للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الثلاثة.

ثم بين أن المتعدي يضمن قيمة السلعة في الفساد الكثير إن شاء مالكها دون اليسير فإنه يضمن نقصها فقط بقوله: (وإن أفات) المتعدي بتعديه (المقصود) من الشيء الذي تعدى عليه عمداً أو خطأ (كقطع ذنب دابة ذي هيئة [١]): أي حشمة ووقار كأمير وقاض. و "دابة " مضاف لذي مروءة والمراد: أن تكون لذي الهيئات، وإن لم يكن ربها في ذلك الوقت ذا هيئة، فقطع ذنبها مفيت للمقصود منها؛ إذ بعد قطعه لا يركبها ذو هيئة: بخلاف قطع ذنب غيرها مما لا يركبها ذو هيئة أو مما لا تركب كبقرة أو قطع بعضه أو نتف شعره فإنه لا يفيت المقصود، فيكون من اليسير الذي فيه أرش النقص (أو) قطع (أذنها أو) قطع (طيلسانه) مثلث اللام: ما يلقى على الرأس والكتف (و) قطع (لبن شاة وبقر هو المقصود) منها كما هو شأن بقر مصر فإن المقصود منها اللبن. (وقلع عيني عبد أو يديه) معاً (أو رجله): فإنه يفيت المقصود فيثبت لربه الخيار.

(فله أخذه ونقصه): يصح رفعه على تقدير المضاف: أي وأخذ أرش نقصه، ونصبه على أنه مفعول معه: أي مع أخذ أرش نقصه (أو قيمته) بالرفع: أي أخذ قيمته، ويصح الجر بالعطف على الضمير المضاف إليه على قلة: أي يخير بين أخذه مع أرش نقصه وتركه للمتعدي وأخذ قيمته يوم التعدي.

(وإن لم يفته): أي المقصود منه (فنقصه) فقط: أي يتعين أخذ ما ينقصه وليس له تركه للمتعدي وأخذ قيمته.

(كيد عبد أو عينه): وأولى أصبع أو عرج ونحو ذلك.

(ورفا) المتعدي (الثوب مطلقاً) في العمد والخطأ، أفات المقصود منه حيث أراد ربه أخذه ونقصه أم لم يفته، ثم ينظر إلى أرش النقص بعد رفوه.

(وعليه): أي الجاني على الحر والعبد خطأ - وليس فيه مال مقرر شرعاً - أو عمداً لا قصاص فيه ولا مال (أجرة الطبيب): وهذا أحد قولين، والثاني: لا يلزمه أجرته. وأما ما فيه مقرر شرعاً كالجائفة

ــ

عبد الحق فالتسوية بينهما بجعل زيادة الحمل كزيادة المسافة ومشى عليه في الأصل والمعول عليه ما هنا.

قوله: [في الثلاثة]: هي سلامتها فيما إذا زاد ما تعطب به أو زاد ما لا تعطب به عطبت أم لا، ويدخل تحت قوله: "أم لا" صورة أخرى وهي التعييب؛ فتكون الصور أربعاً كما تقدم له تفصيل ذلك في العارية، وسكت عن صورة سادسة: وهي ما إذا زاد ما تعطب به وتعيبت، وتقدم له أن الأكثر من كراء الزائد وأرش العيب.

قوله: [مما لا يركبها ذو هيئة]: أي ولو كانت عند ذي هيئة فالعبرة بذات الدابة.

قوله: [أو قطع بعضه]: أي بحيث لا يزول جمالها به وإلا فهو كقطع الكل.

قوله: [أو قطع أذنها]: أي أذن دابة ذي هيئة.

قوله: [كما هو شأن بقر مصر]: أي الذي يقتنى لخصوص اللبن وإن أريد منه شيء آخر كان حاصلاً غير مقصود.

قوله: [وقلع عيني عبد]: ضمن القلع معنى الإزالة فعطف ما بعده على معموله نظير:

علفتها تبناً وماء بارداً

قوله: [على تقدير المضاف]: مراده بالمضاف الجنس؛ لأن المحذوف مضافان قدرهما الشارح وهما أخذ وأرش، وأصل الكلام: فله أخذه وأخذ أرش نقصه؛ حذف المضاف الأول وأقيم المضاف الثاني مقامه ثم حذف المضاف الثاني، وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه تأمل.

قوله: [على أنه مفعول معه]: أي وعلى كل حال لا بد من تقدير المضاف الذي هو أرش.

قوله: [أو قيمته بالرفع]: أي بالعطف على أخذه.

قوله: [على قلة]: أي لقول ابن مالك:

وعود خافض لدى عطف على ... ضمير خفض لازماً قد جعلا

وليس عندي لازماً إذ قد أتى ... في النظم والنثر الصحيح مثبتا

كقوله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} [النساء: ١] في قراءة الجر، وقول بعض العرب: ما فيها غيره وفرسه بجر فرس عطفاً على الضمير المخفوض بغير، وقول الشاعر:

فاليوم قد جئت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب

بجر الأيام عطفاً على الكاف المجرورة بالباء.

قوله: [وليس له تركه للمتعدي]: أي جبراً، وأما بتراضيهما فجائز.

قوله: [أم لم يفته]: ما ذكره من رفو الثوب مطلقاً هو قول عبد الحق، واعترضه ابن يونس بأنه خلاف ظاهر كلامهم؛ إذ ظاهر كلامهم يقتضي أن الجناية إذا كانت يسيرة لا يلزم الجاني رفو بل أرش النقص فقط.

قوله: [ثم ينظر إلى أرش النقص بعد رفوه]: أي فيأخذه ربه مع أخذه الثوب. والحاصل: أن من تعدى على ثوب شخص فأفسده فساداً كبيراً أو يسيراً وأراد ربه أخذه مع أرش النقص فإنه يلزمه أن يرفوه ولو زاد على قيمته، ثم يأخذه صاحبه بعد الرفو ويأخذ أرش النقص إن حصل نقص بعده. هذا ما قاله الشارح تبعاً لابن عبد الحق، وهو خلاف ما تقدم عن ابن يونس من أن الرفو خاص بالكثير.

قوله: [لا قصاص فيه ولا مال]: أي إما لإتلافه أو لعدم المساواة أو المماثلة في العضو.

قوله: [أجرة الطبيب]: أي وقيمة الدواء، ثم إن برئ على غير شين فلا يلزمه شيء إلا الأدب في العمد وإن برئ على شين غرم النقص وهذا القول هو الراجح.

قوله: [والثاني لا يلزمه أجرته]: أي ولا قيمة الدواء ثم ينظر بعد البرء فإن برئ على شين غرم النقص،


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (هيبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>