للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و) له أن (يقر بدين) عليه من مال الشركة (لمن لا يتهم عليه)، ويلزم شريكه الآخر، لا لمن يتهم عليه؛ كابن وزوجة وصديق ملاطف فلا يلزم صاحبه.

(و) له أن (يبيع) سلعة من مال الشركة (بدين): أي بثمن لأجل معلوم.

(لا) يجوز له (الشراء به): أي بالدين؛ لأنه إذا اشترى سلعة [١] بدين في ذمته للشركة من غير إذن شريكه، لم يكن لصاحبه شيء من ربحها ولا عليه شيء من خسارتها؛ لأنهما من شركة الذمم وهي لا تجوز، لئلا يأكل شريكه ربح ما لم يضمن أو يغرم ما ليس عليه، لأن ضمان الدين من المشتري وحده. فإن أذن له في سلعة معينة جاز؛ لأنه صار بالإذن له وكيلاً عنه فيما يخصه، فكانا بمنزلة رجلين اشتريا سلعة بينهما بدين فإنه جائز قطعاً. ثم إن اشترط البائع ضمان كل عن صاحبه جاز له أخذ الثمن من أيهما شاء، وإن لم يشترط لم يلزم كل واحد منهما إلا ما يخصه، وقد تقدم هذا. فعلم أن محل المنع إذا اشترى أحد الشريكين بدين في ذمته بلا إذن صاحبه. وأصله للخمي، لكنه قيد المنع بما إذا طال الأجل لا إن كان كاليومين والثلاثة لأنه من ضرورات البيع والشراء، وإذا منع لطول الأجل فصاحبه له الخيار في القبول والرد؛ فإن رد اتبع المشتري خاصة بالثمن وعبارته في التبصرة: ولا يشتري بثمن مؤجل، فإن فعل وكان بغير إذن شريكه فالشريك بالخيار بين الرد والقبول فيكون الثمن على المشتري خاصة، ثم قال: ويجوز لأحد الشريكين أن يشتري ما لا يكون ثمنه معه على النقد بعد اليومين والثلاثة، وهذا مما لا بد منه، ثم الذي مشى عليه ابن الحاجب: أنه يجوز له البيع والشراء بالدين أي نظراً لأن المفاوضة إذن بالشراء مطلقاً وإن لم يصرح بالإذن عند الشراء، وهو قول ابن رشد. وظاهر المدونة في قولها: وما ابتاع أحد المتفاوضين من بيع صحيح أو فاسد لزم الآخر ويتبع البائع بالثمن أو القيمة في فوت الفاسد أيهما اهـ. وهو شامل للشراء بالنقد وبالدين، وإنما يظهر التعليل بشركة الذمم في شركة العنان لا المفاوضة.

وأصل شركة الذمم الممنوعة عند مالك وأصحابه: أن يتفق اثنان مثلاً على أن كل من اشترى منهما سلعة بدين يكون الآخر شريكاً له فيها (واستبد): أي استقل (آخذ قراض) من أحد الشريكين: أي آخذ مال من أحد ليعمل فيه قراضاً بالربح الذي جعله له رب المال وأخذه بإذن شريكه؛ لأن مال القراض خارج عن الشركة. ويجوز إن أذن له شريكه

ــ

ليرد عليه لجواز أن يكون له حجة، ولا يخفى ما في كلام الشارح من الإجمال، وقد علمت تفصيله تأمل.

قوله: [وله أن يقر بدين]: أي في حال المفاوضة قبل التفرق وقبل موت شريكه، وأما إن أقر بعد تفرق أو موت فهو شاهد في غير نصيبه.

قوله: [فلا يلزم صاحبه]: أي وأما هو فيؤخذ به في ذمته مفهوم بدين أنه لو أقر أن هذه السلعة ليست من سلع التجارة، بل وديعة لفلان فإنه يصدق بالأولى من الإقرار بالدين، وهذا واضح إذا شهدت بينة بأصل الوديعة وإلا كان تعيينه للوديعة كإقراره بها، وحكمه أنه يكون شاهداً سواء حصل تفرق أو موت أو لا.

قوله: [بدين] إلخ: فإن باع بالدين وفلس المشتري، أو مات بعدما ضاع الثمن عليهما معاً لا على البائع وحده، لأنه فعل ابتداء ما يسوغ له.

قوله: [لأنهما من شركة الذمم]: هكذا في نسخة المؤلف، والمناسب: " لأنها " وهي عبارة الأصل.

قوله: [لئلا يأكل شريكه] إلخ: هذا راجع للأولى التي هي الربح.

وقوله: [أو يغرم ما ليس عليه]: إلخ راجع للثانية التي هي الخسارة.

قوله: [وقد تقدم هذا]: أي في باب الضمان.

قوله: [وأصله للخمي] إلخ: قصد بهذه العبارة التورك على المتن، حيث مشى على كلام اللخمي ولم يذكر تقييده.

قوله: [وإذا منع لطول الأجل]: أي إذا قلتم بحرمة قدوم الشريك على الشراء بالدين مع طول الأجل فصاحبه له الخيار.

قوله: [وعبارته]: أي اللخمي لأن التبصرة له.

وحاصل ما ذكره الشارح أن أحد شريكي المفاوضة إذا اشترى بالدين، فإما أن يكون بإذن شريكه أو لا، وفي كل: إما أن تكون السلعة معينة أو لا، فإن كان بغير إذن شريكه فالمنع وربحها له وخسرها عليه، إن لم يكن الأجل قريباً كاليومين ولم يحصل من الشريك الآخر إجازة بعد، وإن كان بإذنه جاز إن كانت السلعة معينة وإلا منع، وهذا خلاف ما مشى عليه ابن الحاجب وابن شاس، واختاره ابن عرفة من جواز شراء أحد الشريكين بالدين إذ لا بد للناس من ذلك، وحينئذ فلا فرق بين البيع بالدين والشراء به في شركة المفاوضة، وإنما شركة الذمم الممنوعة مخصوصة بشركة العيان. وأصلها عند مالك وأصحابه أن يتفق اثنان على أن كل من اشترى منهما سلعة بدين يكون الآخر شريكاً له فيها، وقد أفاد (بن) أن هذا الأخير هو الحق.

قوله: [وأصل شركة] إلخ: إنما فسدت لأنها من باب تحمل عني وأتحمل عنك، وهو ضمان بجعل وأسلفني وأسلفك وهو سلف جر منفعة.

تنبيه: لا يجوز لشريك المفاوضة كتابة لعبيد للتجارة، ولا عتق على مال يتعجله من العبد ولو أكثر من قيمته لأن له أخذه منه مجاناً، وأما من أجنبي فإن كان قدر القيمة فأكثر جاز كبيعه، ولا يجوز له أيضاً إذن لعبد من عبيد الشركة في تجارة لما فيه من رفع الحجر عنه.

قوله: [أي آخذ مال]: فيه إشارة إلى أن المراد بالقراض المال.

وقوله: [ليعمل فيه قراضاً]: أي تجراً لأن القراض


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>