للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وللأب والأم وغيرهما مطلقاً ولو أراد سفراً مع إمكان الرد (إلا لعذر حدث) بعد الإيداع للمودع بالفتح، كهدم الدار وطرو جار سوء أو ظالم و (كسفر) أراده (وعجز عن الرد) لربها لغيبته أو سجنه، فيجوز الإيداع لغير الزوجة والأمة المعتادين ولا ضمان إن تلفت واحترز بقوله: "حدث" عما إذا كان حاصلاً قبل الإيداع وعلم ربها به فليس له إيداعها وإلا ضمن فإن لم يعلم ربها بالعذر فليس للمودع قبولها فإن قبلها وضاعت ضمن مطلقاً أودعها أو لا (ولا يصدق) المودع بالفتح (في العذر) إن أودعها وضاعت وادعى أنه إنما أودعها لعذر (إلا ببينة) تشهد له (بالعذر): أي بعلمهم به لا بقوله: اشهدوا أني أودعتها لعذر من غيرها به (وعليه استرجاعها) وجوباً (إن) زال العذر المسوغ لإيداعها أو (نوى الإياب): أي الرجوع من سفره عند إرادته ثم رجع فإن لم يسترجعها ضمن. فإن لم ينو الإياب بأن نوى الإقامة أو لم ينو شيئاً، ثم رجع لم يجب عليه استرجاعها ولا ضمان عليه.

(و) تضمن (بإرسالها) لربها (بلا إذن) منه فضاعت أو تلفت من الرسول، وكذا لو ذهب هو بها لربها بلا إذن فضاعت منه.

(كأن ادعى الإذن ولم يثبته) فيضمن والقول قول ربها إنه لم يأذن (إن حلف ربها: ما أذنت) فإن نكل، حلف المودع أنه إنما أرسلها له لكونه أذن له، فإن نكل ضمن وهذا معنى قوله: (وإلا) يحلف ربها (حلف) المودع بالفتح (وبرئ وإلا) يحلف بل نكل كما نكل ربها (غرم ولا يرجع) المودع بالفتح (على) الرسول (القابض) لها منه (إن تحقق الإذن) له من ربها وادعى عدمه عناداً منه.

(و) تضمن (بجحدها) من المودع عند طلبها بأن قال لربها لم تودعني شيئاً، ثم اعترف وأقام عليه ربها بينة بالإيداع (ثم أقام) المودع بالفتح (بينة على الرد): أي ردها لربها (أو) على (الإتلاف) لها بلا تفريط، وإنما ضمن؛ لأنه أكذبها أولاً بجحده قياساً على ما تقدم في الدين وقيل: لا يضمن؛ لأنه أمين، وقد ذكر الشيخ الخلاف، فهما قولان مشهوران مثل [١] الوديعة في الخلاف الإبضاع والقراض. وقولنا: "أو الإتلاف" زدناه عليه وقد نص عليه في التوضيح وأن الخلاف جار فيهما معاً نعم هناك قول ثالث بالتفصيل وهو: قبول بينة في الضياع دون الرد ولكنه ضعيف، إلا أن الذي في المواق أن المشهور قبول بينته على ضياعها أو ردها بعد إقراره.

ــ

الرد وهذا هو المعول عليه.

قوله: [وغيرهما مطلقاً]: أي اعتيد أم لا.

قوله: [من غيرها به] فيه حذف مضاف تقديره من غير علمها به، والمعنى: من غير علمها بالعذر، فالضمير في "به" يعود على العذر.

قوله: [إن زال العذر] إلخ: حاصل كلام المصنف: أن المودع بالفتح إذا أودع لعورة حدثت أو طرو سفر وجب عليه استرجاعها إذا رجع من سفره أو زالت العورة. ومحل وجوب ذلك عند رجوعه من السفر إن كان قد نوى الإياب منه، فإن لم يكن نوى الإياب عند سفره ندب له إرجاعها فقط إذا رجع، والقول له أنه لم ينوه فلا يضمن إذا لم يرجعها وهلكت، إلا أن يغلب الإياب من ذلك السفر وإلا لم يقبل.

قوله: [فإن لم يسترجعها ضمن]: فلو طلبها المودع بالفتح ممن هي عنده وامتنع من دفعها له فينبغي القضاء بدفعها، له فإن حصل تنازع في نية الإياب وعدمها فالظاهر أنه ينظر إلى سفره، فإن كان الغالب فيه الإياب فالقول قول المودع الأول فيقضى له بأخذها، وإن كان الغالب فيها عدمه أو استوى الأمران كان القول قول المودع الثاني فلا يقضى على الأول بأخذها، وحينئذ فلا يضمنها في تلك الحالة وصارت متعلقة بالثاني.

قوله: [وتضمن بإرسالها]: يستثنى من كلامه من أودعت معه وديعة يوصلها لبلد فعرضت له إقامة طويلة في الطريق كالسنة فله أن يبعثها مع غيره ولا ضمان عليه إذا تلفت؛ لأن بعثها في هذه الحالة واجب ويضمنها إن حبسها، وأما إن كانت الإقامة التي عرضت له قصيرة كالأيام فالواجب إبقاؤها معه، فإن بعثها ضمنها إن تلفت، فإن كانت الإقامة متوسطة كالشهرين خير في إرسالها وإبقائها ولا ضمان عليه في كل حال، هذا ما ارتضاه ابن رشد كما في (ح) كذا في (بن).

قوله: [وكذا لو ذهب هو بها لربها]: مثل ذهابه بها في الضمان وصي رب المال يبعث المال للورثة أو يسافر هو به إليهم من غير إذنهم، فإنه يضمن إذا ضاع كما نص عليه في التوضيح والمدونة، خلافاً لما في كبير الخرشي من عدم الضمان. وكذا القاضي يبعث المال لمستحقه من ورثة أو غيرهم بغير إذنه عند ابن القاسم، خلافاً لقول أصبغ بعدم ضمانه، وإن مشى عليه غير واحد كذا في (عب).

قوله: [إن تحقق الإذن]: هذا الشرط لا يعتبر مفهومه إلا إذا كان الرسول من عند المودع بالكسر تأمل.

قوله: [ثم أقام المودع بالفتح]: أي بينة فقد حذف المفعول.

قوله: [نعم هناك قول ثالث]: قال (بن): وقد جمع في التوضيح بينة الرد وبينة التلف وحكى فيهما الخلاف ونصه، وقد حكى صاحب البيان في باب الصلح وابن زرقون في باب القراض فيمن أنكر أمانة، ثم ادعى ضياعها أو ردها لما قامت عليه البينة ثلاثة أقوال:

الأول لمالك من سماع ابن القاسم يقبل قوله فيهما.

والثاني لمالك أيضاً لا يقبل قوله فيهما.

والثالث لابن القاسم يقبل قوله في الضياع دون الرد. قال المواق عقبه: المشهور أنه إذا أقام بينة على ضياعها أو ردها فإن تلك البينة تنفعه بعد إقراره. اهـ. وعلى المشهور الآخر جرى


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ومثل).

<<  <  ج: ص:  >  >>