للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ودخول صنعة فيه): أي في المغصوب (كنقرة): أي قطعة من ذهب أو فضة ونحاس أو حديد (صيغت) حلياً أو آنية (وطين لبن) بضم اللام وتشديد الموحدة بالكسر أي جعل لبناً بكسر الموحدة وأولى البناء به (وقمح) مثلاً (طحن) ودقيق عجن وعجين خبز، فإنه فوات هنا. بخلافه في الربويات فلم يجعلوه ناقلاً، فمنعوا التفاضل بينهما كما تقدم احتياطاً للربا، وهنا احتاطوا للغاصب فلم يضيعوا كلفة فعله عليه وهو -وإن ظلم- لا يظلم: وقال أشهب: إنه لا ينقل هنا كالربويات والظالم أحق بالحمل عليه (وحب بذر) وهو المراد بقوله "زرع".

ومتى حصل فوات فليس لربه أخذه إن كان مثلياً، بل يتعين أخذ مثله إلا برضا الغاصب، وإن كان مقوماً خير ربه بين أخذه أو أخذ القيمة يوم الغصب كما تقدم (وبيض أفرخ) بعد غصبه، فلربه مثل البيض لا الفراخ (إلا) إن غصب (ما) أي طيراً (بأرض) عند الغاصب ثم أفرخ (إن حضن) الطير المغصوب بيض نفسه فالطير وفراخه لربها وأولى إن غصب الطير وبيضه (وعصير تخمر) بعد غصبه فلربه مثل العصير لفواته بالتخمير: (وإن تخلل) العصير عند الغاصب (خير) ربه في أخذه خلاً أو مثل عصيره إن علم قدره، وإلا فقيمته؛ لأن المثلي الجزاف يضمن بالقيمة إذا فات: فالنقرة إذا فاتت بالصياغة والطين إذا لبن ونحوهما - إذا لم يعلم قدرهما - فإنه يرجع للقيمة، ولا يرجع للمثل إلا إذا علم القدر وزناً وكيلاً أو عدداً والطين مما يعلم قدره بالكيل بنحو قفة.

(وقيمة المقوم) عطف على "مثل المثلي": أي وضمن قيمة المقوم من عرض أو حيوان (و) قيمة (ما ألحق به): أي بالمقوم من المثليات إذا فات عند الغاصب (كغزل وحلي وآنية) من معدن، فإنها إذا فاتت بنسج ونحوه أو بكسر أو صياغة أخرى. وأولى إن ضاعت ذاتها فإنه لا يأخذ مثلها بل يأخذ قيمتها يوم غصبها (وإن) كان المغصوب (جلد ميتة لم يدبغ) وأولى إن دبغ (أو) كان (كلباً مأذونا فيه)، ولا يلزم من عدم جواز بيع ما ذكر عدم أخذ القيمة بل تتعين فيها القيمة قياساً على الغرة في الجنين، إن كان لا يجوز بيع الجنين، وأما الكلب غير المأذون فيه فلا قيمة له ومثل الغاصب من أتلفها [١] أو عينها [٢] ولو خطأ فإنه يضمن والعمد والخطأ في أموال الناس سواء.

(وخير ربه): أي رب الشيء المغصوب إذا كان أرضاً (إن بنى) الغاصب عليها

ــ

وسيذكر أمثلة ذلك بعد.

قوله: [ودخول صنعة]: عطف خاص بالنسبة لقوله بتغير ذاته.

قوله: [حلياً أو آنية]: أي أو ضربت دراهم.

قوله: [وقال أشهب] إلخ: كلامه وإن كان وجيهاً غير معول عليه والمعول عليه الأول.

قوله: [وحب بذر]: البذر إلقاء الحب على الأرض فمتى حصل وإن لم يغطه طين الأرض كان مفوتاً.

قوله: [إلا برضا الغاصب]: أي إن أمكن ذلك، وأما مثل بذر الحب فلا يتأتى فيه ذلك.

قوله: [وإن مقوماً]: حذف كان مع اسمها وأبقى خبرها وهو جائز لقول ابن مالك:

ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيراً ذا اشتهر

قوله: [وبيض أفرخ بعد غصبه]: يعني أن من غصب بيضاً فحضنته دجاجة وأفرخ فعليه مثل البيض لربه والفراخ للغاصب لفوات البيض بخروج الفراخ منه.

قوله: [فالطير وفراخه لربها]: أي فلا يعد إفراخ بيضه مفوتاً لتبعته للطير والطير لم يفت.

قوله: [وأولى إن غصب الطير وبيضه]: أي وأفرخ ذلك البيض عنده بسبب حضن الطير له فالأم والفراخ لربه وكذا إذا غصب من شخص. دجاجة وبيضاً ليس منها وحضنته تحتها، فإن الأم والفراخ لربها وعليه أجرة المثل للغاصب، فإن كانا لشخصين فلرب البيض مثله وترجع الدجاجة لربها ويلزم الغاصب كراء مثلها في حضنها والفراخ للغاصب.

فرع: لو مات حيوان حامل فأخرج رجل ما في بطنه من الحمل وعاش فالولد لرب الحيوان وعليه أجرة علاج المخرج كما في (عب).

قوله: [وإن تخلل العصير] إلخ: أي ابتداء أو بعد تخمره.

قوله: [خير ربه]: أي سواء كان مسلماً أو ذمياً.

قوله: [بل يأخذ قيمتها يوم غصبها]: أي؛ لأن المثلي إذا دخلته صنعة لزمت فيه القيمة فقولهم المثلي ما حصره كيل أو وزن أو عد ولم تتفاوت أفراده يقيد بما إذا لم يكن أصله مثلياً ودخلته صنعة، فإن كان كذلك فهو مقوم.

قوله: [وإن كان المغصوب جلد ميتة]: رد بالمبالغة على قول المبسوط إنه لا شيء عليه فيه وإن دبغ؛ لأنه لا يجوز بيعه كذا في (بن).

قوله: [مأذوناً فيه]: أي في اتخاذه ككلب الصيد أو الماشية أو الحراثة وفوته على أربابه بقتل وما في معناه فيلزمه قيمته، ولو كان قتل الغاصب له بسبب عدائه عليه ولو لم يقدر على دفعه عنه إلا بالقتل لظلمه بغصبه، فهو المسلط له على نفسه، والظالم أحق بالحمل عليه.

قوله: [قياساً على الغرة]: أي على القضاء بأخذ الغرة وهي عشر دية الأم أو عبد أو وليدة تساويه.

قوله: [وإن كان لا يجوز بيع الجنين]: إظهار في محل الإضمار.

قوله: [من أتلفها أو عيبها]: أي هذه المذكورات المتقدمة، لكن في الإتلاف يلزم القيمة بتمامها إن كان مقوماً، والمثل إن كان مثلياً وفي التعييب يلزم الأرش بأن ينظر


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (أتلها).
[٢] في ط المعارف: (عيبها)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>