوم. (كالطعامين): فإنها فاسدة كما يأتي وتعتبر فيهما القيمة يوم البيع إن بيع (قبل الخلط) ولم يعلم الثمن الذي بيع به، فإن بيع بعد الخلط اعتبرت القيمة فيهما يوم الخلط، لأنه وقت الفوات وفض الربح على القيم وكذا الخسر.

(لا) تصح الشركة (بذهب) من جانب (وبورق) من الجانب الآخر ولو عجل كل منهما ما أخرجه لصاحبه لاجتماع الشركة والصرف " فإن عملا فلكل رأس ماله الذي أخرجه ويفض الربح لكل عشرة دنانير دينار مثلاً، ولكل عشرة دراهم درهم.

(ولا تصح بطعامين) اختلفا جنساً أو صفة بل (وإن اتفقا) قدراً وصفة، خلافاً لابن القاسم في جواز المتفقين. وعللوه ببيع الطعام قبل قبضه لأن كل واحد منهما باع نصف طعامه بنصف طعام الآخر ولم يحصل قبض لبقاء يد كل واحد على ما باع. فإذا باعا لأجنبي كان كل منهما بائعاً لطعام المعاوضة قبل قبضه من بائعه.

ولما قدم أن الشركة تلزم بالعقد، فليس لأحدهما المفاضلة دون الآخر قبل النضوض، بين أن الضمان إذا تلف أحد المالين أو بعضه لا يحصل إلا بخلطهما ولو حكماً بقوله: (وما تلف) من مال الشركة (قبل الخلط) الحقيقي (ولو) الخلط (الحكمي فمن ربه) دون صاحبه؛ أي لا يتوقف الضمان منه

ــ

والمعنى أننا ننظر للعين مع قيمة العرض كما وضحه بالتفريع بعد.

قوله: [إن صحت الشركة] قيد في اعتبار القيمة يوم العقد بالنسبة للعرض مع العين أو العرضين.

قوله: [كما لو وقعت على التفاضل في الربح]: كما لو تساويا في المال وشرط لأحدهما ثلثا الربح.

وقوله: [أو العمل]: أي كما تساويا في المال والربح جعل على أحدهما ثلثا العمل.

قوله: [ما بيع به عرضه]: ما قاله الشارح مفروض في العرضين فقط. وأما الصورة الأولى - وهي عين من جانب وعرض من آخر - فيقال فيها: إذا فسدت إن اطلع على ذلك قبل التصرف في العرض والعين كان لهذا عينه ولهذا عرضه، وإن تصرف في العين والعرض بشيء آخر، فإن علم ما لكل فهو له، وإن جهل؛ نظر لقيمة العرض يوم البيع، وأخذ من هذا العرض لصاحب العرض بقدرها ولمثل الدراهم يوم البيع، وأخذ له بقدرها ويفض الربح أو الخسر عليهما على حسب كل، فتأمل.

قوله: [وفيما إذا لم يعلم] إلخ: المناسب تقديمه على قوله: "فإن لم يبع" إلخ. بأن يقول: وهذا ظاهر فيما إذا بيع ولم يعلم ثمن ما بيع به فإن لم يبع إلخ.

قوله: [كالطعامين]: تشبيه في الفاسد لا غير فإنها في الطعامين فاسدة على كل حال لقوله الآتي: "ولا تصح بطعامين" إلخ.

قوله: [اعتبرت القيمة فيهما يوم الخلط]: قال الناصر اللقاني: الفرق بين خلط الطعامين وخلط العرضين أن خلط العرضين لا يفيتهما لتميز كل واحد منهما، بخلاف خلط الطعامين فيفيتهما لعدم تميز أحدهما من الآخر فهو بمنزلة بيع العرضين في الفوات انتهى. وانظر: إذا لم يعلم يوم البيع في فاسد العرض والطعام حيث لم يحصل خلط أو جهل يوم الخلط ما الحكم؟ قال (شب): والظاهر أنه يعتبر يوم القبض كما هو قاعدة البيع الفاسد - وانظر إذا لم يعلم يوم القبض.

قوله: [لاجتماع الشركة والصرف]: فالشركة - من جهة - بيع كل منهما بعض ماله ببعض مال الآخر بقطع النظر عن كون أحد المالين ذهباً والآخر فضة، والصرف - من جهة - بيع أحدهما بمال الآخر منظور فيه لخصوص كون أحد المالين ذهباً والآخر فضة؛ فآل الأمر إلى أن بيع الذهب بالفضة هو الشركة والصرف لكنهما مختلفان بالاعتبار كما علمت. قال ابن عبد السلام: احتجاجه في المدونة على المنع بهذا التعليل غير بين؛ لأن العقود المتضمنة للشركة إنما يمنع من صحتها إن كانت تلك العقود خارجة عن الشركة، فإن كانت غير خارجة عنها لم تكن مانعة. وأجيب: بأن هذا في العقود المغايرة للصرف، وأما هو فمتى انضم للشركة اقتضى منعها، وإن كان غير خارج عنها لضيقه وشدته اهـ. ملخصاً من (بن).

قوله: [لبقاء يد كل واحد على ما باع]: أي لأن كل واحد صار شريكاً فيما قبضه من صاحبه وفيما دفعه له، فيد كل جائلة في مال كل، ولو حاز كل بالخصوص حصة الآخر فلا يعد ذلك الحوز قبضاً لنفسه، بل كل قابض لنفسه ولشريكه.

قوله: [ولو الخلط الحكمي]: هذا قول ابن القاسم. ورد المصنف ب "لو" على قول غيره في المدونة: لا يكون الخلط إلا بخلط المالين حساً.

قوله: [منه]: أي من رب التالف، المعنى أن: رب التالف يستمر الضمان عليه وحده ما دام لم يحصل خلط حقيقي ولا حكمي، فإن حصل الحقيقي أو الحكمي كان الضمان عليهما

<<  <  ج: ص:  >  >>