للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معمول لقوله: "ضمن" (ولو بغلاء) فإذا غصبه وهو يساوي عشرة وحين التضمين كان يساوي خمسة أو عكسه أخذ بمثله ولا ينظر للسعر الواقع (و) لو انقطع المثلي كفاكهة وغصبها في إبانها ثم انعدمت (صبر) وجوباً ويقضي عليه به (لوجوده) في القابل (و) صبر (لبلده) أي للبلد التي غصبه فيها [١] فيوفيه مثله فيها إذا لم يكن المغصوب مع الغاصب بل (ولو صاحبه الغاصب) بأن كان الشيء المغصوب مع الغاصب في غير بلد الغصب؛ لأن نقله لبلد آخر فوت يوجب رد المثل لا عينه (وله أخذ الثمن) أي ثمن المثلي من الغاصب في تلك [٢] البلد (إن عجل) دفع الثمن وإلا منع لما فيه من فسخ دين في دين، وليس له أخذ عين شيئه حيث وجده معه؛ لأنه قد فات بنقله، فليس له إلا مثله في بلد الغصب إذا لم يرض الغاصب بدفعه له: ورد بـ "لو" قول أشهب: بأن ربه يخير في أخذه وفي الصبر لبلد الغصب إذا وجده معه، وظاهر ما لابن القاسم: أن نقله لبلد مفوت ولو لم يكن فيه كلفة، بأن كان شيئاً خفيفاً كالعين. قال الخرشي: واعلم أن هنا أمرين، الأول: أن النقل في المثلي فوت وإن لم يكن فيه كلفة، وأما في المقوم فإنما يكون فوتاً إذا احتاج لكبير حمل كما يأتي، وعلى هذا فالمغصوب مخالف للمبيع بيعاً فاسداً؛ إذ المبيع بيعاً فاسداً إنما يفوت بنقل فيه كلفة سواء كان مثلياً أو مقوماً.

الثاني: أن فوت المثلي يوجب غرم مثله، وفوت المقوم لا يوجب غرم قيمته بل يوجب التخيير انتهى. وإذا أوجب فوت المثلي غرم المثل، فليس لرب المغصوب أن يلزم الغاصب رد مال صاحبه في غير بلد الغصب إلى بلده كما صرح به المصنف بقوله: "ولا رده" فهو معلوم مما قبله التزاماً وليس بتكرار كما قيل.

(و) له (المنع منه): أي منع الغاصب من المغصوب أي من التصرف فيه ببيع أو غيره إذا وجده معه ببلد آخر وإن كان ليس له أخذه لفواته (للتوثق): علة للمنع أي له منعه من التصرف فيه لأجل أن يتوثق منه (بكرهن): يأخذه منه. وأدخلت الكاف: الحميل، خشية أن يضيع حق ربه. ومثله المقوم حيث احتاج لكبير حمل ولم يأخذه بل اختار أخذ قيمته. وإذا منعه للتوثق فتصرفه فيه مردود. ويؤخذ منه أنه لا يجوز لمن وهب له قبوله ولا التصرف فيه بأكل أو غيره حتى يعطي لصاحبه المثل أو القيمة ومنه يؤخذ منع الأكل من مغصوب فات، ولزم الغاصب قيمته أو مثله حيث علم أنه لا يرد القيمة أو المثل لربه، قال بعضهم: بل ولو علم أنه يردها حتى يرد بالفعل وبه جزم بعضهم؛ ومقتضى ما لابن القاسم والمدونة الجواز ورجح وقد قدمناه وعليه فالورع تركه.

ثم انتقل يتكلم على ما يفوت المغصوب فقال: (وفات) المثلي وكذا المقوم (بتغير ذاته) عند الغاصب بهزال أو عرج أو عور ونحوها، فأولى ذهاب عينه بموت أو أكل أو شرب أو ضياع ولو بسماوي كما تقدم. (ونقله) لبلد ولو لم ويكن فيه كلفة إن كان مثلياً ومع الكلفة إن كان مقوماً.

ــ

المساكين، فتصدق به وقال اشهدوا أني تصدقت به عن نفسي أو عن رجل آخر فلا شيء عليه عند أشهب. والصدقة عنك؛ لأنه كالآلة لا تعتبر نيته، ولو قلت: سد حوضي وصب فيه راوية، فصبها قبل السد، ضمن؛ لأنك لم تأذن له في الصب إلا بعد السد، والصب قبله غير مأذون فيه اهـ. (شب).

قوله: [معمول لقوله ضمن]: أي ضمن بالاستيلاء المثلي إذا تعيب أو تلف بمثله، وقيدنا بقولنا: إذا تعيب أو تلف، احترازاً عما لو كان المثلي المغصوب موجوداً ببلد الغصب وأراد ربه أخذه وأراد الغاصب إعطاء مثله، فلربه أخذه؛ لأنه أحق بعين شيئه، وإن كانت المثليات لا تراد لأعيانها لكن اتفقوا على أن المثليات تتعين بالنسبة لمن كان ماله حراماً، فمتى تمكن من عين شيئه أخذه وجوباً.

قوله: [لأن نقله لبلد آخر فوت]: أي وإن لم يكن فيه كلفة كما يأتي.

قوله: [إذا لم يرض الغاصب]: أي فلا يكون إلا بتراضيهما.

قوله: [إن نقله لبلد] أي أخرى.

قوله: [واعلم أن هنا أمرين] إلخ: الفرق بين المقوم والمثلي: أن المثلي لما كان مثله يقوم مقامه اكتفى فيه بأدنى مفوت، بخلاف المقوم يراد لعينه فلا يفوت إلا بنقل فيه كلفة.

قوله: [بل يوجب التخيير]: أي بين أن يأخذ قيمته أو يضمنه المغصوب كذا في الحاشية.

قوله: [وله المنع منه]: أي أن الحاكم يجب عليه إذا رفعت له الحادثة أن يمنع الغاصب من التصرف في المثلي ببيع أو غيره حتى يتوثق منه برهن أو حميل.

قوله: [بأكل أو غيره]: أي كبيع أو هبة.

قوله: [الجواز ورجح]: أي كما لابن ناجي تبعاً لصاحب المعيار؛ لأن دفع القيمة واجب مستقل، واعتمد هذا أيضاً في الحاشية، خلافاً لفتوى الناصر والقرافي وصاحب المدخل من المنع إذا علم أن الغاصب لا يدفع قيمة. لكن محل قول ابن القاسم: ما لم يكن ذلك الغاصب مستغرقاً للذمم وجميع ما بيده أصلها أموال الناس، وإلا فلا يجوز الأكل من طعامه ولا قبول هداياه بإجماع ابن القاسم وغيره كما تقدم لنا ذلك في الحجر نقلاً عن أهل المذهب.

قوله: [فالورع تركه]: أي؛ لأنه من الشبهات والورع ترك الشبهات خوف الوقوع في المحرمات.

قوله: [ونحوها]: أي كالطحن في المثليات


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (التي غصبه فيها) في ط المعارف: (الذي غصبه فيه).
[٢] في ط المعارف: (هذا).

<<  <  ج: ص:  >  >>